غزة ــ رائد لافيرام الله ــ الأخبار

“الحرص على عدم استباحة الدم الفلسطيني” هي سمة مشتركة لتصريحات مسؤولي “حماس” و“فتح”. لكنها تحتوي أيضاً على كم هائل من التحريض، الذي سيكون هذا الدم ثمناً له

خيار التفاوض الفلسطيني بشأن الأزمة الداخلية سقط مسبّقاً، بعد اتهام حركة “فتح” لغريمتها “حماس”، بإفشال جهود تأليف حكومة الوحدة، رغم أن هذه الجهود لم تبدأ بعد، في وقت تصاعدت فيه وتيرة التراشق الاتهامي، بالتزامن مع عودة محدودة للاشتباكات بين الطرفين في قطاع غزة، فيما شهدت الضفة الغربية سلسلة اعتصامات احتجاجاً على الاقتتال الداخلي.
واتهم المتحدث باسم “فتح”، عبد الحكيم عوض ،“حماس” بإفشال جهود تأليف حكومة الوحدة الوطنية، قائلا “إنها (حماس) لا تؤمن بالمشاركة والتعددية السياسية، إلا كشعار وإنها قائمة على مبدأ الإقصاء والإلغاء والشطب للآخر”.
وقال عوض، خلال مؤتمر صحافي في غزة، إن “حماس” “تنتهج لغة عبثية تقوم على مفردات التكفير والتخوين”، مشيراً إلى أن “حماس” أصبحت ترفع شعار أن “الفتحاوي الجيد ينقسم إلى نوعين: إما مات أو تحول إلى حمساوي أجير أو مأجور وما عدا ذلك فكل فتحاوي يخضع لمعايير وتوصيفات أشهرها الانقلابي والعميل والمتآمر والكافر”.
ووصف عوض القوة التنفيذية بـ“قوة القتل الدموي”، مشيراً إلى أن “الدم الفلسطيني خط أحمر لا يمكن تجاوزه”، مبرراً “ما قامت به فتح في مواجهة مسلسل الجرائم التي قامت بها تلك القوة لا يتجاوز ردود الفعل والدفاع عن النفس”.
واتهم عوض “حماس” “بالتقاطع مع المصالح والأهداف الاسرائيلية في رفضها الشرعية العربية والدولية والسعي لدولة بحدود مؤقتة”.
وكالعادة، سارعت “حماس” إلى الرد باتهامها “التيار الانقلابي” في حركة “فتح” “بمحاولة زج الحركة في معارك هنا وهناك”، مشيرة إلى أنها اتخذت قراراً بالتعالي على مكر هذا التيار أو الانجرار خلف المتربصين ونياتهم الخبيثة.
وبالتبرير نفسه، الذي ساقته “فتح”، قالت “حماس” إن ما تقوم به “إنما يأتي في إطار رد الفعل والدفاع عن النفس”. ووجهت “حماس” نداءً، قالت إنه الأخير، لـ “العصابات المتمردة والضالة”، من دون أن تسمي أشخاصها، بأن “يعودوا إلى رشدهم ويتوبوا الى بارئهم قبل فوات الأوان”.
من جهته، شدد رئيس الوزراء الفلسطيني اسماعيل هنية على “حرص الحكومة على صون الدم الفلسطيني والوحدة الوطنية”، وذلك في اتصال هاتفي مع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر محمد مهدي عاكف.
ميدانياً، نجا أمس القيادي في كتائب شهداء الأقصى، الذراع العسكرية لحركة “فتح”، سميح المدهون، من محاولة اغتيال استهدفته عندما أطلق مسلحون مجهولون النار عليه بينما كان يقف فوق سطح منزله في بلدة بيت لاهيا.
وأصيب ثلاثة من عناصر القوة التنفيذية بجروح متفاوتة، جراء استهداف السيارة التي كانوا يستقلونها بقذيفة أطلقها عليهم مسلحون مجهولون في شمال القطاع. وأعلنت “حماس”، أمس، عن مقتل سامي نصار (21 عاماً)، أحد نشطاء جناحها العسكري “كتائب الشهيد عز الدين القسام”، متأثراً بجروحه التي أصيب بها الجمعة الماضي برصاص مجهولين.
ووسط هذه الحال من التوتر الميداني، نظم العشرات من الفلسطينيين في رام الله والبيرة وجنين في الضفة الغربية سلسلة اعتصامات احتجاجاً على الاقتتال الداخلي.
ورفع المشاركون في رام الله اللافتات المنددة بالفلتان الأمني وطالبوا بمحاسبة المسؤولين عنها وتقديمهم إلى المحاكمة، كما طالبوا بتعويض المتضررين وتجريم كل من تسوّل له نفسه الاعتداء على المؤسسات الوطنية والقطاع الخاص، فيما أغلقت المحال التجارية أبوابها لمدة ساعة.
وفي جنين، نظّمت حركتا “فتح” و“حماس” مسيرة مشتركة، تدعو الى الوحدة الوطنية وتأليف حكومة وحدة بأسرع وقت ممكن.
وكانت مجموعة “نساء من أجل الوحدة” في المدينة قد بادرت الى تنظيم هذه المسيرة، التي شارك فيها المئات من المواطنين.
ودعا قائد كتائب الأقصى في جنين زكريا الزبيدي كلاً من الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء إسماعيل هنية الى اجتماع طارئ للاتفاق على تأليف حكومة تخرج الشعب من الحصار. كما دعا الأجنحة العسكرية الى التوحد في وجه العدو الاسرائيلي.