غزة ــ رائد لافي
لم يحل اتفاق الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء إسماعيل هنية على استئناف التهدئة الداخلية دون استمرار الاشتباكات والتصفيات الداخلية والتراشق الإعلامي، وامتداد الفتنة إلى الضفة الغربية، وسط حالة تعبئة لا تنبئ بانفراج

تسارعت وتيرة الاتصالات الفلسطينية أمس لاحتواء توسّع دائرة الاقتتال الداخلي، ولا سيما بعد امتداده إلى الضفة الغربية، فعقد الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية اجتماعاً ثانياً خلال أقل من 12 ساعة، بعد قطيعة بين الرجلين منذ إعلان وصول مشاورات تأليف حكومة الوحدة الوطنية إلى طريق مسدود قبل نحو شهرين.
وأطلق مسلحون من “فتح” النار في اتجاه محمود عقل (38 عاماً)، المعروف بانتمائه لحركة “حماس”، في مدينة سلفيت شمال الضفة، وأصابوه بجروح خطرة.
ووفقاً لمصادر في حركة “حماس”، فإن الاعتداءات طاولت عدداً كبيراً من المؤسسات والجمعيات الخيرية التابعة للحركة في مدن سلفيت ونابلس ورام الله وجنين وطولكرم، ما أدى إلى إلحاق أضرار مادية جسيمة بها، وسرقة بعض الأجهزة والمعدات.
وفي قطاع غزة، اغتال مسلحون مجهولون الداعية الإسلامي المعروف ومؤسس جماعة أهل السنة عادل نصار (50 عاماً)، لدى خروجه من أحد المساجد وسط القطاع.
وفي حادثة منفصلة، أصيب خمسة فلسطينيين، بينهم ثلاثة من أفراد القوة التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية، واختطف سادس، في اشتباكات مسلحة بين القوة التنفيذية وعائلة فلسطينية، تتهم القوة بقتل اثنين من أبنائها.
كما قتل وائل غريب (24 عاماً) متأثراً بجروح أصيب بها في جباليا أول من أمس.
وأوضح مصدر أمني أن وائل غريب هو شقيق العميد محمد غريب، الذي قتل أول من أمس خلال اقتحام منزله.
وكان عباس وهنية اتفقا على سحب المسلحين من الشوارع، ونشر قوات الشرطة للحفاظ على القانون والنظام، ووقف الحملات الإعلامية والتحريض، وتشكيل لجنة قضائية مستقلة للتحقيق في الأحداث الدامية التي شهدها القطاع أخيراً.
وقال هنية إنهما اتفقا على تأليف «لجنة الوفاق الوطني للحوار من أجل الاتفاق على حكومة وحدة وطنية، والشروع في تأليف وتفعيل مجلس الأمن القومي برئاسة الرئيس عباس ومشاركة رئيس الوزراء. كما تم التأكيد على رفض مبدأ اللجوء إلى العنف وسيلة لتسوية الخلافات، وإدانة كل من يلجأ إليه، واعتماد الحوار أسلوباً وحيداً».
غير أن لجنة المتابعة العليا للقوى الوطنية والإسلامية استبقت نتائج لجنة التحقيق، وحملت حركة “حماس” مسؤولية الأحداث الدامية في القطاع، الأمر الذي رفضه هنية وحركة “حماس” على حد سواء.
وتواصل التراشق الإعلامي والتهديدات المتبادلة أمس، فأصدرت “فتح” بياناً أعلنت فيه حالة الاستنفار القصوى واعتبار مختلف المستويات القيادية في المناطق والأقاليم والأطر التنظيمية في حالة انعقاد دائم. وحمّلت هنية المسؤولية عن مقتل العقيد محمد غريب، ودعت أنصارها إلى التعامل مع القوة التنفيذية التابعة لحماس بوصفها «قوة معادية».
وحسب حركة «فتح»، فإن «محمد غريب (أبو المجد) احتجز من قبل القتلة حياً، وأعطى إسماعيل هنية التزاماً لعضوي المجلس التشريعي زياد أبو عمرو وجميل المجدلاوي، بأنه حي ومعتقل لدى القوة التنفيذية وسيتم تسليمه، ولكننا وجدناه شهيداً هو وحسين أبو هليل، وقد أثبت تقرير الطبيب الشرعي أنهما أعدما عن قرب، وعليه فإن رئيس الوزراء شخصياً شريك في تحمل المسؤولية».
وفي حدث قد يزيد تعقيد الوضع الداخلي الفلسطيني، أظهرت وثائق أميركية أن إدارة الرئيس الاميركي جورج بوش ستقدم 86.4 مليون دولار لدعم قوات الأمن الموالية للرئيس الفلسطيني، في ما يعكس الاهتمام المتزايد للولايات المتحدة بالصراع على السلطة بين عباس و“حماس”.
وجاء في وثيقة حكومية أميركية، حصلت “رويترز” على نسخة منها، أن الأموال الأميركية ستستخدم “في مساعدة الرئاسة الفلسطينية في الوفاء بالتزامات السلطة الفلسطينية بموجب خريطة الطريق (للسلام) لتفكيك البنية الأساسية للإرهاب وإقامة القانون والنظام في الضفة الغربية وغزة”.
وقالت مصادر مطلعة على الخطة إن الأموال الأميركية ستقدّم لحرس الرئاسة التابع لعباس تدريباً ومعدات غير قاتلة تشمل العربات والزي.