«هآرتس» ـــ يسرائيل هرئيل
وجّه رئيس الوزراء (إيهود أولمرت) ووزير الدفاع (عامير بيرتس)، من خلال تعيين اللواء احتياط غابي اشكنازي رئيساً لهيئة الأركان، رسالة إلى الجنود والضباط والشعب، رسالة معيارية هامة: أولئك الذين كانوا على رأس القيادة التي فشلت، وإن لم يكونوا على رأس الهرم، لا يستحقون هذا المنصب الرفيع. وعندما يُفضِّل المسؤولون ذوو العلاقة جنرال احتياط على كل الجنرالات النظاميين، فهم يقولون إن هناك مسؤولية جماعية، وخصوصاً إذا كان الأمر يتعلق بفشل عسكري غير مسبوق منذ قيام الدولة.
لو أن أعضاء هيئة الأركان الفاشلين يتحلّون بالاحترام لكانوا استقالوا بعد الحرب مباشرة. ولو كانوا طلاب حقيقة لفعلوا ذلك بعدما كشفت التحقيقات الأولية إخفاقاتهم. إلا أن رئيس هيئة الأركان جر رجليه وتباطأ لفترة نصف عام، ولا يزال باقي أعضاء هيئة الأركان يتشبثون حتى يومنا هذا بقرون المذبح. رغم ما يشير اليه تعيين اشكنازي ـــ حتى الخجل قد ضاع ـــ إلا أنهم لا يذهبون في أعقاب دان حالوتس.
رسالة موشيه كابلنسكي تُظهر أن واجب تحمل المسؤولية القيادية البديهي، الذي يردده كل ضابط صغير صبح مساء، يتوقف في الجيش الإسرائيلي اليوم عند أعتاب ديوان نائب رئيس هيئة الأركان. تنصّل الجنرالات النظاميين من المسؤولية المهنية والقيادية والأخلاقية إنما يبرهن على أن أولمرت وبيرتس أحسنا صُنعاً عندما جنّدا جندياً احتياطياً للخدمة النظامية.
عندما بدأت الكاتيوشا تتساقط على المناطق الشمالية كانت مهمة الجيش الأساسية تدمير منصات الإطلاق، وعندما لم يفعل ذلك حتى اليوم الأخير للحرب ـــ وفقاً لتوازن القوى الكمّي والتكنولوجي بيننا وبين حزب الله وكان من الممكن فعل ذلك من دون صعوبات خاصة ـــ يرى أنه قد فشل في مهمته. إعادة بنائه استوجبت استدعاء شخص لم يكن مشاركاً في الفشل.
آلاف الضباط الشبان، الذين ضاقوا ذرعاً من تنصل المسؤولين عليهم من المسؤولية، كانوا بانتظار هذه الخطوة. اشكنازي يعرف بالتأكيد أن التغيرات التنظيمية وإعادة تعبئة المخازن وتدريب الاحتياط لن تهز الجيش ولن تُعيد اليه روحه المفقودة. أولئك الذين تسبّبوا بإفقاد الجيش هذه الروح لا يستطيعون أن يُعيدوها اليه بالتأكيد، وقادة الفرق من ضمنهم. هم أيضاً، رغم فشلهم في أرض المعركة، لا يزالون يواصلون الاحتفاظ بمناصبهم العليا بكل ما ينطوي عليه ذلك من مغزى في كل ما يتعلق بإعطاء نموذج شخصي، التغيرات التي يجب على اشكنازي أن يُقدم عليها في المناصب يجب أن تشمل المستوى التكتيكي الأعلى، لا أن تكون مقتصرة على جنرالات هيئة الأركان.
على رئيس هيئة الأركان الذي يبدأ مهمات منصبه أن يتجاسر على استخلاص العِبر بصدد سلاح الجو. هناك حملة إعلامية واسعة تسعى الى إظهاره على أنه كان على ما يرام، إلا أن الحقيقة تشير الى أنه هو أيضاً، وليس فقط سلاح المدرعات والمشاة، قد فشل.
ليست الصواريخ البعيدة المدى التي أطلقها سلاح الجو هي التي دفعت ثلث سكان دولة اسرائيل الى الفرار من منازلهم. سلاح الجو هذا، الذي لم تتمكن أي طائرة من مواجهته، لم ينجح في ضرب قواعد الكاتيوشا قصيرة المدى التي تسببت بقتل عشرات المدنيين وجرح المئات منهم وتدمير المنازل والبنى التحتية. وبذلك فشل سلاح الجو مثل سلاح البر في مهمته الأساسية، وهي وجوب قيام كل أذرع الجيش مجتمعة بمنع العدو من إصابة السكان المدنيين قبل كل شيء.