بغداد ــ الأخبار
أودت عمليات العنف بحياة العديد من الصحافيين في العراق، ولا يكاد يمر أسبوع إلا ونسمع عن مقتل عدد من الذين يعملون في وسائل الإعلام العراقية والعربية والدولية. يتهم بعضهم الدولة باستهدافهم عند نقل أي خبر لا تريد كشفه، ويتساءل آخرون عن الجهة التي تستهدفهم وعن سبب هذا الاستهداف؛ فهم ينقلون ما يدور من أحداث، وهم رسل من أجل مصلحة المواطن.
ويبلغ عدد الصحافيين العراقيين الذين قتلوا منذ بداية الاحتلال الأميركي للعراق أكثر من 156 صحافياً، بينما لا يزال أكثر من 109 رهن الاعتقال، وخمسة مجهولي المصير.
وبحسب تقارير المنظمات الدولية المختصة، «يعد العراق أخطر دول العالم للعمل الصحافي، حتى إن عدداً كبيراً من الصحافيين الأجانب هجروا مكاتبهم وبدأوا الاستعانة بصحافيين عراقيين لتغطية الأحداث في البلد جراء المخاطر التي يتعرضون لها، كما أن الكثير من المراسلين، وبالأخص الأجانب منهم، لم يخرجوا إلى الشارع منذ أشهر خوفاً من تعرضهم للقتل أو الاختطاف».
ويقول نقيب الصحافيين العراقيين، شهاب التميمي، إن «هناك مخاطر عديدة تحيط بالصحافي العراقي». ويضيف: «لا بد للحكومة العراقية من حماية الصحافي العراقي الذي يلاقي ما يلاقيه أثناء أدائه لمهامه، لكن لا أحد يفهم حقيقة العمل الصحافي الذي يركز في الأساس على كشف الحقيقة ووضع حلول ومعالجات لها».
ويشير التميمي إلى أن «الصحافة هي السلطة الرابعة في أي بلد، لكن الأمر اختلف في بلدنا، وقد طلبت من رئيس الوزراء (نوري المالكي) سن قانون يحمي الصحافي لأننا حقيقة لا نعرف من يتربص بنا ومن يحاول قتلنا وإسكات صوتنا ومن يقف وراء هذا الاستهداف الحقيقي للكلمة الصادقة الشريفة».
ويرى الصحافي أحمد الويس أن «الواقع العراقي يفرض على أي مواطن أن يكون في وجه المدفع، فكيف بالصحافي الذي يحاول جاهداً أن ينقل للمواطن الخبر والتحليل والتعليق بصورة مهنية، لكي يكتمل المشهد لديه».
ويقول الويس: «في تصوري الشخصي إن الكتل التي تشارك في العملية السياسية لها يد في بعض هذه الجرائم، وليس من الغريب على البعض ممن يحسبون أنفسهم على السياسيين اتخاذ وسائل الإعلام والإعلاميين العراقيين بصورة خاصة أهدافاً سهلة، وعلى الجهات التنفيذية إحالة المسؤولين عن ذلك على القضاء العراقي وإلا فسيبقى صوت الحقيقة، الذي ينقله الإعلامي العراقي، خافتاً».
ويشير الصحافي أحمد شلش إلى أن «ما يتعرض له الصحافيون يعدّّ جريمة بحق الإنسانية لأنهم لم يرتكبوا أي شيء سوى خدمة المواطن ونقل ما هو بعيد». وأضاف: «لا نعرف لماذ يتم استهدافنا، ومن يقف وراء ذلك، ولكن يبدو أن هناك جهات خارجية تعمل على قتل الصحافيين لكي لا تُنقل بشاعة الإرهاب الذي يتعرض له الشعب العراقي».
ويقول الصحافي أوس عباس إن «عمل الصحافي في العراق صعب جداً، إذ إنه يحتاج إلى الفطنة والذكاء والجرأة في متابعة الأحداث، فمع عمليات الاستهداف التي تطاله، فإنه يفقد جزءاً كبيراً من تركيزه نتيجة التخوف على نفسه». ويضيف ان «عملية التنقل صعبة جداً، فضلاً عن العقبات التي تقف أمام الصحافيين من حظر تجوال وعدم إمكان تغطية الأحداث التي تجري في أوقات متأخرة، وعدم إعطائهم معلومات من قبل بعض المسؤولين عن الحوادث خوفاً على أنفسهم».
وكان «مرصد الحريات الصحافية»، إحدى المنظمات المهتمة بشؤون الصحافيين في العراق، طالب المجتمع الدولي التدخل لوقف الجرائم التي تطال الصحافيين العراقيين.
ويقول الصحافي سعد مهدي: «نحن عرضة للموت في كل لحظة، ولا نعرف الجهة التي تستهدفنا بالضبط، إلا أننا نعرف يقيناً أننا مستهدفون في كثير من الحالات من الدولة نفسها، وخاصة عبر قانون مكافحة الإرهاب، الذي تشهره في وجوهنا، عندما لا يروقها أي حدث ننقله». ويوضح: «كل خبر ننشره، حتى عن شح الوقود، يمكن أن يفسره الوزير المعني أو الجهة المعنية بأنه تحريض ضد الدولة، وأنه يدخل ضمن تشجيع الإرهاب».