القاهرة ــ خالد محمود رمضان
خلافاً لكل زياراتها السابقة إلى مصر، فإن وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس لم تزعج مضيفيها المصريين بأي تساؤلات عن الملفات الداخلية الساخنة.
وتحاشت رايس، حين التقت الرئيس المصري حسني مبارك، ووزير خارجيته أحمد أبو الغيط توجيه أي انتقاد للطريقة التي تتعامل بها السلطات المصرية مع ملفات الإصلاح الداخلي. وقال دبلوماسي أميركي رافق رايس في هذه المحادثات إن التركيز الرئيسي كان على الملفات التي تتعلق بالسياسة الخارجية الأميركية تجاه العراق، وعملية السلام في الشرق الأوسط.
ولم يفاجئ الموقف، الذي اتخذته رايس، الشارع المصري كثيراً، ولا سيما أنه يبدو أنّه أدرك أخيراً أن رايس توصلت إلى صفقة بسيطة، يتم بمقتضاها استبعاد الحديث عن أي أمور تزعج السلطات المصرية مقابل الحصول على دعمها لسياسات واشنطن الجديدة في العراق والأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقال متحدث باسم السفارة الأميركية في القاهرة لـ “الأخبار” إن “ما جرى هو أنه لم يكن هناك أي وقت للحديث عن أي أمور داخلية ولا نزال نتحاور مع أصدقائنا المصريين بشأنها”. لكن الواقع أن رايس أمضت قرابة ثلاث ساعات في محادثات مكثفة من دون أن تتطرق إلى ملف الإخوان المسلمين، الذين اعتبرهم مبارك أخيراً خطراً على أمن بلاده أو حتى ملفات التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان، التي مثّلت في السابق جملة من الانتقادات اللاذعة التي وجهتها الإدارة الأميركية ممثلة في شخص الرئيس الأميركي جورج بوش أو حتى وزيرة خارجيته في هذا الإطار على مدى العامين الماضيين.
ويقول دبلوماسيون غربيون إن حاجة واشنطن إلى دعم القاهرة في سياستها الجديدة تجاه العراق أجبرتها على تقديم تنازلات مهمة للمصريين، بحيث بات ملف الإصلاحات الداخلية غير مطروح على الإطلاق.
وخلال وجودها في مدينة الأقصر التاريخية العريقة جنوب مصر، لم تطلب رايس كما اعتادت في السابق، مقابلة أي من ممثلي المعارضة أو منظمات المجتمع المدني المحسوبين على السياسة الأميركية، وهي اللقاءات، التي كانت رايس تعقدها آنفا للتعرف إلى رؤيتهم المناقضة لمواقف نظام الحكم المصري.
ومن جهتها، أصدرت جماعة “الإخوان المسلمين”، أمس، بياناً لافتاً ومطولاً أكدت خلاله أن الإخوان لم ولن يكونوا في يوم من الأيام إلا دعاة خير، يبتغون مصلحة الوطن وأمنه واستقراره ومصلحة الأمة ونهضتها ورقيّها،
وبعدما استعرض مجموعة من التصريحات السابقة للرئيس مبارك التي يشيد فيها بالإخوان، قال البيان “إن الذي يتسبّب في هروب المستثمرين هو الاستبداد والفساد وقانون الطوارئ، الذي تم في ظله اعتقال عشرات الآلاف، من دون تحقيق ولا اتهام ولا محاكمة لمدد تجاوزت العشر سنوات، وهو المحاكم الاستثنائية، وجحافل الأمن المركزي التي توحي للغريب أن البلد في حالة حرب، وهو الاعتداء المستمر على حقوق الإنسان وكرامته ومصادرة حرياته وعدم احترام أحكام القضاء، والفساد المستشري في كل قطاعات الدولة، والذي يتحدث عنه الجميع في الداخل والخارج”.
وأعربت الجماعة المحظورة سياسياً منذ عام 1954 عن ألمها لما صرّح به الرئيس مبارك قبل أيام، من أنها تمثل خطراً على أمن مصر. وخلص البيان الذي حمل توقيع المرشد العام للإخوان المسلمين محمد مهدي عاكف “أن أمن مصر نفتديه بأرواحنا وأولادنا وأموالنا”.