أطلقت الإدارة الأميركية، خلال اليومين الماضيين، إشارات متناقضة باتجاه طهران، تراوحت بين الشدة واللين، مع لحاظ تراجع واضح في اللهجة، عكسه إعلان الرئيس الأميركي جورج بوش أنه ليس لدى الولايات المتحدة النية لمهاجمة إيران، بينما حذر المرشح لقيادة العمليات العسكرية الأميركية الوسطى في الشرق الأوسط وليام فالون من أن هذه الدولة «قد تسعى في المستقبل الى منع الأميركيين من الوصول الى الخليج عبر مضيق هرمز».وأوضح بوش، في مقابلة مع شبكة «آي بي سي» الأميركية، أن «غزو إيران غير مطروح على الطاولة»، مشيراً الى أن حديثه عن الدفاع عن القوات الأميركية في وجه الإيرانيين في العراق «ليس كلاماً قاسياً».
وشدد الرئيس الأميركي على ضرورة أن تلاحق الحكومة العراقية «القتلة، سواء كانوا من السنة أم من الشيعة»، مضيفاً أن «المتطرفين وضعوا الحكومة العراقية في وضع صعب».
بدوره، أعلن كبير مستشاري وزيرة الخارجية الأميركية، دايفيد ساترفيلد، أن واشنطن تدرس «إمكان اتخاذ إجراءات جديدة ضد الدول غير المتعاونة في العراق، وتعمل على تكوين إرادة جماعية لإلزام إيران وسوريا على تغيير سياساتهما».
وقال ساترفيلد إن هذه المساعي «تمثل آراء معظم شركائنا العرب في الشرق الأوسط»، موضحاً أن بلاده اتخذت «الكثير من الإجراءات ضد دمشق لدفعها إلى تغيير سلوكها، وسندرس إمكان اتخاذ إجراءات مشابهة أخرى»، غير أنه رفض الكشف عن طبيعتها.
وأضاف ساترفيلد أن «رفض السنة قبول مكانتهم كأقلية (في العراق) محترمة، ونبذهم حقيقة أن الشيعة هم مواطنون عراقيون وشركاء شرعيون في الحكم، وإيمانهم بأن العنف يمكن أن يعيد لهم هيمنتهم على العراق، يُعيق إنجاز العملية السياسية».
وأعرب ساترفيلد عن قلقه «من النشاطات التي تمارسها (إيران) خارج العراق؛ كلبنان ومنطقة الخليج والأراضي الفلسطينية لإثارة العنف ونشر التطرف».
كذلك، قال مرشح الرئيس الأميركي لمنصب نائب وزيرة الخارجية، جون نغروبونتي، أول من أمس إنه «إذا تجرأت إيران، فإن ذلك سيؤدي الى مصاعب جديدة للمصالح الأميركية في العراق ومنطقة الخليج ولبنان، ولجهود السلام الاسرائيلية الفلسطينية».
وأضاف نغروبونتي، أمام لجنة العلاقات الخارجية، أن «تصرفاتهم (الإيرانيين) مثل مساندة المتطرفين الشيعة في العراق ينبغي ألا تُترك بلا مقاومة».
ومن المقرر أن يقوم نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني بجولة في الشرق الأوسط الشهر الجاري في مسعى لدعم جبهة «دول الاعتدال العربي» ضد إيران.
وقال دبلوماسيون في القاهرة أمس إن تشيني «سيقوم بإطلاع قادة الدول التي يزورها على ما ينوي بوش عمله ضد إيران».
الى ذلك، نقلت شبكة «سي بي اس» التلفزيونية الأميركية عن مصادر في واشنطن قولها إنه «تم اكتشاف أدلة تُثبت استخدام أسلحة إيرانية في جميع أنحاء العراق ضد القوات الأميركية، بما في ذلك قذائف مضادة للدبابات، وبنادق هجومية، وقواعد إطلاق قذائف صاروخية».
وأضاف المصدر نفسه أن «مروحية تابعة للقوات البريطانية في العراق تم إسقاطها في أيار الماضي بواسطة صاروخ مضاد للطائرات زوّدته إيران للميليشيات العراقية».
وفي السياق، ذكرت شبكة «سي ان ان» التلفزيونية الأميركية أن الولايات المتحدة «تشتبه بتورط إيران بشكل مباشر في هجوم استهدف قاعدة أميركية في كربلاء، وأدى الى مقتل خمسة جنود أميركيين في 20 كانون الثاني».
وكان البنتاغون قد أعلن أمس وقف بيع قطع غيار إضافية للطائرات المقاتلة من طراز «اف ـ 14» خشية وصول هذه القطع إلى إيران.
في هذه الاثناء، أعلن فالون، أمام جلسة استماع في مجلس الشيوخ، أن إيران «نظراً الى مكتسباتها في مجال الأسلحة وتكتيكاتها، في صدد امتلاك قوة حصار، بهدف منعنا من الوصول الى الخليج»، موضحاً أن الإيرانيين «قد يصلون الى حد الرغبة في القضاء على الوجود الأميركي في الخليج، أو محاولة إبعادنا قدر الممكن عن ميدان العمل هذا».
ولفت الجنرال الأميركي الى أن صادرات النفط الإيراني «تمر طبعاً بمضيق هرمز الذي قد يسعون إلى حرماننا منه».
وفي الشأن العراقي، قال فالون إنه «يبدو من الواضح جداً بالنسبة لي أن ما كنا نقوم به في العراق لم يكن يعمل بشكل جيد»، موضحاً أنه «في مواجهة هذا التحدي والتحديات الأخرى في المنطقة. ليس من أدنى شك أن هناك دولاً أخرى في المنطقة ستكون مفيدة لمعالجة الوضع العراقي».
وأعلن الكونغرس الأميركي أمس عن اتفاقه مع بوش على «إجراء مشاورات منتظمة من خلال مجموعة عمل متعددة حول العراق».
(د ب أ، يو بي آي، أ ف ب، رويترز)