طهران ـــ محمد شمص
تنشط هذه الأيام اتصالات المسؤولين الإيرانيين داخلياً وخارجياً بكثافة، للحد من تفاقم المشكلة المذهبية بين السنة والشيعة، التي بدأت في العراق وتتسلل شيئاً فشيئاً الى دول عربية وإسلامية أخرى.
وأتت زيارة أمين مجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني الى السعودية، كتأكيد على جدية هذه المساعي، وخصوصاً أن الرسالة التي حملها من المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية السيد علي خامنئي الى الملك السعودي عبد الله، تضمنت دعوة إلى الرياض للتعاون بين الدولتين في سبيل الحؤول دون نجاح هذا المشروع التحريضي المذهبي بين الطائفتين الكبيرتين.
وجال لاريجاني أمس على المرجعيات الدينية في مدينة قم مقدماً إلى العلماء شرحاً مفصلاً عن أوضاع المنطقة وتطورات العراق على وجه الخصوص، فيما شددت مراجع الحوزة على ضرورة الحفاظ على وحدة المسلمين والابتعاد عن أي عمل يثير الفتنة بين السنة والشيعة.
وفي الإطار نفسه، شدّد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد خلال لقائه وزير الدفاع السوداني عبد الرحيم محمد حسين في طهران على أن “زرع الخلافات بين المسلمين وإثارة النعرات الطائفية يندرجان في سياق ضمان مصالح القوى الاستكبارية والصهيونية”، مضيفاً إن “الدول المتغطرسة تحاول، من خلال تأسيسها الكيان الصهيوني واحتلال البلدان الإسلامية، تقسيم الدول الإسلامية الكبيرة والمقتدرة، ولكن يتعين على الشعوب الإسلامية أن تحافظ على الوحدة والانسجام واليقظة لإحباط مؤامرتهم”.
ويبدو أن هذا الخطاب الوحدوي الإيراني بدأ يعمّم على أئمة الجمعة وعلماء الدين فضلاً عن دوائر القرار السياسي والإعلامي. وقد كان محور خطبة الجمعة في طهران، التي ألقاها أمس آية الله محمد إمامي كاشاني، الذي اتهم الأميركيين والبريطانيين بإثارة الفتن بين السنة والشيعة مستهدفين تفتيت قدرة المسلمين ووحدتهم.
وقال كاشاني “لقد عملوا على استغلال عملية إعدام الرئيس السابق صدام حسين من خلال الإيحاء بأن الحكومة العراقية (الشيعية) هي من أعدمت الرئيس العراقي (السني) لا الأميركيين أو جرائم صدام التي لم يوفر فيها لا سنياً ولا شيعياً”. وأضاف “إن الاحتلال الأميركي يتخبط في العراق، لهذا فهو يتهم السنة تارة والشيعة تارة أخرى ويثير الفتنة بينهما ويحشد الجنود والقوات طوراً آخر، ولا يدري كيف يخرج من مأزقه”.

من جهة أخرى، رأت مصادر سياسية إيرانية أن عملية خطف الدبلوماسيين الإيرانيين الخمسة في أربيل قد تكون محاولة أميركية لإيجاد مادة تفاوضية قد تدفع بالإيرانيين للشعور بالحاجة الى الأميركي، وبالتالي الجلوس معه على طاولة الحوار، وخاصة بعد إخفاق الإدارة الأميركية بالضغط على إيران من خلال قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1737 القاضي بفرض عقوبات عليها.
وقال نائب أمين مجلس الأمن القومي الإيراني محمد جعفري إن الهدف من عملية الخطف هو تعطيل العلاقات المتنامية بين إيران والعراق وإعاقة تطورها، مشيراً الى أن العملية حصلت أثناء وجوده في العراق على رأس وفد سياسي في زيارة رسمية، التقى خلالها الرئيس العراقي جلال الطالباني ورئيس الوزراء نوري المالكي وعدداً من المسؤولين العراقيين.
وبشأن الهدف من التحركات العسكرية الأميركية في مياه الخليج وعلاقتها بإيران، قال جعفري إن الرئيس الأميركي جورج بوش يحاول أن يلقي مسؤولية فشله في العراق على إيران، مضيفاً “إن الإدارة الأميركية تحاول أن تجد مبررات لفشلها في العراق من خلال توجيه الاتهامات إلى طهران، لكن الشعب العراقي هو الذي قام بإفشال المخططات الأميركية من خلال إجراء الانتخابات وتأليف حكومة منتخبة”.
وشدد جعفري على أن “إيران أدت حتى الآن دوراً إيجابياً لاستتباب الأمن في العراق”، متسائلاً “هل تم العثور حتى الآن على إيراني واحد قام بعمليات انتحارية في العراق؟ أليس هؤلاء الأشخاص الذين يقومون بعمليات انتحارية هم من الدول العربية الحليفة لأميركا؟ هل من المنطقي ان يتلقى هؤلاء العرب أوامرهم من إيران؟”.