غزة ــ رائد لافي
التهدئة الفلسطينية تقف اليوم على العتبة السياسية، بانتظار خطوات لتثبيتها، ولا سيما أن مقوّمات المواجهات المسلحة لا تزال قائمة، وبالتالي فإن فتيل الأزمة لا يزال مشتعلاً، ولكن حالياً تحت الرماد

مع توصّل الأطراف الفلسطينية إلى وقف لإطلاق النار، بعد المواجهات الدامية خلال الأسبوع الماضي، دخل العامل الأميركي مجدداً على خط الأزمة، ليعيد تأجيج السجال الداخلي، بعد قرار الرئيس الأميركي جورج بوش تقديم 86 مليون دولار لحرس الرئاسة الفلسطينية، وتوسيع عمليات تدريب القوات الموالية لمحمود عباس، وهو ما اعتبرته “حماس” سعياً أميركياً لإشعال حرب أهلية في الأراضي الفلسطينية.
وقالت الحكومة الفلسطينية، على لسان المتحدث باسمها غازي حمد، إن “السياسة الأميركية تقوم على استعمار الشعوب وخلق صراعات داخلية بهدف ترسيخ أقدام الوجود الأميركي في المنطقة سياسياً أو من خلال نشر قوات احتلالية كما يحدث في بعض البلدان”.
وقال حمد إن الحكومة ترفض “التدخل الأميركي السافر في الشأن الفلسطيني”، متهماً واشنطن بأنها “تهدف إلى ترسيخ الانقسام والخلاف والصراع داخل المجتمع الفلسطيني وخلق حالة استقطاب وتجاذب تؤدي في نهاية المطاف إلى إضعاف الجبهة الداخلية”.
كذلك، انتقد المتحدث باسم “حماس”، اسماعيل رضوان، المساعدة الأميركية. وقال “لا شك في أن هذا يدخل في سياسة الإدارة الأميركية الهادفة الى تصعيد الوضع الميداني وافتعال الحرب الأهلية والاقتتال الداخلي على الساحة الفلسطينية وصولاً الى دعم المشروع الصهيوني”.
وأضاف رضوان إن الإدارة الأميركية “كلما رأت اتفاقاً أو قرب اتفاق بين الفلسطينيين، ترسل وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس الى المنطقة لتعكر أجواء الصفاء أو تقوم بدعم عسكري هنا أو هناك أو تعلن دعماً مالياً رسمياً حتى توتر الأجواء التي تسود الساحة الفلسطينية لأنها لا تريد حالة من الوفاق ولا الوصول الى وحدة وطنية”.
غير أن مسؤول ملف المفاوضات في منظمة التحرير، صائب عريقات، نفى أن تكون هذه الأموال مخصصة لشراء أسلحة. وقال إن 27 مليون دولار منها مخصصة لشراء أجهزة فحص للشاحنات ستوضع في معبر المنطار التجاري شرقي غزة، وأخرى على معبر رفح الحدودي مع مصر، إضافة إلى تدريب طواقم المعابر في معبر الكرامة مع الأردن.
وكان الرئيس الأميركي قد أصدر تعليماته بتحويل 86 مليون دولار إلى السلطة الفلسطينية لدعم قوات الأمن الموالية لعباس. وبحسب مسؤولين أميركيين، فإن الهدف من ذلك تعزيز شرعية قوات الأمن الفلسطينية ومساعدتها على فرض القانون والنظام في قطاع غزة والضفة الغربية، ومحاربة “الإرهاب” المقاومة ودعم المساعي لإصلاح المؤسسة الأمنية الفلسطينية.
وقال مسؤولون فلسطينيون وغربيون إن الولايات المتحدة تدرس توسيع تقديم المساعدة لتشمل قوات غير الحرس الرئاسي، بحيث تشمل أكبر قوة تابعة لقيادته. وقال مسؤولون إن أعضاء في قوات الأمن الوطني سيخضعون لعملية تدقيق لضمان أنهم مؤهلون وألا تكون لهم صلات بالجماعات المسلحة قبل خوض التدريب.
داخلياً، مرّ اليوم الثاني من اتفاق وقف إطلاق النار بين حركتي “فتح” و“حماس” في قطاع غزة، هادئاً، في وقت بدأت فيه الحركتان عمليات تبادل المختطفين. وعاد المسلحون إلى ثُكنهم العسكرية، فيما حافظت الشرطة الفلسطينية على انتشارها في الشوارع للحفاظ على الأمن الداخلي، وتسيير الحياة اليومية للسكان.
وكان مسلحون، يعتقد أنهم من حركة “حماس”، قد قتلوا قبيل دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ فجر الثلاثاء، عاطف النجار (45 عاماً) من قوات الـ17 التابعة لعباس في مدينة خان يونس، قبل أن يرد مسلحون من العائلة وحركة “فتح” بقتل حسين الشوباصي (35 عاماً) الناشط في كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لـ“حماس”.
إلى ذلك، دعا عريقات، في حديث إلى “الأخبار”، إلى ضرورة توحيد الأجهزة الأمنية، مشدداً على ضرورة البدء بالحوار الوطني الفلسطيني، وإنهاء كلّ القضايا الخلافية المتعلقة ببرنامج الحكومة وبوزارة الداخلية.
وكان عباس قد أعلن أول من أمس في مؤتمر صحافي في القاهرة، عزمه المضي بقرار الانتخابات المبكرة إذا فشل الحوار الوطني لتأليف حكومة وحدة وطنية.