برلين ــ غسان أبو حمد
في خطوة نادرة وفريدة، لا بل غريبة عن طابع العلاقات الألمانية ــ الأميركية، أصدر المدعي العام الألماني مذكّرة إلقاء قبض على 13 موظفاً في جهاز الاستخبارات الأميركية (سي.آي.إيه) بتهمة خطف المواطن الألماني اللبناني الأصل خالد المصري، ونقله إلى معتقل أميركي في أفغانستان.
ونقلاً عن مصادر قضائية ألمانية، تبيّن أن من بين عملاء جهاز الاستخبارات الأميركية الذين نفذوا عملية الخطف، قبطان طائرة وطبيباً، بانتظار استكمال كل التحقيقات، لمعرفة ظروف حادثة الخطف وفصولها.
ورداً على سؤال عن مدى تأكد السلطات الألمانية من أن المتهمين هم عناصر في جهاز الاستخبارات الأميركية، قال المدعي العام لمدينة ميونيخ، كريستيان سميث، إن «التهمة الموّجهة إلى المعنيين تتعلق بجريمة خطف وحجز حرية مواطن ألماني، ولا تتعلق التهمة بكونهم يعملون في جهاز استخبارات»، مضيفاً أن «الأمر سيّان حتى في حال كونهم شركة خاصة ارتكبت جريمة خطف وحجز حرية وتعذيب بحق مواطن ألماني».
والجديد في الأمر هو أن شبكة التحقيقات في قضية خطف خالد المصري طالت بدورها عدداً من الصحافيين العاملين في مجلة «شتيرن» الألمانية، بسبب فضحهم لمعلومات وتقارير ممهورة بطابع السرية التامة.
وشملت التحقيقات الأولية كلاً من الصحافيين هانس تيلاك وأولي راوس وأوليفر شتروم، والأخير تحديداً ضالع في خفايا معلومات العمل الأمني والاستخباراتي، وله العديد من المؤلفات الرائجة في الأسواق، بينها ما يتعلق بخفايا جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وشبكات تنظيم «القاعدة».
وكانت إحدى القنوات التلفزيونية الألمانية قد أشارت إلى أن معظم المتهمين بخطف خالد المصري يقطنون في ولاية نورث كارولاينا الأميركية، من بينهم ثلاثة أشخاص من «أصحاب السوابق» يعملون في شركة طيران خاصة معروفة بنشاطها لمصلحة الاستخبارات الأميركية.
وكان خالد المصري يخضع، كسواه من المواطنين العرب في ألمانيا، للمراقبة والملاحقة بشبهة الإرهاب، إلى حين خطفه عنوة في مقدونيا، في نهاية عام 2003 من الاستخبارات الأميركية، ونقله جواً إلى أفغانستان، حيث خضع للتعذيب والتحقيق من الأميركيين، بتهمة الانتماء لتنظيم «القاعدة».
واستعاد المصري حريته في شهر أيار من عام 2004، لكنه تابع قضية خطفه إلى أن تمكن القضاء الألماني من كشف خيوط القضية، وكشف هوية المنفذين الذين تبيّن أنهم كانوا يحملون بطاقات دبلوماسية بصفة «موظف في السفارات الأميركية على الأراضي الأوروبية».