باريس ــ بسّام الطيارة
التمايز في التعاطي مع سوريا، برز جلياً في البيان المشترك بعد لقاء القمة الفرنسية الألمانية، ولا سيما أنه جاء بعد زيارة لوزير الخارجية فرانك فالتر شتاينماير إلى دمشق، فخرج “متوازناً” يرضي توجهات الطرفين

حظيت دمشق بمقطعين مختلفين في البيان المشترك للرئيس الفرنسي جاك شيراك والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بعد قمتهما في متلاخ في ألمانيا أمس، يعكسان مواقف كل من الدولتين من دمشق.
تضمّن الأول دعوة سوريا “إلى وقف كل أشكال التدخل الخارجي في شؤون لبنان”، مضيفاً “تأمل الدولتان أن تمتنع سوريا عن دعم القوى التي تسعى إلى زعزعة استقرار لبنان والمنطقة وأن تقيم مع لبنان علاقة مبنية على المساواة والاحترام وسيادة كل منهما».
ويقال إن هذا المقطع جاء ليرضي مطالب الجانب الفرنسي المتشدد. وقد وُجّهَ سؤال إلى الناطق الرسمي في وزارة الخارجية الفرنسية حول “تحديد هذه القوى”، وعما إذا كانت تشير إلى المعارضة، فأجاب إن “هذه القوى تعرف نفسها وهي معروفة”، نافياً إمكان تفسير ذلك بأنه انحياز باريس إلى طرف من الأطراف الداخلية، قبل أن يستطرد قائلاً “إن المقصودة هي القوى التي تقف في وجه التحقيق الدولي والمحكمة الدولية» في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
أما المقطع الثاني فقد أشار إلى “أن الدولتين تدركان المصالح الشرعية لسوريا”، وتطلبان منها “المساهمة في خلق ظروف سلام عادل وشامل» في المنطقة، معتبرين أنه يمكن دمشق “عبر تغيير سلوكها، أن تأمل استعادة العلاقات الطبيعية التي تطمح في إقامتها مع المجتمع الدولي، وخصوصاً مع الاتحاد الأوروبي”.
ويقال إن هذا المقطع جاء ليرضي الجانب الألماني، الذي لا يستطيع تناسي ما تطرق إليه شتاينماير قبل أقل من ٢٤ ساعة في دمشق.
وكان الجانبان قد قدما “دعماً حازماً إلى حكومة فؤاد السنيورة الشرعية، وليدة انتخابات حرة شفافة وعادلة مطابقة للدستور اللبناني”. كما دعا شيراك وميركل “كل الاطراف في لبنان إلى إدراك مسؤوليتها في العودة إلى الحوار حتى يمكن حل كل المشاكل من خلال المؤسسات الديموقراطية للبلاد”.
ويرى المراقبون أن “إدارة موقف فرنسا بالنسبة إلى ما يحصل على الساحة الداخلية اللبنانية بدأ ينحو نحو منحدر مقلق جداً”، وخصوصاً دعمها للمرة الأولى بشكل واضح فريقاً من الفريقين “وإن هي زينت حديثها بصيغة الشرعية”، مشيراً إلى أن هذا الأمر “لم يحصل حتى في عز الحرب الأهلية”، وخصوصاً أن باريس تدرك تشعّب وتعقيدات المسائل التي ترسم خيوط التحالفات في لبنان.
وجاء اعلان شيراك وميركل قبل لقائهما الرئيس البولندي ليش كادجينسكي في شأن الاتحاد الأوروبي والعلاقات مع روسيا وتركيا.
وقد اقترحت ميركل ان تقدم المفوضية الاوروبية قبل ربيع 2009 تقريراً في شأن مفاوضات انضمام تركيا الى الاتحاد. وقالت “سنعمل لتُعدّ المفوضية تقريراً بين الانتخابات في تركيا والانتخابات الأوروبية” أي بين خريف 2007 وربيع 2009، حول وضع هذه المفاوضات.
وأوضحت ميركل أن هذا الاقتراح يهدف إلى أن تفي تركيا بالتزاماتها المنصوص عليها في بروتوكول أنقرة في ما يتعلق بالسماح بدخول البضائع القبرصية الموانئ والمطارات التركية.
أما شيراك فقد شدد من جهته على أن “موقف فرنسا هو الموقف نفسه الذي عبّرت عنه المستشارة الألمانية”.
إلى ذلك، أعلنت ميركل أن ألمانيا وفرنسا وبولندا تعتزم تعميق التعاون في ما بينها في مجالات السياسات الخارجية والأمنية والدفاعية. أضافت إن الدول الثلاث تعتزم تأليف فرقة عسكرية مشتركة بحلول عام 2011 علاوة على وضع خطط تدريب مشترك للدبلوماسيين.