غزة ــ رائد لافي
شهدت مدينة غزة خلال الساعات القليلة الماضية حراكاً دبلوماسياً “أوروبياً” نشطاً، للبحث مع الرئيس محمود عباس في مجمل التطورات على الساحة الفلسطينية، بعد فشل مشاورات تأليف حكومة الوحدة، والخطر الذي يتهدد اتفاق التهدئة.
وقال عباس، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع المرشحة الاشتراكية الفرنسية سيغولين رويال، إن “المساعي الآن متوقفة، ولكن علينا دائماً أن نحتفظ بالأمل. نريد حكومة وحدة وطنية قادرة على فك الحصار، ولفك الحصار معروف أن هناك ضرورات لا بد من توافرها، لذلك كلما تأخر الوضع ساءت الأحوال الاقتصادية للشعب الفلسطيني”.
وأضاف عباس أن “المسألة ليست خلافاً على مقاعد أو مواقع، فالقضية هي قضية مبدأ، نريد حكومة قادرة على أن تفك الحصار عن شرائح المجتمع الفلسطيني”.
وكان عباس قد التقى أول من أمس الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، الذي حمّل “حماس” مسؤولية إضاعة فرصة تأليف حكومة الوحدة الوطنية، وفك الحصار الدولي عن الشعب الفلسطيني.
وردت “حماس” على اتهامات سولانا، مشيرة إلى أنها “تدل على أن الشرعية الدولية قائمة على التفرد والانحياز وازدواجية المعايير”. ووصف المتحدث باسم الحركة، فوزي برهوم، هذه التصريحات بأنها “تدخّل سافر في الشأن الفلسطيني الداخلي”، مشيراً إلى أنها “ليست المرة الأولى التي يتدخل فيها سولانا في الشؤون الداخلية للشعب الفلسطيني، وعليه أن يحترم الحكومة الفلسطينية لأن الحكومة، التي شكلتها حماس جاءت بإرادة الشعب الفلسطيني ويجب عليه أن يحترم إرادة الشعب”.
وفي هذا الوقت، ازدادت وتيرة الحرب الكلامية بين حركتي “فتح” و“حماس”. ورأى برهوم تهديد عباس باتخاذ “قرارات حاسمة” تجاه الحكومة مجرّد “حالة تخبّط يعيشها عباس ومعاونوه”. وقال إن “أي إجراءات غير قانونية وغير دستورية قد يتخذها عباس هي انقلاب على الشرعية الفلسطينية ومحاكمة للناخب وللرموز الوطنية لهذا الشعب”.
أما رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير، صائب عريقات، فقال من جهته إن “عباس يمتلك، بحسب نص القانون الأساسي الفلسطيني (الدستور المؤقت)، العديد من الصلاحيات التي لم يستخدمها بعد”، مشيراً إلى أن كل الخيارات مفتوحة أمام أبو مازن، عدا الاقتتال الداخلي، بما في ذلك حق إقالة الحكومة، أو إبقاؤها على ما هي عليه.
وأشار رئيس كتلة حركة “فتح” البرلمانية، عزام الأحمد، من جهته، إلى أن الحركة تفضّل خيار إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة، لإنهاء حال الازدواجية في السلطة.
ودعا الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، النائب مصطفى البرغوثي، القوى كافة إلى “وقف الحرب الإعلامية والتراشق بالاتهامات”.
وفي محاولة منها لاستخدام التهدئة كورقة ضغط، أعلنت حركة “حماس” تعليق مشاركتها في المشاورات الجارية في غزة في شأن التهدئة الشاملة. واستعرضت، في بيان، أسباباً عديدة لوقف المشاورات، أولها أن البحث في موضوع التهدئة الشاملة في هذه الظروف يأتي على حساب الوضع الفلسطيني الداخلي، الذي يجب أن نعطيه الأولوية الأولى.
ورأى البيان أن “السبب الثاني هو أن التهدئة يجب أن تأتي في سياق برنامج وطني شامل للمرحلة المقبلة، ربما تكون التهدئة جزءاً منه، وهذا يتطلب وقتاً كافياً لإنضاجه”. ودعا البرغوثي “الجميع إلى ضرورة تغليب المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني، والاهتمام بالساحة الداخلية، وترتيب البيت الفلسطيني، قبل الانشغال بالعلاقة مع العدو الذي صعّد عدوانه على الشعب الفلسطيني بعد وقف الصواريخ من قطاع غزة”.
وأعلن المتحدث باسم “كتائب عز الدين القسام”، الذراع العسكرية لحركة “حماس”، أبو عبيدة، أن «الكتائب تعيد النظر في التهدئة بأكملها، وأنها ستحسم موقفها خلال الأيام المقبلة، في ظل مواصلة العدو الإسرائيلي لخروقه وعدوانه على الشعب الفلسطيني في الضفة».
بدوره، شدد المتحدث باسم “سرايا القدس”، الجناح العسكري لـ“حركة الجهاد الإسلامي”، أبو أحمد، على أن “التهدئة الحالية باتت على حافة الانهيار في ظل الخروق الصهيونية المتواصلة ومواصلة الاعتداءات بحق أبناء شعبنا الفلسطيني في الضفة والقطاع”.
وأعلنت متحدثة عسكرية إسرائيلية إطلاق صاروخ صباح أمس على جنوب إسرائيل من قطاع غزة في انتهاك جديد للتهدئة السارية، من دون أن يسفر عن ضحايا أو أضرار.
في المقابل، أعلنت مصادر طبية فلسطينية في مدينة نابلس شمال الضفة، عن استشهاد الفتى جميل عبد الكريم جبجي (15 عاماً)، خلال مواجهات اندلعت بين طلبة المدارس وجنود الاحتلال في المدينة.
وفي الخليل (جنوب الضفة)، قالت مصادر طبية إن الطفل محمد فراس الأطرش (5 أعوام)، أدخل إلى قسم العناية المكثفة في المستشفى الأهلي بعدما أصيب بعيار ناري في رقبته، أطلقه عليه مستوطن يهودي.