غزة ــ رائد لافي
بدأت حركتا “فتح” و“حماس” رسم ملامح المرحلة المقبلة، المفعمة بـ“الخطورة”، بعد التلويح “الفتحاوي” باللجوء إلى“الخيارات البديلة”، وتحذير حركة “حماس” من “الانقلاب على الشرعية الفلسطينية”، في أعقاب فشل مشاورات تأليف حكومة الوحدة الوطنية، وإقحام منظمة التحرير في الصراع الداخلي بين الطرفين، نظراً لأنها محسوبة على “فتح”، وهو ما رفضته الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وردّت “حماس” على اتهامات “فتح” ومؤسسة الرئاسة بإفشالها مشاورات تأليف حكومة الوحدة، بالقول إنها لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء أي محاولة للانقلاب على الشرعية الفلسطينية، وستكشف الوثائق التي تدين خصومها.
واستغل الرئيس محمود عباس لقاءات منفصلة مع وزيري خارجية النمسا اورسولا بلاسنيك وألمانيا فرانك فالتر شتاينماير والمنسق الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، لتجديد إعلان انتهاء مشاورات تأليف حكومة الوحدة، والتأكيد على أنه “سيدرس خياراته خلال الأيام المقبلة، بما يساهم في فك الحصار الدولي عن الشعب الفلسطيني”.
وقال عباس إنه يبحث الخيارات المتاحة أمامه بعد فشل المحادثات مع حركة “حماس” الحاكمة حول تشكيل حكومة وحدة. وأضاف ان السبب معروف في توقف الحوار المتعلق بتشكيل حكومة وحدة، ولذلك فهو لا يريد الخوض في التفاصيل أو الخيارات المتاحة أمامه التي يبحثها بجدية.
أما سولانا فقال من جهته إن “حماس” برفضها قبول شروط المجتمع الدولي “تكون قد أضاعت فرصة لرفع العقوبات”.
ووضع النائب عن “فتح”، محمد دحلان، حداً لأي احتمال باستئناف المشاوارت. وقال إن “الفرصة ضاعت من أجل إقامة وحدة وطنية قادرة على فك الحصار”. وأشار إلى أن “عباس يدرس حالياً الخيارات التي لم يرغب في السابق اتخاذها”، في إشارة إلى خيار حل الحكومة الحالية برئاسة “حماس”.
بدوره شدد رئيس كتلة “حماس” البرلمانية، خليل الحية، على أن أي “إجراء مخالف للقانون وينقلب على الديموقراطية والشرعية الفلسطينية، لمصلحة أميركا ودولة الاحتلال الإسرائيلي، لن تسكت عليه حركة حماس، ولن تقف مكتوفة الأيدي”.
وقال الحية، لـ“الأخبار”، إن “هناك أشخاصاً يرقصون طرباً عند سماع كلمة خلاف في الساحة الفلسطينية، وهددوا أخيراً بالانقلاب”. وحذّر الذين قاموا “بإطلاق رصاصة الرحمة على مشاورات تأليف الحكومة”، من تبعات أي توتر مقبل، مشدداً على أن “هناك شخصيات طائشة تسعى إلى إدخال الساحة الفلسطينية في فوضى عارمة”.
وكشف الحية أن “حركة حماس ستنشر لاحقاً كل تفاصيل المشاورات مدعّمة بالوثائق، وكل ما تم الاتفاق عليه، أمام الشعب الفلسطيني والعالم، ليعرف الحقيقة”. وفنّد ثلاثة أسباب رئيسية أدت إلى فشل الحوار، وهي أولاً “الفيتو والتعنت الفتحاوي على الكثير من ملفات الحوار”، موضحاً “أن فتح لم تفق بعد من صدمة انتصار حماس في الانتخابات التشريعية، ووصولها إلى سدة الحكم، وتحاول إزاحتنا عن المشهد الفلسطيني”.
وأشار الحية إلى أن السبب الثاني هو “التراجع من قبل حركة فتح عما تم الوصول إليه من الاتفاق والتوقيع عليه ضمن المباحثات”، مضيفاً أن السبب الثالث، هو “التدخلات الخارجية في القرار الفلسطيني”. واتهم “فتح” والرئاسة بالإذعان للضغوط الخارجية، قائلاً إن “هذه القرارات والتدخلات لا تكون إلا بعد اللقاءات مع المسؤولين الأميركيين أو الإسرائيليين”.
ووصف الحية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بـ“اللجنة الميتة” التي ما تفتأ تستيقظ إلا على الصراع مع حركة “حماس”. وقال متهكماً إن “هذه اللجنة دخلت غرفة العناية المركزة منذ زمن”.
ولم يرغب الحية في سد الطريق أمام حكومة الوحدة، مشيراً إلى أنه “لا يزال هناك مجال لاستكمال مشاورات تأليف الحكومة، للخروج بحكومة وحدة وطنية، وفق الأسس الفلسطينية وليس المعايير والإملاءات الخارجية”.
وحاولت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الحفاظ على مكانة اللجنة التنفيذية، وعدم استخدامها أداة في الصراع بين الحركتين. وقالت إنها “لن تسمح باستخدام اللجنة كعنصر في الصراع الثنائي المحتدم بين حماس والحكومة من جهة، وفتح والرئاسة من جهة أخرى”.
وناشدت الجبهة، وهي الفصيل الثاني في المنظمة بعد حركة “فتح”، “الجميع بأن تضطلع المنظمة ولجنتها التنفيذية ومؤسساتها بدورها الوطني الجامع والتوحيدي والحارس على تجسير التناقضات الداخلية في ظل هذا الاستقطاب الثاني المتصاعد ومخاطر الشلل الوطني والتناحر التي تلوح في الآفاق”.
ميدانياً، أفاد مصدر طبي فلسطيني بأن الطفل الفلسطيني أيمن أبو مهادي (11 عاماً) استشهد متأثراً بجروح أصيب بها بنيران الجيش الإسرائيلي في العملية العسكرية الإسرائيلية قبل أسبوعين في بلدة بيت حانون في شمال قطاع غزة.