موسكو ــ حبيب فوعاني
إذا كان الموقف الروسي الحالي بعدم تصدير الأسلحة الى السلطة الفلسطينية في المرحلة الراهنة مفهوماً، لخشية موسكو من اتهامها بتقوية طرف على حساب آخر في الصراع الفلسطيني ــ الفلسطيني، فإن الاستنتاج الذي قامت به صحيفة “فريميا نوفوستي” الروسية، حول توريد الأسلحة إلى سوريا بعيد عن الواقعية، في ظل ما يجري من مباحثات دقيقة وصعبة بين الجانبين السوري والروسي.
فقد ذكرت “فريميا نوفوستي” أول من أمس أن “روسيا لا تستعجل تسليح سوريا وفلسطين”. وزفّت الصحيفة هذا الخبر إلى قرّائها تعقيباً على تصريحات رئيس الهيئة العامة للتعاون الدولي في وزارة الدفاع الروسية الجنرال أناطولي مازوركيفيتش والمدير العام لمؤسسة تصدير الأسلحة “روس أوبورون إكسبورت”، سيرغي تشيميزوف، حول تصدير الأسلحة الروسية إلى الجانبين الفلسطيني والسوري.
وكان الجنرال مازوركيفيتش قد ذكر في مؤتمر صحافي عقده الثلاثاء في مدينة بانغالور الهندية أن السلطة الوطنية الفلسطينية طلبت من روسيا بيعها طائرتي هليكوبتر و50 ناقلة جند مدرعة، وأن ذلك لن يتم “بسبب الوضع السياسي الداخلي المعقّد في فلسطين”. أما بالنسبة لاحتمال توريد الأسلحة النارية وذخائرها إليها، فإن “روسيا لا تنوي حتى النظر في هذا الموضوع”.
أما راديو “صدى موسكو” فنصح الفلسطينيين “بنسيان التقنية العسكرية الروسية”، التي وعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس في أيلول الماضي.
من جانبه، أعلن تشيميزوف أنه لم يتم بعد توقيع عقد توريد صواريخ “تريليتس” المضادة للطائرات إلى سوريا، وأنّ “من الصعب القول متى يتم توقيعه”.
وإذ يصرّ السوريون على تسلّم صواريخ الدفاع الجوي الخفيفة والفعالة والمحمولة على الكتف “إيغلا”، انهارت المفاوضات بهذا الشأن غير مرة لدى وصول معلومات عن ذلك إلى الإسرائيليين، الذين يتخوفون من نقل هذه الصواريخ إلى رجال المقاومة اللبنانية. وبسبب الضغوط الأميركية والإسرائيلية، اقترح الجانب الروسي على السوريين أنظمة صواريخ “ستريليتس” المشابهة، ولكن المركّبة على عربات مدرّعة ذات عجلات أو مجنزرات، والتي لا يمكن تفكيكها أو إطلاقها عن الكتف، وبالتالي تسهل مراقبتها والتحكم بها.
لكن يبدو أن دمشق لا تريد توقيع عقد جديد حول شراء أنظمة “ستريليتس” الدفاعية، التي لا يتعدّى مداها الستة كيلومترات.
ويعتبر المراقبون تصريح تشيميزوف المذكور تمويهاً على ما يجري في حقيقة الأمر وراء الكواليس، كما جرى بشأن توريد صواريخ “تور ــ إم” إلى طهران في اللحظة الأخيرة، بعد أن تعلّمت موسكو الدرس جيداً، عندما اضطرت في نيسان 2005 إلى الامتناع عن توقيع عقد بيع دمشق صواريخ “إسكندر ــ إ” التكتيكية ــ العملانية ذات المدى المتوسط، والتي يبلغ مداها 280 كيلومتراً، بعد تسريب الاستخبارات الإسرائيلية معلومات بشأنها إلى الصحافة الإسرائيلية.
ولذا، تؤكد مصادر إعلامية أن المفاوضات الحقيقية تجرى حالياً حول صفقة أسلحة كبرى تضم، إضافة إلى أنظمة “إيغلا” الصاروخية، أنظمة صواريخ “إسكندر ــ إ” التكتيكية. وتذكر هذه المصادر أن بوتين لمّح بعد أشهر من حظر توريد هذه الصواريخ إلى دمشق إلى إمكان توريدها مع الوقت.
وإضافة لذلك، وبحسب المصادر نفسها، تريد دمشق الحصول على عدد من أنظمة الدفاع الجوي الصاروخية الحديثة “إس ــ 300”.
كما تريد دمشق الحصول أيضاً على مزيد من منظومات الصواريخ المضادة للدبابات “كورنيت”، التي أثبتت فاعليتها ودمرت الكثير من دبابات “ميركافا” الإسرائيلية في العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان.
وتؤكد هذه المصادر أن طهران ستقوم بتسديد ثمن هذه الصفقة، التي ستفوق قيمتها الملياري دولار.