طهران ــ إيلي شلهوب
تصرّ إيران على أن مصدر سلاح حزب الله ليس مهماً، بل مقاومته لإسرائيل، وعلى أن دعمها له لا يعني أنها لا تلتفت إلى مكانة الحكومة اللبنانية. وهي تعلن صراحة دعمها لمبادرة عمرو موسى، وإن كانت تؤكد على أنها لا تتدخل في تفاصيل الحياة السياسية اللبنانية

قال نائب وزير الخارجية الإيراني مهدي مصطفوي، خلال لقاء مع عدد من الصحافيين اللبنانيين في طهران، رداً على سؤال عما إذا كانت الأزمة اللبنانية تسير نحو تصعيد أو انفجار، «ليس لدينا مثل هذا الانطباع ومثل هذه المعلومة، لكننا نأمل في أن تتم تسوية المشاكل القائمة حالياً في أسرع وقت، وأن يعيش لبنان في أجواء هدوء تام، وبالتأكيد سيكون استتباب الاستقرار والهدوء في لبنان عاملاً ذات تأثير في استتباب الأمن والاستقرار في المنطقة».
وأضاف مصطفوي، رداً على سؤال عن الإعلان الإيراني المتكرر بأن طهران تدعم فريقاً لبنانياً مقاوماً، واتهامات بعض اللبنانيين لها بأنها تقف ضد فريق لبناني آخر، «دعمنا هذا ليس للبنان المقاوم فحسب، بل ندعم كافة الشعوب التي يقع عليها ظلم وتعسف. نعتقد بأن هذا هو واجب جميع الناس وجميع الحكومات التي تدعو إلى السلام وتنشد الحرية والحق، ونحن نعتب دائماً على بعض الجماعات والدول التي تمارس اللامبالاة حيال المقاومة في لبنان»، مشدداً على «أننا ندعم لبنان من حيث المجموع، وأن تتهم إيران بأنها تهتم بفريق واحد، فهذا مجرد اتهام فحسب، وقد جاء من بعض الأشخاص. نحن نتواصل مع مختلف الفئات والجماعات اللبنانية وهذه الفئات على علم بمواقفنا».
وتابع مصطفوي إن «دعمنا للمقاومة في لبنان، ولتضحياتها، لا يعني التدخل في الشؤون الداخلية لهذا البلد. إن الدعم الذي نقدمه للبنان دعم علني، ومواقفنا شجاعة ومطروحة علناً. وعندما نعلن عن مواقفنا بشكل واضح، فهذا لا يعني التدخل في الشؤون اللبنانية. إن مواقفنا والمساعدات التي نقدمها تتم في إطار الاسس القانونية والرسمية في لبنان».
ورداً على سؤال لـ«الأخبار» عمّا إذا كان تقديم أسلحة لحزب الله يأتي في إطار الأسس القانونية والرسمية في لبنان، قال مصطفوي «مَن الذي يقول إننا نزود حزب الله بالسلاح؟ نحن نرى طبعاً أن على جميع الدول التي تنشد الحرية أن تهب لمساعدة لبنان في مجال تزويده بالسلاح، وفي المجال الاقتصادي والمالي وفي مجال مختلف أنواع المساعدات لمواجهة الاعتداءات الصهيونية. نحن في أي محفل دولي أو إقليمي أو في أي لقاءات تجرى مع الآخرين، أعلنا وتساءلنا لماذا لا تُقدم المساعدات الى لبنان كما ينبغي باعتباره الخندق الأول في مواجهة العدو الصهيوني؟».
وأضاف مصطفوي «المستغرب هو أن القوى الكبرى، وعلى رأسها أميركا والدول الأوروبية، تعلن رسمياً عن تقديمها مختلف أنواع الدعم والسلاح إلى الكيان الصهيوني، في حين لا يتساءل أحد لماذا يقدمون كل هذا الدعم؟ ولكن إذا تم تقديم الدعم لهذا الشعب المقاوم الذي صمد لأول مرة أمام الصهاينة، فأعتقد أنه ينبغي علينا ألا نسأل لماذا نقدم الدعم للشعب اللبناني؟ حزب الله وسلاحه كالكهرباء، لا يراه أحد، ولكن تلمس آثارها وتأثيراتها. أن نتساءل من أين تأتي هذه الأسلحة، فهذا ليس واضحاً وليس مهماً، المهم هو أن يتمكن الشعب اللبناني من الصمود أمام هذا الكيان الصهيوني المدجج بالسلاح الذي يقدمه الغرب».
