واشنطن ــ عمر أحمد
استراتيجيته تتضمن زيادة في القوات والأموال والهدف ضرب المقاومة «السنية والشيعية»

يواصل الرئيس الأميركي جورج بوش وكبار أعضاء طاقمه للأمن القومي والسياسة الخارجية وضع اللمسات الأخيرة على استراتيجية البيت الأبيض الجديدة للحرب في العراق، التي ستصدر غداً بدعوة إلى زيادة عديد القوات الأميركية في هذا البلد، بعد خطوة تمهيدية تمثلت بسلسلة التغييرات التي طالت الطاقم العسكري والسياسي المرتبط بادارة ملف العراقوعلى مدى أشهر، أصر بوش على أن عدد القوات الأميركية في العراق «كافٍ»، بناءً على نصائح كبار قادة الجيش، الذي يبلغ قوامه حالياً في بلاد الرافدين 145 ألف جندي.
وتشترط استراتيجية بوش الجديدة وضع برنامج عملٍ بكلفة مليار دولار لتوظيف العراقيين العاطلين من العمل، من خلال خطط للعمل الاجتماعي.
ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين أميركيين قولهم إن بوش يسعى أيضاً إلى «إشراك العراقيين العرب السنة في العملية السياسية، وتلبية بعض مطالبهم؛ مثل رفع الحظر عن التعامل مع البعثيين، وإعادتهم إلى وظائفهم السابقة، وتوزيع متساوٍ لعوائد النفط العراقي» على المحافظات العراقية.
وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وافق، خلال اتصال أجراه الخميس الماضي مع بوش، على زيادة القوات الأميركية في العراق بمعدل خمسة ألوية وبنسبة لواء كل شهر، وإرسال أكثر من خمسة ألوية عراقية إلى بغداد خلال الأسابيع الستة المقبلة، غير أن مسؤولي وزارتي الدفاع والخارجية الأميركيتين أبدوا شكوكاً في إمكان نجاح مثل هذه الاستراتيجية، مشيرين إلى أن ثلثي القوات العراقية المزمع إرسالها إلى العاصمة العراقية تتألف من البشمركة، أو القوات الكردية المسلحة، التي «قد لا تكون مهتمة في قمع أعمال العنف المذهبي».
وتشكك المصادر نفسها في قدرة حكومة المالكي على اتخاذ الإصلاحات الضرورية، نظراً إلى محدودية ما قدمته منذ تسلمها السلطة في أيار الماضي، رغم اعلان رئيس الوزراء العراقي أن العراقيين «سيكونون مسؤولين» عن تنفيذ الخطة الأمنية المقبلة في بغداد.
ويرى خبراء أن دعوة بوش إلى زيادة عديد القوات الأميركية في العراق يمكن أن يضعه في نزاع مباشر مع القادة الديموقراطيين الجدد في الكونغرس، الذين وجهوا الجمعة الماضي رسالة إليه طالبوه فيها بسحب القوات الأميركية من العراق على مراحل تبدأ خلال الأشهر الأربعة المقبلة.
ومن المتوقع أن يحتدم النقاش السياسي حول استراتيجية بوش الجديدة، اذ ستواجه وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس «أسئلة صعبة» من الديموقراطيين خلال جلسة الاستماع المقبلة في الكونغرس.
وفي وقت أكد فيه نواب وشيوخ من الحزب الجمهوري اصطفافهم وراء بوش في طلبه زيادة عدد القوات، شدد الديموقراطيون على أنهم لن يقدموا «شيكاً على بياض» للرئيس في هذه القضية، وأن خطته ستواجه «تمحيصاً قاسياً»، على حد تعبير رئيسة مجلس النواب الأميركي الديموقراطية نانسي بيلوسي.
كذلك، شدد الرئيس الديموقراطي للجنة الاعتمادات في المجلس، ديفيد أوبي، على أن اللجنة «لن ترفض الموافقة على المبالغ اللازمة لدعم القوات الموجودة حالياً فى العراق»، لكنه أضاف: «إذا كان الرئيس بوش يتحدث عن زيادة عدد القوات، فإن ذلك يعني توزيع دورنا وتعزيز وجودنا فى العراق. وأرى أن ذلك بحاجة إلى معرفة الاستراتيجية التى سيتبعها في ما بعد لخفض عدد تلك القوات، وإنهاء مهمتنا هناك قبل أن نتحمس للموافقة على تلك الزيادة».
بدوره، قال رئيس لجنة الإصلاح الحكومي في مجلس الشيوخ، هنري أوكسمان، إن الكونغرس سيشدد على «عدم تبديد الاعتمادات المالية» التي ستُخصص للعراق، مضيفاً أن «المهمة الأولى للجنتنا، باعتبارها اللجنة الرئيسية المكلفة بالتحقيق والمراقبة، التأكد من عدم تبديد أموال دافعي الضرائب، وعدم حدوث فساد أو إساءة استخدام لتلك الموارد».
على صعيد آخر، أعلن الجنرال ريموند أوديرنو، القائد الأميركي الجديد للعمليات فى العراق، عزمه تنفيذ خطة أمنية جديدة «تهدف إلى السيطرة على بغداد، وتقوم بشكل أساسي على استهداف المسلحين فى الأحياء السنية والشيعة على حد سواء».
لكن أوديرنو أشار إلى أنه «حتى إذا نُشرت القوات الأميركية الأضافية فى إطار الاستراتيجية الجديد، فإن الأمر قد يستغرق عامين أو ثلاثة أعوام حتى يمكن للقوات الأميركية والعراقية فرض سيطرتها، وتصبح لها اليد العليا».
وأضاف أوديرنو أن «خطته، هذه المرة، تختلف عن المحاولة السابقة لتأمين بغداد، التي تم التخلي عنها فعلياً لعدم توافر القوات العراقية الكافية في الخريف الماضي»، عندما كانت القوات الأميركية تقوم بعمليات تمشيط من منزل إلى منزل، قبل أن تنتقل إلى مناطق مجاورة أخرى تاركة مهمة الحفاظ على أمن المناطق التي تم تمشيطها للقوات العراقية، التي فشلت في السيطرة من قبل، واضطرت القوات الاميركية للعودة اليها.
وقال اديرنو إن القوات الأميركية «ستبقى هذه المرة في المناطق الممشطة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، لتقوية عزم العراقيين وبناء الثقة بين السكان بأنهم سيلقون معاملة متوازنة»، مضيفاً أنه «يتعين أن يكون لدينا طريقة معقولة لتعقب المتشددين السنة والشيعة على حد سواء».
وختم الضابط الأميركي أنه يأمل أن يتمكن من تنفيذ المرحلة الاولى من خطته بحلول شهر آب أو أيلول، لكن «مع استعداد القـــوات الأمــــيركية للعودة إلى العاصمة على وجه السرعة، خلُص القادة إلى أن الانسحاب إلى المحيط الخارجي لم يكن سليماً».


القوات الأميركية ستبقى هذه المرة في المناطق الممشطة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، لتقوية عزم العراقيين وبناء الثقة بين السكان بأنهم سيلقون معاملة متوازنة. يتعين أن يكون لدينا طريقة معقولة لتعقب المتشددين السنة والشيعة على حد سواء.