strong>انقسم الطيف السياسي العراقي على تقويم استراتيجية الرئيس الأميركي جورج بوش بشأن العراق. فخرج من بين الشيعة من يؤيد ومن يعارض، وفي السنة من يهاجم ومن يرحب، وحتى في الكتلة الكردية من يهلّل ومن ينتقد
حاول الموقف الحكومي العراقي مواجهة الاعتراضات الداخلية بالإعلان أن حكومة بغداد ستطلب تعديل أي فقرة «غير ملائمة» في الاستراتيجية، فيما أبدت أحزاب شيعية وسنية مواقف مؤيدة ومعارضة للاستراتيجية الأميركية.
وأعلن الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ، في مؤتمر صحافي أمس، أن الاستراتيجية الاميركية الجديدة بشأن العراق «أخذت في الحساب رؤية الحكومة» العراقية، مشدداً على أن الأخيرة ستطلب تعديل أي نقطة «غير ملائمة وردت فيها، وبما يخدم مصلحة البلاد»، معتبراً أن «هناك نقاطاً إيجابية وجيدة في تلك الاستراتيجية».
بدوره، اكد بسام رضا، مستشار رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، أن الخطة الجديدة تحمل «املاً» بالنسبة للمستقبل، لكنه تابع «لا ننتظر بوش ليقول لنا اعملوا شيئاً. نبذل اقصى ما باستطاعتنا. لقد ورثنا بلداً دمره النظام السابق، وليس يسيراً توفير الامن في بلد كهذا».
وأوضح رضا أن المالكي «مصمم على مهاجمة جميع الميليشيات بغضّ النظر عما اذا كانت شيعية او سنية، فهذا الامر غير مقبول بالنسبة له».
وفي السياق، طالب رئيس المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق عبد العزيز الحكيم احزاباً اسلامية «تنتمي الى مرجعيات دينية» بدعم خطة تحقيق الامن في بغداد، في اشارة الى التيار الصدري.
ودعا الحكيم، خلال مؤتمر محلي في النجف، الحكومة العراقية إلى «المضي قدماً في بناء المؤسسات وتطبيق القانون ومكافحة الارهاب والضرب بيد من حديد على كل من يعتدي على امن العراقيين»، مشدداً على «عدم التسامح مع اي شخص او جهة لا تطبق القانون».
وزار الحكيم المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني، وأطلعه على نتائج زيارته للولايات المتحدة وبريطانيا والاردن أخيراً.
من جهتها، دانت هيئة علماء المسلمين، أعلى سلطة دينية سنية، خطة بوش التي تقتضي ارسال قوات اضافية الى «محرقة الحرب»، مشيرة الى انها «ستكلّف الشعبين العراقي والاميركي غالياً».
وطالبت الهيئة، في بيان، بـ «سحب الموجود من القوات لإنهاء الحرب الخاسرة، ووقف المزيد من سفك الدماء البريئة من ابناء الشعبين العراقي والاميركي، ومن هدر الجهود والاموال الطائلة بلا مبرر»، منتقدة التذرّع الأميركي بأن «ممثلي الشعب العراقي طلبوا ذلك، اي المجموعة الحاكمة كالحكيم والطالباني والمالكي والهاشمي وغيرهم، ممن طلبوا ذلك حماية لأنفسهم ومكتسباتهم، وهم لا يمثلون الا انفسهم».
واستبعدت الهيئة أن «يتمكن 20 الف جندي من تحقيق اهدافه من المعركة التي عجز 140 الفاً من قواته السابقة عن تحقيقها».
كذلك، قال الناطق باسم هيئة علماء المسلمين بشار الفيضي: أن استراتيجية بوش «خطوة تصب الزيت على النار، وتُدخل العراق في مزيد من الازمات»، مضيفاً أنها «تكريس لخطة التطهير العرقي والطائفي في العراق، وتُقدم العراق على طبق من ذهب للمشروع الايراني»، من دون تقديم تفاصيل اضافية.
أما اياد السامرائي، القيادي في الحزب الاسلامي السني، فقال إن حزبه يشعر «بوجود حاجة مؤقتة لقوات اميركية بسبب تدهور الوضع الامني، وعدم قدرة قوات الامن العراقية والاميركية الحالية على السيطرة على الاوضاع»، مشدداً على «ضرورة عدم اهمال الحلول العسكرية، لأنها قد تكون مجدية مع من يرفض الحلول البديلة والانصياع للقانون».
وفي السياق، أكد النائب حسين الفلوجي، القيادي في جبهة التوافق السنية، أن الاستراتيجية «لم تأت بجديد»، معتبراً أن «الجديد فيها هو الشعور بروح الانكسار في لهجة الرئيس الاميركي جورج بوش».
وتابع الفلوجي أن هذه الاستراتيجية هي «الفرصة الاخيرة أمام الجيش الاميركي وأمام الثقافة الاميركية والهيبة الاميركية في العراق لتدارك الوضع وتصحيح الاخطاء الجسيمة والكبيرة التي ارتكبتها بحق الشعب العراقي».
وفي الكتلة الكردية، قال النائب في التحالف الكردستاني سعد البرزنجي، إن الستراتيجية بشأن العراق «صحيحة بكل أبعادها»، واصفاً بوش بأنه «القائد الشجاع».
أما النائب الآخر في التحالف الكردستاني محمود عثمان، فانتقد استراتيجية بوش الجديدة، معتبراً أنها «لم تأت بجديد». وشدد على أن «الحل لا يكمن في زيادة عدد القوات الاميركية في العراق، بل هو بيد العراقيين انفسهم»، لافتاً الى أن «الجميع يعتقدون أن ما يجري في العراق هو نتاج خلافات سياسية عراقية، وبالتالي فإن زيادة عديد القوات الاميركية في العراق لن توقف هذه الخلافات ما لم تبادر الكيانات السياسية إلى إجراء تفاهمات بينها».
وحذّر عثمان مما وصفه بـ «محاولة توريط الكرد في حملة التصدي للعنف والميليشيات التي تعتزم الادارة الاميركية تنفيذها بموجب الاستراتيجية الجديدة»، موضحاً أن «الألوية العسكرية التي تم استقدامها من الشمال، وان كانت نظامية، فإنها لا تجيد اللغة العربية، ولا تعرف جغرافية المنطقة، وبالتالي فإننا نخشى أن يتحول الصراع في بغداد إلى صراع كردي ــ عربي».
( أ ف ب، رويترز، يو بي آي)