واشنطن ــ عمر أحمد
«إرهابيو حزب الله يسعون إلى تقويض حكومة لبنان المنتخبة والشرعية»

كان يُفترض أن يُخصص الرئيس الأميركي جورج بوش خطابه السنوي عن حال الاتحاد حول الوضع الداخلي الأميركي والمخاطر التي تحدق بالأمن القومي، فضلاً عن الحرب في العراق، لكنه قفز خطوات الى الأمام، متخطياً جميع الأولويات بوضعه «إرهابيي حزب الله» وحكومة لبنان «المنتخبة والشرعية» فوق كل اعتبار. وهكذا أصبح خطر «المتطرفين الشيعة» مساوياً لمثيله السنّي، مع الإقرار الصريح بأن «هذه ليست الحرب التي أردنا خوضها» في العراق.
وقال بوش، أمام الكونغرس، إن «إرهابيي حزب الله، الذين زرعوا، بدعم من سوريا وإيران، الصراع في المنطقة، يسعون إلى تقويض حكومة لبنان المنتخبة والشرعية»، مشيراً إلى أنه «في الفترة الأخيرة، أصبح واضحاً أيضاً أننا نواجه خطراً متزايداً من المتطرفين الشيعة، وهم عدائيون تجاه أميركا، ومصممون على الهيمنة على الشرق الأوسط. ومن المعروف أن العديد منهم يأخذون أوامرهم من النظام في إيران، والذي يموّل ويسلّح إرهابيين مثل حزب الله، المجموعة التي تأتي في المرتبة الثانية من حيث إزهاقها لأرواح الأميركيين بعد تنظيم القاعدة».
ورأى الرئيس الأميركي أن «المتطرفين الشيعة والسنة وجهان للتهديد الاستبدادي والشمولي نفسه»، مضيفا أن «تنظيم القاعدة وأتباعه هم من المتطرفين السنّة، تقودهم الكراهية، ويأتمرون بأيديولوجية قاسية وضيقة».
وفي الشأن اللبناني أيضاً، قال بوش إنه «خلال العامين الماضيين، شهدنا رغبة كبيرة في الوصول إلى الحرية في الشرق الأوسط الكبير. لقد شاهد العالم بأجمعه لبنان وهو يرفع راية ثورة الأرز، ودفع اللبنانيون المحتلين السوريين إلى مغادرة بلادهم، وانتخبوا قادة جدداً في انتخابات حرة»، مشيراً الى أن «العدو راح يراقب جميع هذه الحالات، وغيّر من تكتيكاته، وعاد في عام 2006 ليضرب مجدداً. في لبنان، اغتيل بيار الجميل، أحد أهم المشاركين في ثورة الأرز. وفي أفغانستان، حاول مقاتلو الطالبان والقاعدة استعادة السلطة، من خلال إعادة التجمع ومحاربة قوات الأطلسي والقوات الأفغانية. وفي العراق، نسف مقاتلو القاعدة، وغيرهم من المتطرفين السنّة، أحد أكثر الأماكن المقدسة لدى المسلمين الشيعة؛ المسجد الذهبي في سامراء»، في إشارة الى تفجير مرقد العسكريين في شباط الماضي.
وتابع بوش «بالنسبة لأميركا، هذا السيناريو كابوس. بالنسبة للعدو، هذا هو هدفه؛ الفوضى هي حليفهم الأكبر في هذا الصراع، وليس هناك شيء أهمّ في هذه اللحظة من تاريخنا أكثر من أن تنجح أميركا في الشرق الأوسط، أن تنجح في العراق، وأن توفّر على الشعب الأميركي هذا الخطر».
وفي الملف العراقي، أقرّ بوش بأن «هذه ليست الحرب التي أردنا خوضها في العراق، لكن هذه هي الحرب التي نخوضها اليوم»، في اعتراف ضمني بأنه لم يكن يتوقع أن يصل الوضع الى ما هو عليه في هذا البلد، لكنه أضاف أن «إمكان تصحيح الوضع القائم حالياً لا يزال بمتناول أيدي أميركا».
ورأى بوش أنه «مع القوات العراقية في المقدمة، ستتمكن قواتنا من المساعدة على ضبط الوضع في المدينة (بغداد) عبر ملاحقة الإرهابيين والمتمردين، وفرق الإعدام المتجولة»، داعياً الكونغرس الى منح استراتيجيته الجديدة بشأن العراق «فرصة للنجاح».
