موسكو ــ حبيب فوعاني
أثارت تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بشأن تأييد بلاده لفرض عقوبات على إيران، تساؤلات في موسكو عن تراجع روسيا عن دعم حليفها الإيراني، ولا سيما بعد التقارب التجاري مع واشنطن

فسّرت وسائل الإعلام الروسية تصريحات لافروف بتغيير موسكو لموقفها بالنسبة للملف النووي الإيراني، وسارعت إلى التأكيد على تخلي آخر حليف لإيران عنها.
وأشار المحللون الروس إلى أن تطور الأمر بهذا الشكل أصبح ممكناً فقط بعد زيارة الرئيس الأميركي جورج بوش الخاطفة إلى موسكو في 15 تشرين الثاني، ومباحثاته مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في مطار «فنوكوفو ــ2» في طريقه إلى فيتنام لحضور منتدى آسيا ــ المحيط الهادئ للتعاون الاقتصادي.
آنذاك، لم يـُخـْفِ بوتين أو بوش أن موضوعي المباحثات الخاطفة وراء الأبواب المقفلة كانا انضمام روسيا إلى منظمة التجارة العالمية والملف النووي الإيراني.
والجدير بالذكر أن روسيا والصين كانتا دائماً تقفان طوال «الأزمة الإيرانية» ضد فرض العقوبات الصارمة على إيران ومع متابعة المفاوضات معها. وقد وقفت موسكو وبكين، اللتين تتمتعان بحق النقض في مجلس الأمن، غير مرة إلى جانب طهران لتعطيل إصدار قرارات بفرض العقوبات القاسية عليها.
ويبدو أن موسكو لا تزال تدعو، كما في السابق، إلى مراعاة نظام منع انتشار الأسلحة النووية، وطهران تتفق معها في ذلك. ولا تزال موسكو ضد فرض العقوبات القاسية عليها، وتريد كما في السابق ألا يتعدى الحظر التكنولوجيات الحساسة والمواد النووية، وألا يفرض على سفر المسؤولين الإيرانيين أو على التعامل المصرفي وغيره مع طهران، وألا يشمل مفاعل بوشهر النووي، الذي يجري بناؤه بمساعدة الخبراء الروس. ولافروف نفسه أكد في تصريحه المذكور أن «روسيا ضد معاقبة إيران».
ولعل الأمر هنا يتعلق بما أصر عليه الجانب الروسي خلال المباحثات مع كبير المفاوضين الإيرانيين علي لاريجاني في موسكو في تشرين الثاني الماضي، وقبل وصول بوش إلى موسكو. آنذاك ذكرت مصادر دبلوماسية في موسكو أن الموقف الروسي من المشكلة الإيرانية بات يقترب من المطالبة بإعلان طهران عن تعليق التخصيب الصناعي لليورانيوم، ولو لفترة محددة، وفي حال امتناعها ستجد روسيا نفسها في موقع حرج، وستكون مضطرة، تحت وطأة الضغوط الأوروبية والأميركية، إلى الموافقة على مشروع القرار الأوروبي المقدّم إلى مجلس الأمن بشأن فرض العقوبات على إيران.
ولعل العودة إلى تفعيل المباحثات في القرار الأوروبي الآن ليس تغييراً في الموقف الروسي، بقدر ما هو استمرار لمساومات مضنية ثلاثية الأطراف بين واشنطن وموسكو وطهران.
وبالنسبة إلى موسكو، فإن توقيعها في هانوي مع واشنطن بروتوكولاً ثنائياً للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، لا يعني دخولها إلى الجنة. وقبل قيام الكونغرس بإلغاء القيود المفروضة على التجارة الروسية مع أميركا، والمسماة «تعديل جيكسون ــ فينيك»، الذي أقر في عام 1974 للضغط على موسكو، التي وضعت القيود آنذاك على الهجرة اليهودية أيام الحقبة السوفياتية، لا يمكن الحديث عن أي اختراق في العلاقات الاقتصادية الأميركية ــ الروسية.
ومعروف أن بوش عاجز في ظل الغالبية الديموقراطية عن التأثير على الكونغرس لإلغاء التعديل المذكور. وتبقى بيد واشنطن ورقة أخرى رابحة هي جورجيا، التي انضمت إلى المنظمة قبل روسيا وتستطيع وضع العصي في عجلاتها، قبل أن تصبح روسيا كاملة العضوية بعد سبعة أشهر في المنظمة.
وحتى ذلك الحين ستجري مياه كثيرة، ومن المستبعد أن تتخلى موسكو عن الورقة الإيرانية للإدارة الأميركية الضعيفة قبل تأكّدها من الحصول على ثمن حقيقي لذلك.


أردوغان في إيران
يلتقي الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ونائبه برويز داودي رسمياً اليوم رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي سيجري مباحثات مع المسؤولين الإيرانيين بشأن العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية، خلال زيارته لطهران التي وصلها أمس وتستغرق يومين. وكان نجاد قد استقبل أمس في العاصمة الإيرانية رئيس غامبيا يحيى جامح.
(أ ف ب)