واشنطن ــ عمر أحمد
مجلس النواب «الديموقراطي» يتولى مهماته ويستعدّ لمقارعة إدارة بوش

كان يوم أمس يوماً مشهوداً في التاريخ الأميركي حيث سجلت نانسي بيلوسي اسمها كأول امرأة تجلس على منصة مجلس النواب منذ عام 1774 لترأس 435 عضواً يمثلون الشعب الأميركي، معلنة بداية مرحلة جديدة في مسار السياسة الأميركية.
ويشهد الكونغرس الجديد، للمرة الأولى كذلك، دخول عضو ديموقراطي مسلم يؤدي اليمين، واضعاً يده على القرآن، لا الإنجيل، رغم الحملة التي شنت على كيث إليسون بسبب ذلك.
كما شهد الكونغرس دخول أول عضوين ديموقراطيين بوذيين هما ماتسي هيرونو وهاناك جونسون.
وستركز الساعات المئة الأولى من عمل المجلس الجديد، بحسب بيلوسي، على عملية «تطهير الآثام القديمة»، التي ارتكبها الجمهوريون.
وتبدأ فصول هذه المرحلة بحملة لـ«تشديد القواعد الأخلاقية» لعمل النواب، مع الإشارة إلى أن ملف الحرب على العراق ليس مدرجاً على جدول أعمال الساعات المئة الأولى.
وتنوي بيلوسي استثمار الغالبية الديموقراطية في المجلس لتمرير قانون زيادة الأجور، والسماح بإطلاق الأبحاث العلمية على خلايا المنشأ، وخفض فوائد القروض التي تُمنح للطلاب، وذلك كبادرة وفاء بالوعود الانتخابية التي قطعها الديموقراطيون على أنفسهم.
وتحمل بيلوسي، التي تبلغ من العمر 66 عاماً، على عاتقها عبئاً ثقيلاً لإثبات جدارة الديموقراطيين قيادة الكونغرس، واسترداد حزبها عافيته التي فقدها خلال 12 عاماً متواصلة، وذلك بالعمل على تنفيذ وعود الإصلاح والشفافية واستعادة الثقة المفقودة بنواب الشعب.
وأدركت بيلوسي وزعيم الغالبية الديموقراطية ستيني هوير أن إصلاح النظام يتطلب التعامل مع أصحاب حملات الضغط (اللوبي)، فأرسلا إلى النواب إخطارات تحذر من «قبول أي هدايا أو السفر بتذاكر مدفوعة من قبل جماعات الضغط أو استخدام طائرات الشركات».
وتدين بيلوسي بالكاثوليكية، وهي أمّ لخمسة أبناء، وجدّة لخمسة أحفاد، وهي تمثل فرانسيسكو، أكثر المناطق ميلاً إلى اليسار في الولايات المتحدة، بينما يتهمها الجمهوريون بأنها «يسارية محبّة لجمع الضرائب». وقد ردت على هذه الاتهامات بإطلاق الوعود بالتعاون مع الحزب الجمهوري وعدم تهميش دوره في المجلس، لكن جدول الأعمال، الذي قررت العمل على تمريره فى الساعات المئة الأولى، يتناقض تماماً مع موقف الجمهوريين التقليدي.
ورغم سيطرة الديموقراطيين على مجلس النواب، فإن جميع التشريعات التي قد تحاول بيلوسي تمريرها قد تتحطم على صخرة مجلس الشيوخ، الذي يحتل فيه الديموقراطيون الغالبية بفارق مقعدين اثنين فقط، ما يتيح للجمهوريين التلاعب بورقة تعطيل التصويت التي تمثل مصيدة تسلل لا يمكن تجاوزها إلا بالحصول على 60 صوتاً من إجمالى مئة صوت لتعطيل أي مشروع قانون.
وفي الفترة المقبلة، يستعد الديموقراطيون للتصدي لإعلان الرئيس الأميركي جورج بوش عن زيادة عديد القوات الأميركية في العراق، ولعقد جلسات استماع لوزير الدفاع روبرت غيتس حول مسار الحرب، وحول مئة مليار دولار إضافية طلبتها إدارة بوش لتعزيز عملياتها في العراق وأفغانستان.
ومن الصعب أن تنسجم التوجهات الليبرالية لبيلوسي مع «كيمياء» المحافظين، فهي من أشد أنصار حرية الاختيار في ما يتعلق بالإجهاض، كما انها من أنصار التوازن في الميزانية الفيدرالية وتمويل البرامج الاجتماعية والتنموية الحكومية، وإلغاء الإعفاءات الضريبية على الشركات، والإبقاء على ضريبة العقارات.
وتراجعت بيلوسي عن تأييدها لقانون الوطنية الخاص بمكافحة الإرهاب لانتهاكه الحريات المدنية، وعارضت قرار الكونغرس تخويل بوش استخدام القوة العسكرية في العراق، وتقدمت باقتراحات عديدة لوضع جدول زمني للانسحاب من هذا البلد.
ووصفت النائبة الديموقراطية في الكونغرس، ديبي واسرمان شولتز، التي تتأهب لرئاسة لجنة الاعتمادات في مجلس النواب، تلميحات بوش إزاء الديموقراطيين في مقاله الذي نشره الأربعاء في صحيفة «وول ستريت جورنال» بأن حزبها يسعى لتسجيل نقاط سياسية سهلة، بأنها «مهينة».
وقد دأب بوش على رفض مطالب الديموقراطيين بتحديد موعد لسحب القوات الأميركية من العراق.
ووصفت بيلوسي، التي تقول عن نفسها بأنها صاحبة شخصية «قوية جداً، لكن بعيدة عن الحدة»، الغزو الأميركي للعراق بأنه «خطأ»، وهو رأي تشاطرها إياه غالبية الأميركيين. وهي من موقعها، كزعيمة للمعارضة الديموقراطية في مجلس النواب منذ عام 2003، ساهمت في تركيز الحملة الانتخابية للعام 2006 على ملف الحرب التي أدت إلى تراجع شعبية بوش.