وتعهّد الرئيس الأميركي بأن «يُجري الحزبان (الجمهوري والديموقراطي) مشاورات مكثفة»، مقترحاً إنشاء «مجلس استشاري خاص للحرب على الإرهاب يضم قادة الحزبين السياسيين في الكونغرس».
وتوجه بوش إلى الشعب الأميركي بالقول: «كونوا على ثقة من نتيجة هذا الصراع، لأننا لا نخوضه لوحدنا. لدينا استراتيجية دبلوماسية تحاول حشد العالم لينضم إلينا في هذه الحرب ضد التطرف. في العراق، تعمل القوات المتعددة الجنسيات بموجب تفويض من الأمم المتحدة. نعمل مع الأردن والمملكة العربية السعودية ومصر ودول الخليج من أجل زيادة الدعم للحكومة العراقية».
وكرر بوش الكلام عن أن «أعداء أميركا واضحون جداً حيال نواياهم، إذ إنهم يريدون إطاحة حكومات معتدلة، وتأسيس ملاذات آمنة يمكنهم من خلالها التخطيط وتنفيذ هجمات جديدة ضد بلادنا»، مشيراً الى أن «السؤال الكبير الذي تواجهه أميركا اليوم هو ما إذا كانت على استعداد لمساعدة الرجال والنساء في الشرق الأوسط لبناء مجتمعات حرة وتقاسم جميع الحقوق التي تؤمن بها الإنسانية».
وفي ما يخص المسألة الإيرانية، كرر بوش موقفه من أن «العالم لن يقبل بأن ينجح النظام في طهران باقتناء سلاح نووي».
أما في الصراع الفلسطيني ــ الإسرائيلي، فقد أشار بوش الى أن اللجنة الرباعية، المؤلفة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وروسيا، لجأت «إلى الدبلوماسية من أجل السعي إلى جلب السلام إلى الأراضي المقدسة، ومتابعة مسألة إنشاء دولة فلسطينية ديموقراطية تعيش جنباً الى جنب، بسلام وأمن، مع إسرائيل».
وفي أول رد فعل على خطابه، اتهم الديموقراطيون بوش بـ«التهور» في إقحام أميركا بالحرب في العراق. وقال السيناتور جيمس ويب إن الشعب الأميركي «تحمّل بصبر حرباً تتم إدارتها بشكل سيئ لمدة نحو أربع سنوات»، مضيفاً أن بوش «قادنا الى الحرب بتهور».
بدوره، رأى السيناتور الديموقراطي باراك أوباما، المرشح للانتخابات الرئاسية، أن «الرئيس (بوش) لم ينجح في إقناع ناقديه بأنه يسير في الطريق الصحيح»، مطالباً بـ«سحب القوات تدريجاً للبدء في إعادة قواتنا إلى البلاد».
كذلك، قال النائب الجمهوري والتر جونز إن «البنتاغون حذّر من أن رفع عديد قواتنا في العراق سيؤدي إلى زيادة هجمات القاعدة، ويوفر مزيداً من الأهداف للمسلحين السنة».
وفي لندن، رأى رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير أمس أنه سيكون إجراء «غير مسؤول بشدة» تحديد جدول زمني لسحب القوات البريطانية من العراق.
وقال بلير، في معرض رده على اقتراح من حزب الأحرار الديموقراطيين المعارض بإعادة القوات الى الوطن بحلول تشرين الأول المقبل، إن «مثل هذا الإجراء سيبعث بإشارات كارثية الى المسلحين الذين تقاتل ضدهم القوات البريطانية في محافظة البصرة» جنوب العراق.


أعداء أميركا واضحون جداً حيال نواياهم. إنهم يريدون إطاحة حكومات معتدلة وتأسيس ملاذات آمنة يمكنهم من خلالها التخطيط، وتنفيذ هجمات جديدة ضد بلادنا. وليس هناك شيء أهمّ في هذه اللحظة من تاريخنا أكثر من أن تنجح أميركا في الشرق الأوسط، وخاصة في العراق، وأن توفّر على الشعب الأميركي هذا الخطر.