غزة ــ رائد لافي

3 قتلى في اشتباك في غزة والأمن الفلسطيني يشن حملة اعتقالات على نشطاء “حماس” في الضفة


باتت حركتا “فتح” و“حماس” على مشارف مواجهة غير مسبوقة، بعدما أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن القوة التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية “غير شرعية”، وهو ما ردت عليه الحكومة برفع عديد القوة إلى 12 ألف عنصر، وسط تهديدات متبادلة، كان أبرزها من القيادي “الفتحاوي” محمد دحلان، خلال مهرجان جماهيري للحركة في قطاع غزة، ملوّحاً باستخدام القوة ضد “حماس”.
وتوعّد دحلان، خلال كلمة في المهرجان المركزي لـ“فتح” في ملعب اليرموك في مدينة غزة لمناسبة الذكرى الـ 42 لتأسيس الحركة، قادة حركة “حماس” بأنهم لن يكونوا “بمنأى عن قوتنا”، واصفاً “حماس” بأنها “عصابة”.
وقال دحلان: “إذا اعتدي على فتحاوي واحد فسنرد الصاع صاعين”، مضيفاً: “إذا اعتقدت قيادتهم (حماس) أنهم بمنأى عن قوتنا فهم مخطئون. أن يقتلوا في المساء ويأتوا لنا في الصباح. هذه السياسة سيتم تغييرها”.
ثم هتف دحلان، وردد خلفه عشرات الآلاف من أنصار “فتح”: “تحيا فتح..الموت للقتلة”. ورد دحلان على هتافات عشرات آلاف الفتحاويين “شيعة.. شيعة.. شيعة”، في إشارة إلى حركة “حماس”، قائلاً إنهم “ليسوا شيعة، بل قتلة”، لافتاً إلى أنه لن يتحدث في “السياسة، فلا مكان لها اليوم”.
وشدد دحلان على أن رسالة المهرجان هي “رسالة واحدة من رفح إلى جنين: لا تزال أيديكم ممدودة للوحدة الوطنية، ولا تزال بنادقكم مشرّعة ضد الاحتلال”، مستدركاً: “لكن من يعتقد أن هذه البنادق ستحجم عن حماية أبناء فتح، فهو مخطئ، فهذه البنادق ستتوحّد لحماية أبناء فتح”.
ودعا دحلان «أبناء وكوادر فتح إلى أن يعودوا إلى أماكنهم الجغرافية وستصلهم كل التعليمات التي سيسيرون على دربها»، مشدداً على أن «جميع الفتحاويين يقفون خلف الرئيس أبو مازن ويقولون له سر على درب خلاص شعبنا من الفئة الضالة التي تبطش بأبناء شعبنا الفلسطيني».
وقال دحلان إن العقيد في جهاز الأمن الوقائي “محمد غريب استشهد بدم بارد من قبل هذه العصابة التي اسمها حماس”.
ورفع القيادي “الفتحاوي” وتيرة التصعيد مع “حماس” قبل أن يبدأ بإلقاء كلمته، عندما طلب من عشرات المسلحين المنتشرين حوله على المنصة بالابتعاد عنه. وقال بلهجة عامية لاقت ترحيباً وهتافاً من جمهور “فتح”: “خلي حماس تطخني”. وأضاف، في ختام كلمته، بتوجيه طلب إلى “كتائب شهداء الأقصى”، قائلاً: “أبقوا أصابعكم على الزناد، لا لتقتلوا، بل لتدافعوا عن أنفسكم”.
وجاءت كلمة دحلان بعد كلمة عباس، القائد العام لحركة “فتح”، التي ألقاها نيابة عنه الأمين العام للرئاسة الطيب عبد الرحيم.
وقال عبد الرحيم: «إن فتح لن تموت وستبقى صمام الأمان والمانع للحرب الأهلية»، غير أنه أضاف: «إن الدم الفلسطيني ليس مستباحاً أو مباحاً لأحد، وهو خط أحمر ومستعدون للقتال من أجل الديموقراطية التي أسسناها ولن نفرط فيها، ولن نقبل بأن ينحرف بها أحد أو يحرفها عن مسارها».
في المقابل، رد المتحدث باسم “حماس” فوزي برهوم على تهديدات دحلان باتهام “فتح” بأن “ميليشياتها المسلحة خرجت من دائرة التهديد وأصبحت في دائرة القتل الفعلي من خلال عمليات الاغتيال السياسي والخطف والاعتداء على المؤسسات”.
وشدد برهوم على أن “حماس لن تنحرف عن مبادئها وبرنامجها، ولكنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام التهديدات ضد كوادرها وستحافظ على الكيان الفلسطيني”.
ووصف برهوم بعض قادة “فتح” بأنهم “زعماء حرب”. ووصف “كتائب شهداء الأقصى” بأنها أصبحت “اسماً يحمل طابع الإذلال ومجرد ميليشيات تمارس القتل والخطف”.
وكانت “حماس” وصفت قرار عباس ضد القوة التنفيذية بأنه “متعجل”. ولم تنتظر طويلاً وأعلنت رفع عددها من 5500 عنصر إلى 12 ألفاً.
ورأى وزير الداخلية سعيد صيام القرار بأنه “محاولة للتغطية على ممارسات غير قانونية قامت بها أجهزة أمنية أخرى”، مشدداً على أنه “غير ملزم للحكومة لأنه لم يتم بالتنسيق معها ولأنه مخالف للقانون”.
وحذر المتحدث باسم وزارة الداخلية، خالد أبو هلال، من أي مساس بعناصر القوة التنفيذية، قائلاً إن «أي مساس سيجابه بقوة وحزم». وأضاف: «للأسف، جوبهت هذه القوة وأعلنت الحرب عليها من جهات عديدة، بدءاً من (وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا) رايس و(رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود) أولمرت والشخصيات العاملة في مكتب الرئيس (عباس)».
وحذرت “كتائب عز الدين القسام”، الجناح العسكري لحركة “حماس”، في بيان مع خمسة فصائل مسلحة أخرى قريبة منها، من “المساس” بالقوة التنفيذية، ووصفت محمد دحلان بأنه “رأس الفتنة”.
وفي السياق نفسه، شدد الرئيس الفلسطيني أمس على أنه لن يتراجع عن إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة في وقت لم يحدده بعد، إثر فشل كل الجهود من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية.
إلى ذلك، قتل مسلحون من تيار محسوب على حركة “فتح” ثلاثة أشخاص من عائلة الديري المعروفة بولائها لحركة “حماس”.
ونعت “حماس” القتلى الثلاثة، وقالت على لسان برهوم إن من بينهم “القيادي في الحركة الشيخ حسن الديري”.
وفي الضفة الغربية، قالت مصادر أمنية وطبية فلسطينية إن ملثمين أطلقوا النار أول من أمس على قدمي مدير مكتب وزير الداخلية في رام الله إيهاب سليمان غيظان (30 عاماً) بعدما اختطفوه من أمام مكتبه في البيرة.
وفي نابلس، قام مسلحون مقنعون بخطف نائب رئيس بلدية المدينة المسؤول في “حماس” مهدي حنبلي من سيارته. وأفادت مصادر فلسطينية مقربة من “حماس” أمس بأن أجهزة الأمن الفلسطينية شنت حملة اعتقالات ضد نشطاء الحركة في جنين. وأضافت “أن أفراد الأجهزة الأمنية يدخلون إلى المنازل وأنهم لا يذكرون سبب الاعتقال ويكتفون باعتقال النشطاء ونقلهم إلى أماكن مجهولة”.