غزة ـــ رائد لافي رام الله ــ الأخبار

أجواء التفاؤل الداخلية الفلسطينية قد لا تستمر طويلاً، ولا سيما أن بوادر الاتفاق على الحكومة قد يبددها أي تدخل خارجي، بدأ من واشنطن، عبر “فيتو” وضعته الإدارة الأميركية على إسماعيل هنية، ورفض ترشحه لرئاسة الحكومة

طغى تجدد الاشتباكات، أمس، بين مسلحين من “فتح” و“حماس” على الحوار الوطني الفلسطيني، الذي أجمع المشاركون فيه على وصف أجوائه بأنها “إيجابية”، رغم الاتهامات بالفساد التي تبادلتها الحركتان الفلسطينيتان، وما تسرّب عن رفض أميركي لتولي إسماعيل هنية رئاسة الحكومة المقبلة، قابلته “حماس” بالتأكيد أنه مرشحها الوحيد لهذا المنصب.
وأعلنت مصادر طبية وأمنية فلسطينية أمس إصابة أربعة فلسطينيين بجروح متوسطة في اشتباكات مسلحة وقعت بين عناصر من «فتح» و«حماس» في بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة.
وكانت اشتباكات مماثلة قد وقعت بين أنصار الحركتين في البلدة نفسها مساء أول من أمس من دون الإعلان عن وقوع إصابات.
وأعلنت مصادر فلسطينية أمس عن وفاة مواطن فلسطيني خلال احتجازه منذ بضعة أيام في مقر القوة التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية في مدينة رفح جنوب القطاع.
وفي سياق الحوار الداخلي، اتفقت الأطراف الفلسطينية المتحاورة في مدينة غزة على أن يكون السقف الزمني للحوار محدداً بفترة أسبوعين، يتم بعدئذ الإعلان عن النتائج. وقالت مصادر مطلعة على الحوار إن “الفصائل والقوى الفلسطينية أقرت في الجلسة الأولى جدول الأعمال الذي تضمّن خمس نقاط أساسية هي: تأليف حكومة الوحدة الوطنية، وتفعيل منظمة التحرير وفقاً لاتفاق القاهرة، وإنشاء مجلس الأمن القومي، وإعادة بناء الاتحادات المهنية والاجتماعية والنقابية وفق أسس ديموقراطية سليمة لضمان عدم احتكارها من جهات حزبية، وتأليف جبهة مقاومة موحدة”.
ومن المقرر أن تعقد لجنة الحوار الوطني جلسة ثانية مساء غد الجمعة، لاستكمال البحث في بند تأليف الحكومة وتوزيع الحقائب الوزارية، والاطلاع على البرنامج السياسي المقدّم من لجنة الصياغة.
ورغم أجواء التفاؤل، حافظت حركة «فتح» على تشاؤمها إزاء الوصول إلى برنامج قواسم مشتركة. ووفقاً للمتحدث باسمها أحمد عبد الرحمن، فإن “حماس تقف عقبة في طريق برنامج إجماع وطني بفعل إصرارها على برنامجها الحزبي الخاص، وعدم التجاوب مع التوافق الوطني الشامل”. وقال عبد الرحمن إن “على حركة حماس أن تراجع نفسها وتراجع برنامجها وتتكيف مع البرنامج الوطني العام الذي تمثّله برامج منظمة التحرير، والاتفاقات التي وقعتها، والشرعيات الثلاث، الفلسطينية والعربية والدولية، ومن دون ذلك سيظل المأزق قائماً، ولن تتقدّم قضيتنا مهما قيل عن الحوار ومهما قيل عن الآمال المعلّقة على الحوار”.
في هذا الوقت، ذكرت مصادر فلسطينية مطلعة، لـ“الأخبار” أمس، أن الإدارة الأميركية أبلغت مكتب الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنها سترفض التعامل مع أي حكومة فلسطينية يكون إسماعيل هنية على رأسها.
وأوضح المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن الولايات المتحدة أبلغت مكتب عباس بأن وضع هنية على سدة الحكم من جديدة يعني أن الحصار سيبقى كما هو وستظل المقاطعة الدولية والعربية للحكومة الفلسطينية، وأن الحكومة ستكون “حمساوية” بامتياز، ولم يطرأ عليها أي تغيير حقيقي.
ونفت الحكومة الفلسطينية علمها بالاعتراض الأميركي على شخص رئيس الوزراء المقبل. وقال المتحدث باسمها، غازي حمد، إن “الحكومة الفلسطينية لم تبلغ رسمياً من جانب الرئاسة بمثل هذه التطورات”. وأضاف إن “الاسم الوحيد المطروح لرئاسة حكومة الوحدة الوطنية هو إسماعيل هنية”.
وفي هذا السياق، تبادلت حركتا “فتح” و“حماس” الاتهامات بالفساد المالي والإداري. وقال المتحدث باسم “فتح” في الضفة الغربية، جمال نزال، “إنه وبناءً على وثائق رسمية ومراسلات حكومية، فإن حكومة حماس ماضية في سبيل التعيينات العشوائية والترقيات غير القانونية بما يثقل كاهل الميزانية العامة”.
بدوره، اتهم النائب في المجلس التشريعي عن “حماس”، مشير المصري، من سماهم “الفريق الانقلابي” بالتستر على ملفات فساد ضخمة، مشيراً إلى أنهم يختلقون الادعاءات ضد الحكومة الفلسطينية لهذا الغرض. وأوضح أن “التيار الانقلابي لا يزال مصرّاً على سياسة التحريض لمحاولة إسقاط الحكومة الفلسطينية، وشن الحرب الإعلامية والسياسية” ضدها.