حلبة الصّراع الصومالي معقّدة. المصالحة الوطنيّة صعبة التحقيق، بحكم الطابع القبلي والتاريخي للنّزاع، رغم الوساطة اليمنية بين الحكومة و«المحاكم»، المحكومة بالفشل مسبقاً باعتبار أن الاحتلال الإثيوبي، المدعوم أميركياً، أدخل البلاد على خريطة أكبر من حجمها، تحسمها نتيجة «الحرب على الإرهاب في القرن الأفريقي».وكشف مصدر يمني مسؤول أمس، أنّ صنعاء شرعت في إجراء حوار مع ثلاثة قياديين معتدلين من «المحاكم». وأشار إلى أنّ القياديين الثلاثة وصلوا إلى صنعاء عبر دولة أفريقية مجاورة، معلناً عن ترحيب واشنطن بهذا الحوار، الذي «يمهّد لمشروع مصالحة صومالية مقبل».
وفي هذا السياق، دعا الرئيس اليمني علي عبد الله صالح أول من أمس، خلال استقباله مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية للشوؤن الأفريقية جنيداي فريزر، إلى حشد الدعم الدولي لمساعدة الشعب الصومالي.
وقالت فريزر بعد اللقاء: «نحن نؤيّد المحادثات مع قوات المحاكم والجماعات الأخرى على الحدود، والاستفادة من خبراتهم التي ستخدم التقاليد الداعمه للحكومة». وأعربت عن أملها أن «تبدأ قوّات البلدان المجاورة بالوصول الى مقديشو قبل نهاية الشهر الجاري»، مشيرة الى «احتمال استخدام قوات دوليّة إذا فرضت الحاجة ذلك».
وشددت فريزر على أهميّة الصومال بالنسبة لواشنطن «لأنّها دولة استراتيجية في القرن الأفريقي، ولها تأثير مباشر على البحر الأحمر والمحيط الهندي».
وفي إشارة إضافية إلى الوجود الإثيوبي الطويل الأمد في الصومال، ذكر التلفزيون الحكومي الإثيوبي أوّل من أمس، أنّ الرئيس الصومالي عبد الله يوسف «طلب من أديس أبابا تدريب القوّات المسلحة الصومالية، وهو ما قبله رئيس الوزراء الإثيوبي مليس زيناوي».
وقال وزير الخارجية الصومالي إسماعيل هورة أمس، إنّ طلب يوسف من زيناوي، تمّ توجيهه إلى كل دول الجوار. وأشار إلى أنّ مقديشو ستقبل مساعدة القوات الإثيوبية إلى حين دخول قوّات الأمم المتحدة، موضحاً أنّ الأشخاص والجهات التي تعارض بقاء قوّات أديس أبابا تابعون لاتّحاد «المحاكم».
وفي السّياق نفسه، قال مسؤول عسكري صومالي، لـ «الأخبار» أمس، إنّ «القوات الإثيوبية ستنسحب بمجرد أن يتمكّن الجيش الصومالي، الذي يقاتل دفاعاً عن سلطة شرعيّة منتخبة ديموقراطياً وتحظى بالاعتراف الدولي، من السيطرة على كامل الأراضي الصومالية، وتتمّ إبادة ميليشيات المحاكم الإسلامية نهائياً».
وأعلن وزير الدفاع الصومالي صلاد علي غله، أنّ نزع سلاح الميليشيات في مقديشو، الذي كان مقرراً أول من أمس، أُرجئ الى أجل غير مسمى، «بطلب من قبيلة هوية، التي ينحدر منها رئيس الحكومة (علي محمّد جيدي)»، على أن تتمّ عمليّة النّزع قريباً وسريعاً، ومن دون إراقة دماء.
واحتجّ مئات من الصوماليين في بلدة بلدوين قرب الحدود الإثيوبية أمس، وأشعلوا الإطارات وطالبوا القوّات الإثيوبية بالإفراج عن قائد عسكري احتُجز لرفضه تسليم أحد الإسلاميين.
وكانت حشود شعبيّة صوماليّة، تحمل هراوات وحجارة وتردّد عبارة «تسقط إثيوبيا»، قد نزلت إلى شوارع مقديشو أوّل من أمس، للاحتجاج على وجود القوّات الاثيوبية، ورفض تسليم الأسلحة الشعبية.
وواجهت القوّات الإثيوبية التظاهرة بإطلاق النار على المحتجّين، الأمر الذي أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص.
ميدانياً، أفاد عدد من سكّان مقديشو بأنّ مقاتلاً إسلامياً هاجم مساء أمس، في جنوب العاصمة، معسكراً للقوّات الإثيوبية والصومالية. وردّت القوّات المُهاجَمة بدورها، مطلقة النيران بكثافة، الأمر الذي اثار حالة ذعر بين السكان.
وذكر شهود عيان أمس، أنّ عضواً سابقاً في «المحاكم» قُتل بالرصاص وجرحت ثلاث شابّات في انفجار قنبلة يدوية خلال حادثين منفصلين في مقديشو مساء أوّل من أمس.
وأعلن مسؤول في الجيش الصومالي أمس، أنّ القوات الإثيوبية والصومالية سيطرت على مواقع لجأ إليها مقاتلو «المحاكم»، في رأس كامبوني، أقصى جنوب الصومال، قرب الحدود الكينيّة.
(أ ب، يو بي آي، رويترز،
أ ف ب، الأخبار)