strong>يجس الاحتلال الأميركي نبض جيش المهديوالشارع العراقي في مدينة الصدر، عبر اطلاق مواقف مشوشة، تحمل مضامين متناقضة بين تهديد ضمني بقرب المواجهة مع «المتطرفين الشيعة والسنة» على حد سواء، أو بين القول بعدم شمول العمليات الأميركية «القادة السياسيين»

تبادل الأميركيون وجيش المهدي، بزعامة مقتدى الصدر، رسائل مبطنة أمس، حين تحدّث قيادي في التيار الصدري عن «عودة الجنود الأميركيين في نعوش» إلى بلادهم، فيما ردّ الاحتلال بالإعلان عن احتمال استهداف «متطرفين شيعة في مدينة الصدر»، بعدما «رفع العراقيون القيود» عن عمليات الأميركيين في هذه المدينة.
وحذّر القيادي في «التيار الصدري» الشيخ عبد الرزاق النداوي الرئيس الأميركي جورج بوش من أن استراتيجيته الجديدة تخاطر بإرسال الجنود الأميركيين إلى «الموت المحتّم».
ودعا النداوي الشعب الأميركي إلى العمل على «منع أبنائهم من القدوم إلى العراق، كي لا يعودوا في نعوش»، مشيراً إلى أن زيادة عديد القوات الأميركية «يزيد من حجم المشكلة».
واتهم النداوي بوش باتخاذ قرارات حول العراق «من دون التشاور مع رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي».
وفي الكوفة، أكد خطيب الجمعة جابر الخفاجي، ممثلاً مقتدى الصدر، أن «التيار الصدري يرفض السياسات الدنيوية الجديدة»، في إشارة إلى الاستراتيجية الأميركية الجديدة في العراق، مشيراً إلى أن «استراتيجيتهم (الأميركيين) هدفها القضاء على المخلصين المؤمنين الذين قالوا لا للاحتلال والظلم والعبودية».
إلى ذلك، أعلن مسؤول عسكري أميركي رفيع المستوى أن الجيش الأميركي «قد يستهدف من الآن وصاعداً قادة متطرفين من الشيعة والسنة في بغداد»، مضيفاً أن العراقيين «وافقوا على رفع القيود، التي كانت تحول حتى الآن من دون مهاجمة القوات الأميركية لبعض القادة المتطرفين».
وأوضح المسؤول الأميركي أن العراقيين «وافقوا أيضاً على رفع القيود عن العمليات الاميركية في مدينة الصدر»، معقل جيش المهدي، الذراع العسكري للتيار الصدري، لكنه أضاف أن القوات الأميركية «لن تهاجم القادة السياسيين». وتابع أن «من غير المحتمل» أن يقاتل العسكريون الأميركيون الميليشيات الشيعية، مثل جيش المهدي «إلا إذا بدأت هذه الميليشيات بالهجوم أولاً».
بدوره، قال السفير الأميركي في العراق زلماي خليل زاد إن بعض القادة العراقيين «أخطأوا التقدير عندما ظنوا أن الدعم الأميركي سيستمر من دون شروط، لكنهم يدركون الآن أن صبر الشعب الأميركي ينفد».
وقال خليل زاد، في مقابلة مع الـ «سي أن أن»، إن المالكي أدرك أن المساعي الدبلوماسية «لم تنجح في حل الميليشيات الشيعية، وإن الوقت حان للتحرك»، مذكّراً بأن المالكي قدّم التزاماً باتخاذ إجراءات صارمة ضد الميليشيات الشيعية.
في غضون ذلك، طالب الشيخ أحمد الصافي، الوكيل الشرعي للمرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني خلال خطبة الجمعة في كربلاء، الحكومة العراقية بـ«الحزم واتخاذ القرارات»، محذراً من أن «الفشل سيقضي على الجميع».
وانتقد الصافي إعلان الحكومة العراقية خطة أمنية، قائلاً: «سمعنا أن هناك خطة أمنية جديدة. لقد نفذت خطط سابقة ولم تنجح، لأن فيها سلبيات، وهكذا يستمر وضع الخطط وأرواح الناس تُزهق».
