موسكو ـــ حبيب فوعاني
استخدمت روسيا والصين الجمعة حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار تقدّمت به الولايات المتحدة إلى مجلس الأمن الدولي، ويدعو إلى إجراء إصلاحات سياسية في ميانمار (بورما)، ويحثّ حكومتها على الكف عن مطاردة المعارضين السياسيين والأقليات الإثنية.
ونال مشروع القرار تسعة أصوات، فيما صوتت ثلاث دول (الصين وروسيا وجنوب أفريقيا) ضده، وامتنعت ثلاث (الكونغو وإندونيسيا وقطر) عن التصويت، وبذلك تم إسقاط مشروع القرار.
ولم ينفِ المندوب الروسي والرئيس الحالي لمجلس الأمن فيتالي تشوركين وجود مشكلات في ميانمار، وخصوصاً في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية، وبينها اضطهاد الأكثرية البوذية الأقليتين المسلمة والمسيحية، لكنه أكد أن “الوضع في هذا البلد لا يمثّل تهديداً للسلام أو الاستقرار في العالم”.
وقالت الـ “بي بي سي” في تقرير لها أول من أمس إن “هذا الفيتو المزدوج صفعة لواشنطن رغم محاولتها جاهدة التخفيف من حدة القرار كي تقبل موسكو وبكين بالتصويت عليه”. وتساءلت عن دوافعهما لاتخاذ هذا الموقف، الذي أعادته إلى العلاقات التاريخية والاستراتيجية والعسكرية والاقتصادية بين يانغون وبكين، وإلى آفاق التعاون الاستراتيجية المرتقبة بين روسيا وميانمار في مجال النفط والمطاط والغاز وإمكان بناء مفاعل نووي.
فيما لا يستبعد مراقبون في موسكو أن يكون استخدامها للفيتو في مجلس الأمن رداً سريعاً على معارضة باريس وواشنطن للمطلب الروسي في مجلس الأمن قبل أيام من ذلك، بالكشف عن البلدان التي لا تتعاون مع لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، حيث ترى موسكو أن “مواقف الدول المجهولة هذه تتعارض مع مطالب قرار مجلس الأمن، وأن إرغام حكومات هذه البلدان على التعاون مع اللجنة هو من اختصاص مجلس الأمن وليس من شأن أي محقق دولي”.
ويمكن، حسب هؤلاء المراقبين، تفسير إقدام موسكو، بعد نحو شهر على تقرير القاضي البلجيكي سيرج براميرتس، على طلب الكشف عن أسماء تلك الدول، بأن موسكو أرادت انتظار مرور فترة الأعياد لاستثمار رئاستها لمجلس الأمن في شهر كانون الثاني الجاري بالكامل.
الى ذلك، شبّه مصدر إعلامي روسي مختص بالشؤون العربية اغتيال رئيس الحكومة اللبناني رفيق الحريري بمقتل الصحافية الروسية آنـّا بوليتكوفسكايا في بداية شهر تشرين الأول الماضي وعشية زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى برلين، حيث كان من الطبيعي توجيه أصابع الاتهام إلى الكرملين، لأن بوليتكوفسكايا كانت على خلاف حاد مع القيادة الروسية وخصوصاً بالنسبة لسياستها “الشيشانية”.
وأكد المصدر المذكور أن الكشف عن معلومات هذه الدول ضروري لفك ألغاز هذه الجريمة وللتأكد من عدم تورط دول مثل إسرائيل، والتي قد تكون استغلت العلاقة الظاهرية المتوترة بين الرئيس الحريري ودمشق لتدبير الاغتيال وتشويه سمعة الأخيرة وإحداث تغييرات سياسية في سوريا ولبنان.
وقد ألمح براميرتس إلى مثل هذا الاحتمال في تقريره، لا سيما أن موسكو (بحسب المصدر الإعلامي) تمتلك أيضا بعض المعلومات المثيرة ذات العلاقة، والتي يمكن أن تذهب بالتحقيق باتجاه مغاير تماماً لما هو عليه الآن، وهي على استعداد لكشفها في الوقت المناسب. وقد يمكن بذلك تفسير السياسة الهجومية الحالية، التي يتبعها الدبلوماسي الروسي المخضرم فيتالي تشوركين في مجلس الأمن.