strong>جولة وزيرة الخارجية الأميركية انتهت، الفشل أو النجاح سيتحدّدان لاحقاً، لكن المؤكد أن “مخدّر السلام”، الذي استعملته كوندوليزا رايس مع العرب، بدأ يأخذ مفعوله، وهي تعلم أن الصحوة منه ستبقي الوضع على ما هو عليه
أنهت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس أمس جولتها في الشرق الأوسط، وعادت إلى واشنطن، على وعد بالعودة الشهر المقبل لعقد لقاء ثلاثي يجمعها مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت لإحياء عملية السلام “بعد تغيّر الاصطفافات في الشرق الأوسط” في أعقاب العدوان على لبنان، وتوحّد “الأهداف الاستراتيجية بين إسرائيل والسعودية”.
ورغم النتائج غير الواضحة لجولتها، إلا أن الوزيرة الأميركية حاولت، خلال حديثها إلى صحافيين من “واشنطن بوسط” و“نيويورك تايمز” على متن الطائرة التي أقلتها إلى واشنطن، إضفاء أجواء إيجابية على محادثاتها التي شملت ست دول عربية إضافة إلى ألمانيا وبريطانيا، والتي هدفت بشكل أساس إلى إنشاء تحالف ضد “المتطرفين”.
وقالت رايس إنه “رغم الاجتماعات اليومية المرهقة، نعتقد أن الشروط أصبحت ملائمة اليوم لإعادة ترتيب أساسية للشرق الأوسط”. وأضافت “لا يمكن أن نكون دبلوماسيين ناجحين إذا لم نفهم السياق الاستراتيجي الذي تفاوض فيه”. وأضافت إن “الأمر لا يتعلق بصنع اتفاق، هناك مجموعة من العلاقات وتوازن القوى تؤخذ بالاعتبار لدى الطرفين، وبعدها علينا أن نحدد، عندما نكون في الموقع المناسب، طريقة إيجاد حل تراعي هذه التوازنات”.
وبناءً على هذه المعادلة، رأت رايس أن “الوقت ليس مناسباً للتعامل مباشرة مع إيران وسوريا، اللتين تسببان مشاكل في العراق، لأنهما لم تُظهرا إشارات إلى استعدادهما لتغيير سلوكهما.” ولم تعارض الوزيرة الأميركية محاولة الحكومة العراقية إقامة علاقات مع إيران. ورأت أن مقارنة إقامة حوار مع إيران وسوريا، بالحوار الذي كانت تقيمه الإدارة الأميركية مع الاتحاد السوفياتي السابق ونظام سلوبودان ميلوسيفيتش، “ليست في محلها”.
في المقابل، رأت رايس أن فرص التوصل إلى سلام في الشرق الأوسط أصبحت “أكثر إشراقاً”. وقالت “حصل الكثير من الأمور في الشرق الأوسط خلال السنوات الماضية، وكثير من الأمور أصبحت أكثر وضوحاً”.
ورأت وزيرة الخارجية الأميركية أن “هناك مجموعة من العوامل، مثل الخوف المتصاعد من المجموعات المتطرفة لدى التيار العربي الأساسي بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان، وهو ما يعطي الأخصام التاريخيين، مثل السعودية وإسرائيل هدفاً استراتيجياً مشتركاً”.
وتتابع رايس “أنه بناءً على هذا التحوّل في الاصطفافات، أعتقد أن لدينا اليوم فرصة لتحقيق تقدّم أكثر مما سبق”.
وأضافت رايس “أريد التشديد على حقيقة أن الناس في الشرق الأوسط ينظرون إلى اهتماماتهم بشكل مختلف اليوم”. وأوضحت “إنهم ينظرون إلى مصالحهم اليوم على أنها جزء من استراتيجية أوسع”.
ورأت رايس أن العدوان الإسرائيلي على لبنان “كانت له مساهمة أساسية في تغيير الاصطفافات”. وقالت إنها تنوي “إنشاء إطار عمل جيو ـــ سياسي في الشرق الأوسط يجمع المعتدلين السنة والشيعة في حلف قوي في مواجهة المتطرفين السنة والشيعة”.
ونبّهت الوزيرة الأميركية الدول العربية السنية بأن عليها أن تفهم أن “الحكومة العراقية، التي يقودها الشيعة، تعتبر نفسها عربية، والطريقة الوحيدة لعقدها تحالفاً مع إيران ستكون إذا لم يعترف العرب بقيادة شيعية للعراق في العالم العربي”.
وكانت رايس قد قالت، خلال محطتها الأخيرة في لندن أول من أمس، إنها تمكنت من «حلحلة» المباحثات الاسرائيلية الفلسطينية، معتبرة أنها «دفعت العملية (السلمية) الى الإمام».
وأبدت رايس عزمها على العودة الى الشرق الأوسط قبل 15 شباط المقبل لعقد اجتماع ثلاثي مع أولمرت وعباس. وأعربت عن رضاها عن حصيلة جولتها في الشرق الأوسط. وقالت «أعتقد أنه بحديثنا إلى الناس واستماعنا اليهم، دفعنا العملية الى الإمام، وخصوصاً لأن الجميع يريدون البقاء في إطار خريطة الطريق».
وأفادت مصادر دبلوماسية بريطانية أن رايس ورئيس الوزراء البريطاني طوني بلير بحثا السياسة الجديدة للرئيس الأميركي تجاه سوريا وإيران وكيفية تقديم الدعم إلى حكومة رئيس الوزراء فؤاد السنيورة في لبنان.
(الأخبار)