القاهرة ــ خالد محمود رمضان
أعلنت عن لقاء ثلاثي للسلام للالتفاف على المؤتمر الدولي... وأولمرت أبلغها الخشية من حكومة وحدة فلسطينية

لا شيء فى جعبة وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في جولتها الحالية لمنطقة الشرق الأوسط باستثناء الترويج للاستراتيجية الجديدة للرئيس الأميركي جورج بوش فى العراق. هذا ما بدا من المحادثات التي أجرتها رايس أمس في مدينة الأقصر جنوب مصر مع الرئيس حسني مبارك ووزير خارجيته أحمد أبو الغيط، بالإضافة إلى الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، بعد المحادثات التي أجرتها في القدس المحتلة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، واتفقت معه على عقد لقاء ثلاثي يجمعهما مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في محاولة التفافية على الدعوات الدولية لعقد مؤتمر سلام ترفضه إسرائيل.
وأعلنت رايس، في مؤتمر صحافي مشترك مع أبو الغيط بعد المحادثات مع مبارك، أنها ستلتقي في واشنطن كلاً من وزير الخارجية المصري ورئيس جهاز المخابرات اللواء عمر سليمان خلال الأسابيع المقبلة لمواصلة محادثات التسوية، والإسراع في خريطة الطريق للوصول إلى تأسيس الدولة الفلسطينية. فيما قال أبو الغيط إن هدف المفاوضات يجب أن يكون تأسيس دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967، مطالباً بالتزام إسرائيل بالاتفاقيات التي أبرمها مع الفلسطينيين.
وأعلنت رايس عقد اجتماع ثلاثي مع عباس وأولمرت خلال الثلاثة أو الأربعة أسابيع المقبلة، لكنها أعربت عن رغبتها في عدم استعجال الأمور، مشيرة إلى أن «الجهود لا تزال مستمرة لعقد هذا الاجتماع بصفة رسمية».
ورأت رايس أن اللقاء الثلاثي سيكون أهم محادثات سياسية في الشرق الأوسط منذ ست سنوات. وقالت إن «ست سنوات على الأقل مرت منذ أن تحدث الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي عن الموضوعات المتعلقة بعملية السلام».
وقالت رايس، رداًً على سؤال عن حديث الرئيس الأميركي عن تعاون الدول المعتدلة في الشرق الأوسط مع خطته في العراق: «إننا جميعاً نتحمل المسؤولية. هناك مخاطرة ومسؤولية نتشارك فيها سوياً، لأن هذه المنطقة من العالم ستتأثر بالنتيجة التي ستحدث في العراق. وإن ما جاء في الحديث هو قناعة حقيقية بأن هؤلاء هم الحلفاء الطبيعيون بالنسبة لنا لكي يساعدونا في وضع استقرار أكثر في العراق، وأن يكون العراق موحداً يستطيع أن يدافع عن نفسه ضد النفوذ الخارجي بما فيه النفوذ الذي قد يؤثر على العراق من إيران».
من جهته، حض أبو الغيط على ضرورة التزام كل طرف بالاتفاقيات التي تم التوصل إليها في السابق، مشيراً إلى أن اجتماعاً عقد قبل نحو ثلاثة أسابيع بين عباس وأولمرت، «تم خلاله الاتفاق على عدد من الأمور، لم نشاهد أياً منها حتى الآن». وقال: «نحن الآن في مرحلة إعادة بناء الثقة، وإعداد المسرح مرة أخرى لإعادة تنشيط عملية السلام».
وأعرب أبو الغيط عن تأييد بلاده للاستراتيجية الأميركية الجديدة في العراق، مشدداً في هذا السياق على ضرورة العمل على مشاركة الأطياف والطوائف العراقية كافة في العملية السياسية.
كما دعا أبو الغيط الحكومة العراقية إلى التعامل بشكل «أكثر حسماً» مع الميليشيات المسلحة، حتى يتم إنهاء خطر هذه الميليشيات تماماً.
وقال أبو الغيط إن رايس استعرضت خلال اجتماعها مع الرئيس المصري خطة الرئيس الأميركي جورج بوش لفرض الأمن في بغداد والأسس التي تقوم عليها هذه الخطة والمنطلقات التي تدور حولها، مشيراً إلى أن هناك اقتناعاً بخطة الرئيس بوش للتعامل مع الوضع في بغداد وأن مصر تأمل أن تؤدي هذه الخطة إلى الاستقرار المطلوب في العراق».
وقال وزير الخارجية المصري إنه «في ضوء الشرح الذي قدمته رايس حول الخطة فإننا نشعر بالأمل في أنه بإمكان هذه الخطة أن توفر استقرار حكومة العراق ووحدتها وتناغمها وأنها ستؤدي إلى تفكيك أية عصابات وجماعات إرهابية، أو أي جهة تريد أن تؤثر على العراق».
وعلى الرغم من الإعلان عن الاجتماع الثلاثي، رأى الأمين العام لجامعة الدول العربية، الذي استبق لقاء رايس بلقاء مماثل مع الرئيس المصري، أن “عملية السلام لم تبعث بعد من موتها”.
وكانت رايس التقت أمس في القدس المحتلة إيهود أولمرت لأكثر من ثلاث ساعات، واتفقت مع على “تعزيز الرئيس الفلسطيني، وعقد لقاء ثلاثي بحضور أبو مازن من أجل مناقشة الآفاق السياسية بيننا وبين الفلسطينيين”.
وعبّر أولمرت عن قلقه من قيام حكومة وحدة وطنية فلسطينية قائلاً: “إذا استمر أبو مازن في جهوده لتشكيل حكومة وحدة وطنية تحاول تجاهل خريطة الطريق، فإن اسرائيل ستعترض على ذلك”.
وفي هذا الإطار أيضاً نقلت صحيفة “هآرتس” “أن رايس وأولمرت يخشيان من تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية ليست على المقاس الذي يريدان”.
ورأى أولمرت أن الأمر المهم في زيارة رايس أنه “لا يوجد أمر لم نتفق عليه بيننا”، والأكثر أهمية أنه “سيكون واضحاً أن الطرف الدولي الذي يعبد الطريق وقت الحاجة هو الولايات المتحدة”، مضيفاً أنه ليس هناك من سبب يجعلنا “غير راضين”.
وتناول أولمرت المخطط السياسي الذي دارت حوله المباحثات بالقول: “بالطبع خريطة الطريق ستكون قاعدة للمسار، ولكن لقائي مع أبو مازن أوجد زخماً نحن معنيون بمواصلته”، واستدرك أن هذا اللقاء “لا يشكل بديلاً من الاتصالات الثنائية”.
وأعلن أولمرت أنه اتفق مع رايس على أن “أي حكومة فلسطينية ستكون ملزمة الموافقة على مبادئ الرباعية، وقف كل النشاطات العنفية، الإرهاب، بشروط الرباعية”. وأشار إلى أن البحث تناول إعادة الجندي الأسير لدى الفلسطينيين، جلعاد شاليط.
وبخصوص المفاوضات مع سوريا، قالت رايس، في مقابلة مع القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي، إن هناك “إيحاءات قليلة بأن لدى سوريا شيئاً إيجابياً تقوله” فيما “سوريا ضالعة في المحاولات لتقويض الحكم في لبنان، ولا تزال تؤدي دوراً سلبياً في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني”.