الحكومة الصومالية تشترط دمج الإسلاميين «المعتدلين» بتسليم الأسلحة مصر توسّع وساطتها وتستقبل أفورقي اليوم والاتحاد الأفريقي يبدأ جمع «قوة السلام»
مثّل وصول الرّئيس الصومالي علي عبد الله يوسف إلى مقديشو أمس، ترجمةً لرغبة المؤسسات الانتقالية في بسط سلطتها على البلاد. لكن استمرار انعدام الأمن، الذي يغذّيه بقاء الأسلحة بأيدي الميليشيات بسبب فشل العمليّة المعقّدة لنزعه، يقف جداراً صلباً أمام إعادة الهيكلة المدنيّة للمجتمع، وخصوصاً أن موافقة الحكومة على آليّة دمج الإسلاميّين في صيغة الحكم لا تزال خجولة، ما دامت لن ترفق بأي إجراء عمليوقال المتحدث باسم الحكومة الانتقالية، عبد الرحمن ديناري، إنّ «سياستنا هي المصالحة وأبوابنا مفتوحة، وعلينا استقبال كل الأطراف الصوماليّة في إدارتنا الوطنيّة... الإسلاميّون موضع ترحيب، إذا ألقوا سلاحهم وأوقفوا العنف».
وحذّر ديناري من أنّ الحكومة «ستقوم بأبحاث، وإذا كان لأحد علاقات بتنظيم القاعدة أو بمتطرفين آخرين، فإننا لن نعرض عليهم العفو، ولن يكونوا موضع ترحيب في الحكومة».
وكانت مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون الأفريقية، جنداي فريزر، قد دعت أوّل من أمس إلى الحوار بين الحكومة و«الإسلاميين المعتدلين». كما أبدى ممثّلو الدول الـ27 في الاتّحاد الأوروبي في بروكسل الأسبوع الماضي، تأييدهم للتصويت على مشروع قرار يطلب أن «تقوم الحكومة الصومالية المقبلة بدمج ممثلين معتدلين عن الاسلاميّين».
إلا أن الرئيس الصومالي عبد الله يوسف ناقض إعلان المتحدث باسم حكومته. وقال، خلال مقابلة مع قناة «الجزيرة»، إنّه لن تكون هناك أيّ مفاوضات مع الإسلاميين.
رفض يوسف، جاء قبل وصوله إلى مقديشو، في أوّل زيارة رسميّة يقوم بها إلى المدينة منذ تولّيه منصبه. وكان رئيس وزرائه علي محمد جيدي في استقباله في مطار العاصمة وسط تدابير أمنيّة مشدّدة، ثم توجّه بمواكبة معزّزة إلى «فيلا صوماليا» مقرّ رؤساء الصومال.
ولم يتمكّن يوسف، الذي انتخب في نيروبي عام 2004، من المجيء إلى العاصمة، بسبب رفض زعماء الحرب الاعتراف بسلطته وسيطرة المحاكم على العاصمة.
وقال مساعدون ليوسف، لـ«الأخبار»، إنّه لن ينتقل بصورة رسميّة للإقامة فى العاصمة، إلّا بعد اجتماع أعضاء البرلمان المؤقّت، واتّخاذ قرار نهائي ينصّ على انتقال الرئيس وأعضاء السلطة الانتقالية من مقرّهم الحالي في مدينة بيداوة إلى مقديشو.
ميدانيّاً، تواصل القوّات الإثيوبيّة والصوماليّة ملاحقة فلول ميليشيا الإسلاميّين في مناطق نائية في الجنوب على الحدود الكينيّة التي أُقفلت. ويقول سكّان محليّون إنّ الأوضاع المأساويّة خلّفت الآلاف ممّن قد يصبحون نازحين صوماليين، في ظلّ ظروف مروّعة من نقص الطعام والمأوى.
وفي إطار الوساطة المصريّة في شأن الصّراع الصّومالي، وبالتالي الخلاف الإثيوبي ـــ الإريتري، يلتقي الرئيس المصري حسنى مبارك، في منتجع شرم الشيخ اليوم، نظيره الإريتري أسياسي أفورقي، في إطار زيارة قصيرة إلى مصر تستمر ساعات.
وقالت مصادر الرئاسة المصرية إنه سيتمّ خلال الزيارة استعراض مجمل الوضع الصّومالي، في ضوء التدخّل الإثيوبي لمساعدة الحكومة الانتقالية الصومالية في مواجهة مقاتلي «المحاكم». وأبدت القاهرة أكثر من مرّة تفهّماً لهذا التدخّل وثقتها باحترام أديس أبابا لسيادة الصومال ووحدته.
من ناحية أخرى، خلص اجتماع مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، الذي عقد في إثيوبيا أمس لبحث الوضع في الصومال، إلى أنّ كلفة إشراك قوّات أفريقيّة لحفظ الأمن في الصومال تبلغ 160 مليون دولار أميركي، تشمل نشر نحو 8000 عنصر وتغطّي أوّل ستّة أشهر من الخطّة.
ولم يؤكّد سفير الصومال إلى المجلس، عبدالكريم فرح، خلال مؤتمر صحافي في أديس أبابا، أيّ اتّفاق على تدابير عمليّة مباشرة، مشيراً إلى أنّ القوات الإثيوبية ستبقى في الصومال «إلى أن يتّخذ الاتحاد الأفريقي والأمم المتّحدة قراراً».
وسيقوم وزير خارجية كينيا رافائيل توجو، قريباً، بجولة في عواصم أفريقية، بهدف الدعوة إلى الإسهام عسكريّاً في حملة حشد قوّة لإرساء أمن مرحلي في البلد الذي تبتلعه الحروب.
ويقول دبلوماسيّون إنّ مسؤولين في نيجيريا وجنوب أفريقيا أدلوا بتصريحات بشأن المشاركة بتلك قوات.
(يو بي آي، أ ف ب،
رويترز، أ ب، الأخبار)