واتهم الصافي «التكفيريين» بتنفيذ عمليات «القتل والتشريد والتنكيل التي أصبحت مستشرية»، موضحاً أن «جميع الكيانات السياسية تتفق على عدم تجزئة العراق، إلا أن قوى خارجية تجر العراق إلى المهالك».
وفي النجف، شدد إمام الجمعة صدر الدين القبانجي، القيادي في المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق بزعامة عبد العزيز الحكيم، على «ضرورة توحيد السلاح بيد الدولة»، مشيراً إلى أنه «يجب أن لا تكون هناك حكومات متعددة في الدولة الواحدة».
ودعا القبانجي «الميليشيات غير الإرهابية إلى الالتحام بمؤسسات الدولة». كما دعا إلى «المصالحة الوطنية، إذ إن الباب مفتوح، ويخطئ من يقول إن قتل (الرئيس السابق) صدام حسين هو قتل للمصالحة. قتل صدام هو بداية للمصالحة، ومن يبكِ عليه لا نرحب به».
من جهة ثانية، قال نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركية سكوت كاربنتر، خلال مؤتمر صحافي في ختام زيارة إلى تونس، إن الاستراتيجية الأميركية الجديدة بشأن العراق «ليست عسكرية فقط، بل سياسية أيضاً»، مشيراً إلى أن المشكلة الحقيقية في العراق هي «العنف الطائفي، الذي تجري 80 في المئة من عملياته في بغداد وضواحيها، ما يستدعي ضرورة العمل من أجل وقفه لضمان الأمن في هذه المنطقة».
ورفض كاربنتر وصف الحكومة العراقية الحالية بأنها «حكومة طائفية، مزدوجة الولاء لطهران ولواشنطن»، مضيفاً أن القبول بهذا الوصف «يعني التلميح إلى أن العراق فشل».
وفي إطار ردود الفعل على الاستراتيجية، رأى الرئيس العراقي جلال طالباني، في بيان، أن «الأفكار التي أعلنها الرئيس الأميركي تمثل انطلاقة جديدة لتحسين الأوضاع الأمنية في العراق، وهي تتناسق وتتماشى مع الخطط التي وضعتها الحكومة العراقية»، موضحاً أن «مواجهة الإرهاب وحصر السلاح بيد الدولة تمثّل أهدافاً أساسية تتوخى تحقيقها خطة أمن بغداد، التي وُضعت بإشراف رئيس الوزراء نوري المالكي».
وفي موسكو، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية ميخائيل كامينين، في بيان: «يبدو أن الهدف (لواشنطن) لا يزال نفسه؛ حل الأزمة العراقية بالأزمة من دون الخروج من الأفكار المعتادة، ومن دون الأخذ في الاعتبار اقتراح إقامة حوار بين المجموعات العراقية الرئيسية بدعم الدول المجاورة، ولا سيما سوريا وإيران».
وأضاف كامينين أن «الوقت سيظهر إلى أي مدى هذه الاستراتيجية الجديدة هي حقاً جديدة، وإذا ما كانت ستساعد الولايات المتحدة وحلفاءها على تحسين الوضع في العراق.
كذلك، أعرب الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، على هامش مؤتمر عن الشرق الأوسط في مدريد، عن أمله أن يؤدي إرسال المزيد من الجنود الأميركيين إلى العراق «إلى الاستقرار»، مضيفاً: «لست متأكداً من ذلك». وتابع: «إنها ليست قواتي. إن الشعب الأميركي هو الذي يقدم التضحيات».
وفي السياق، رأى وزير الخارجية الهولندي بن بوت أن «إرسال عشرين ألف جندي إضافي إلى العراق، الامر الذي نفعله منذ أعوام، لم يؤد إلى شيء»، داعياً إلى إشراك إيران وسوريا في السعي إلى حل يُعيد السلام إلى المنطقة.
وأفاد استطلاع للرأي، أجرته شبكة «سي بي اس» التلفزيونية الأميركية، بأن نصف الأميركيين لم يقتنعوا بالاستراتيجية الجديدة بشأن العراق.
ووافق 37 في المئة من الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع على خطة بوش، بينما قال 68 في المئة من الأميركيين إنهم لا يزالون «قلقين».
( أ ف ب، رويترز، يو بي آي، د ب أ)