ورداً على سؤال لـ«الأخبار» عن المشكلة التي استجدّت بين إيران والنائب وليد جنبلاط، قال مصطفوي: «كان لدينا تواصل طيب، وكان بيننا العديد من المواضيع. لم تكن لدينا أي مشكلة معه، لكنه منذ فترة زمنية محددة، قام بالإدلاء بتصريحات وصراخ يعتقد بأنه لا يساعد ولا يقدم أي مساعدة لحل القضايا التي يواجهها لبنان. نعتقد بأنه إذا أراد أن يستقطب مساعدة إيران وإمكاناتها باتجاه حل قضايا لبنان، فالأسلوب الذي يتبعه ليس صحيحاً، وعليه أن يغيّره». وأضاف مصطفوي «نرى أن السيد وليد جنبلاط شأنه شأن الشخصيات ذات التأثير في لبنان، بإمكانه أن يقوم بدور بنّاء في لبنان، لكن السبيل البناء والطريقة البناءة لا يعنيان الممارسات التخريبية».
ورداً على سؤال لـ«الأخبار»، عن اللقاء المثير للجدل بين الرئيس فؤاد السنيورة ووزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي، قال مصطفوي: إن «ما يستند إليه السيد السنيورة في هذا الشأن ليس له أي أساس من الصحة». وأضاف ان السنيورة «كان مصرّاً على أن يستمع الى وجهة نظر وزير الخارجية الإيراني بشأن موضوع مزارع شبعا: هل توضع بتصرف الأمم المتحدة؟ أو ما هو السبيل لتحريرها؟ أو طريقة التعامل مع هذه القضية؟ كان متكي، شأنه شأن جميع الإيرانيين، يتجنب التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، لذلك كرر السيد الوزير جملة واحدة مرات عديدة في هذا اللقاء. وهي أننا ندعم ما يجمع عليه جميع اللبنانيين. كان السيد السنيورة مصرّاً طبعاً على أن توضع المزارع تحت تصرف الأمم المتحدة، وأن توافق إيران على ذلك، لكن إيران لا تتدخل في هذه الشؤون، وهذا شأن لبناني».
وتابع مصطفوي «بما أننا نتحدث عن موضوع السنيورة، أريد أن أذكر أمراً، وهو أن أول وفد رسمي سافر إلى لبنان بعد الحرب كان يترأسه المساعد التنفيذي لرئيس الجمهورية السيد سعيد لو، وبرفقته وزير الإسكان سعيدي كيا، وأنا. خلال لقائنا مع السيد السنيورة، أعربنا رسمياً عن استعدادنا التام لتقديم مختلف المساعدات لإعادة بناء ما دمرته الحرب الإسرائيلية. وفي ذلك الاجتماع بالذات، رحب السنيورة بذلك، وخلال تلك الزيارة تم إقامة تواصل بين مختلف الوزارات الإيرانية مع نظيراتها في لبنان».
وأضاف مصطفوي «أعلنّا بأننا سنقدم جميع مساعداتنا عن طريق الحكومة اللبنانية... وموقفنا يقوم على أن المساعدات التي نقدمها الى لبنان تتم في إطار الحكومة اللبنانية. وفي ذلك اللقاء بالذات مع السنيورة، قلنا إن الدعم الذي نقدمه للمقاومة في لبنان وحزب الله لا يعني عدم تقديم الدعم للحكومة اللبنانية وعدم الالتفات إلى مكانة الحكومة وموقعها في لبنان»، مشيراً إلى أن حجم المساعدات التي قدمتها إيران لحكومة السنيورة بعد العدوان يبلغ نحو مئة مليون دولار تم إنفاق نصفها تقريباً.
ورداً على سؤال عن موقف إيران من مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة عمرو موسى، قال مصطفوي، «نحن في الصورة بالنسبة للنشاطات التي يقوم بها عمرو موسى. ندعم مبادرته بشكلها العام، ونؤيدها، لكننا لا ندخل في التفاصيل، لأننا نعتقد بأن المسؤولية في هذا الشأن تقع على عاتق الشعب اللوتابع مصطفوي، رداً على سؤال عن وجود محاولة إيرانية للتوسط بين سوريا والسعودية ومصر، «نعتبر اللامبالاة حيال الشؤون اللبنانية خطيئة كبرى. ونرى أنه في هذه الظروف الصعبة، علينا ألا نترك لبنان وحيداً،.. ونحن لن نتوانى عن القيام بأي خطوة من أجل ذلك».