strong>تتخبّط البلدان الأفريقيّة في دوامة نزاعاتها الداخليّة وصراعاتها مع الخارج، ويبدو أنّ السلّم الزمني لتطوّر أفق وحدتها، محكوم بقمم، مغزاها الأساسي “رؤى شكليّة”، تكون غالباً بعيدة عن التطبيق انطلقت القمّة الثامنة للاتحاد الأفريقي في أديس أبابا، أمس، في كنف الصراعات التي تعيشها الدول الأعضاء حول تعدّد رؤى الحلول المستوحاة من واقع أفريقي متشرذم، سياسيّاً بالدرجة الأولى، في ظلّ انعكاسات التجاذبات الغربيّة.
وطغى موضوع تسلم غانا الرئاسة، بدلاً من السودان، على قاعدة الانتقادات الموجّهة إلى حكومة الخرطوم بشأن أزمة دارفور، على الأجواء المشحونة، إلى جانب استمرار المقاربات الهامشيّة وغير الخارقة حول وضع الصومال.
وأعلنت مديرة الاتصالات في الاتحاد الأفريقي، حبيبة مجري، في إطار القمّة التي تستمرّ يومين، أنّ غانا ستتولّى رئاسة المنظمة الأفريقية لسنة 2007، بعد تنحّي السودان، موضحةً أنّ “رؤساء الدول والحكومات ذكروا أنّ الرئاسة الدورية ستعود العام المقبل إلى شرق أفريقيا”، بحسب مبدأ التداول الإقليمي، الأمر الذي اعتبر الرئيس السوداني عمر البشير أنّه “لن يشكّل مشكلة”.
وانتقد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون “عمليات القصف الرهيبة” لدارفور من قبل القوّات السودانية، داعياً إلى السّعي للتوصّل «إلى إجماع حول الإسراع في نشر قوّة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي» في الإقليم المضطرب.
وشدّد كي مون، الذي التقى البشير لاحقاً، على ضرورة «العمل معاً لوضع حدّ للعنف وسياسات الأرض المحروقة»، منتقداً عجز القادة الأفارقة عن وقف تدهور الأوضاع في دارفور؟ ووصف الوضع في الإقليم بأنه «أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم»، داعياً القادة إلى التعاون مع الأمم المتحدة، كما فعلوا في السابق، في بوروندي وسيراليون.
وكانت منظمة العفو الدولية أعلنت أمس، على لسان مدير برنامجها الأفريقي تواندار هوندورا، أنّ الاتحاد سيُلحق الضرر بصدقيّته إذا انتخب السودان رئيساً له، بسبب استمرار العنف في إقليم دارفور.
ودعا رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، ألفا عمر كوناري، السودان، خلال افتتاح القمة، إلى «وقف عمليات القصف» في دارفور، مشيراً إلى أنّه “حصل تقدّم في الأشهر الأخيرة حول الإقليم. وهناك اتفاق قيد الإعداد بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والسودان».
وعلى صعيد المقاربة الأفريقيّة حول تسوية الأزمة الصوماليّة، رأى كوناري أنّ من الضروري أن تسعى الحكومة الصومالية إلى المصالحة والتوصّل إلى حلّ دائم. وقال: “إذا دخلت القوّات الإفريقيّة الصومال، من دون أي حلّ سياسي حقيقي، فإنّنا سنصبح قوّات احتلال”، محذّراً من أنّ البلاد ستغرق في “الفوضى” إن لم تنتشر القوات الأفريقية بشكل “سريع”.
وكان الاتحاد أعطى الضوء الأخضر لقوّة مؤلّفة من نحو 8000 جندي، للتوجّه إلى الأراضي الصوماليّة، في ظلّ انحسار المشاركة بثلاثة بلدان فقط هي أوغندا ومالاوي ونيجيريا.
وفي سياق مختلف، شنّ الاتحاد، الذي تأسّس عام 2002 على أنقاض الوحدة الأفريقيّة، في تقرير، هجوماً شديداً على إسرائيل بسبب «إجراءاتها القمعية واعتداءاتها غير الإنسانيّة ضد المدنيين الفلسطينيين العزّل».
وتوجّه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي يشارك في القمّة بصفة عضو مراقب، إلى زعماء الاتّحاد بالقول إنّ “نضال الشعوب الأفريقية وقادتها العظام للتحرّر من ربقة الاستعمار وتصفية العنصرية، هو نموذج وسند لنضال شعبنا الذي يجاهد من أجل إنهاء الفصل الأخير من فصول السيطرة والاحتلال”، مشيراً إلى أنّ الشعب الفلسطيني “هو آخر شعوب الأرض الذي لا يزال يرزح تحت وطأة الاحتلال، وهو مهدّد في أرضه ووجوده، بسبب التوسّع الاستيطاني”.
(رويترز، أ ف ب)