strong>تنشر «الأخبار»، في ما يلي، النص الحرفي للموجز التنفيذي لتقرير مجموعة بيكر ــ هاملتون، الذي يتضمن مجمل المحاور التي تناولها التقرير وأبرز توصياته.الوضع في العراق خطير ومتدهور. ليس هناك مسار من شأنه أن يضمن النجاح، لكن من الممكن تحسين التوقعات.
في هذا التقرير، نقدم عدداً من التوصيات للقيام بأفعال في العراق، والولايات المتحدة، والمنطقة.
وتدعو أكثر توصياتنا أهمية إلى بذل جهود دبلوماسية وسياسية جديدة ومحسنة في العراق والمنطقة، إضافة الى تغيير في المهمة الأساسية للقوات الأميركية في العراق، ما يمكن الولايات المتحدة من بدء تحريك قواتها المقاتلة الى خارج العراق بشكل مسؤول.
نعتقد أن هاتين التوصيتين متوازيتان في الأهمية، وتعززان بعضهما. إذا جرى تطبيقهما بشكل فعال، وإذا تحركت الحكومة العراقية قدماً في المصالحة الوطنية، فسيكون للعراقيين فرصة لمستقبل أفضل، وسيُضرب الإرهاب، وسيُدَعَّم الاستقرار في جزء مهم من العالم، وستحمى صدقية أميركا ومصالحها وقيمها.
التحديات في العراق معقدة. العنف يتزايد في امتداده وفتكه. وهو يتغذى من تمرد العرب السنة، والميليشيات الشيعية وفرق الموت، وتنظيم «القاعدة»، والإجرام المنتشر بشكل واسع. ويشكل الصراع الطائفي التحدي الأساسي للاستقرار.
وللشعب العراقي حكومة منتخبة ديموقراطياً، لكنها لا تحدث تقدماً في المصالحة الوطنية بالشكل المناسب، وفي توفير الأمن الأساسي، أو تقديم الخدمات الضرورية. التشاؤم سيد الموقف. وإذا استمر الوضع في التدهور، فستكون النتائج وخيمة.
أي انزلاق نحو الفوضى يمكن أن يؤدي إلى انهيار الحكومة العراقية وحدوث كارثة إنسانية. الدول المجاورة يمكن أن تتدخل. الصدامات السنية ــ الشيعية يمكن أن تنتشر. ويمكن أن يحقق تنظيم «القاعدة» نصراً دعائياً ويمدد قاعدة عملياته.
المكانة العالمية للولايات المتحدة قد تتراجع. الأميركيون قد يصبحون أكثر استقطاباً.
خلال الأشهر التسعة الأخيرة، تداولنا مجموعة كاملة من المقاربات للمضي قدماً. كلها تشوبها عيوب. مسارنا الموصى به تشوبه ثغرات. لكننا نعتقد بشكل راسخ بأنه يتضمن أفضل الاستراتيجيات والتكتيكات من أجل التأثير إيجابياً على المحصلة في العراق والمنطقة.
المنحى الخارجي
تؤثر سياسات وأفعال جيران العراق بشكل كبير على استقراره وازدهاره. وليس هناك من دولة في المنطقة قد تستفيد، على المدى البعيد، من وجود عراق فوضوي. إلا أن جيران العراق لا يعملون بشكل كاف لمساعدته في تحقيق الاستقرار. بعضهم يُضعف استقراره.
وعلى الولايات المتحدة أن تطلق، على الفور، حملة دبلوماسية هجومية لبناء إجماع عالمي على الاستقرار في العراق والمنطقة. هذا الجهد الدبلوماسي يجب أن يشمل كل دولة لها مصلحة في تجنب عراق فوضوي، بما في ذلك جيران العراق.
ويجب على جيران العراق والدول الأساسية في المنطقة وخارجها تأسيس مجموعة دعم لتعزيز الأمن والمصالحة الوطنية في داخل العراق، اللذين لا يمكن للعراق تحقيق أي منهما بمفرده.
في ضوء قدرة إيران وسوريا على التأثير على الأحداث في العراق ومصلحتهما في تفادي الفوضى في العراق، على الولايات المتحدة أن تحاول إشراكهما بشكل بناء. من أجل التأثير على تصرف هذين البلدين، تملك الولايات المتحدة إجراءات رادعة وأخرى تحفيزية.
على إيران أن توقف تدفق الأسلحة والتدريب إلى العراق وأن تحترم سيادة العراق وسلامة أراضيه وتستخدم تأثيرها على المجموعات العراقية الشيعية لتشجيع المصالحة الوطنية.
يجب أن تستكمل الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، إضافة الى ألمانيا، التعامل مع الملف الإيراني. وعلى سوريا مراقبة حدودها مع العراق لوقف تدفق المال والمتمردين والإرهابيين اليه ومنه.
لا يمكن للولايات المتحدة أن تحقق أهدافها في الشرق الأوسط ما لم تتعامل مباشرة مع الصراع العربي ــ الإسرائيلي وعدم الاستقرار الإقليمي.
يجب أن يكون هناك التزام متجدد ومستدام من الولايات المتحدة للتوصل إلى سلام عربي ــ إسرائيلي شامل على كل الجبهات: لبنان وسوريا، والالتزام الذي قطعه الرئيس بوش في حزيران 2002 حول حل الدولتين: إسرائيل وفلسطين. هذا الالتزام يجب أن يتضمن محادثات مباشرة مع، من قبل، وبين، كل من اسرائيل ولبنان والفلسطينيين (أولئك الذين يقبلون بحق إسرائيل في الوجود) وسوريا، من أجل السعي للحصول على التزام منهما باتباع سياسات بناءة حيال العراق وغير ذلك من القضايا الإقليمية.
وبينما تطوّر الولايات المتحدة مقاربتها نحو العراق والشرق الأوسط، يجب أن تقدم دعماً سياسياً واقتصادياً وعسكرياً إضافياً لأفغانستان، بما في ذلك التي يمكن أن تصبح متوافرة عندما تخرج القوات المقاتلة من العراق.
المنحى الداخلي
الأسئلة الأكثر أهمية الآن حول مستقبل العراق هي مسؤولية العراقيين. على الولايات المتحدة أن تصوب دورها في العراق من أجل تشجيع الشعب العراقي على التحكم بمستقبله.
على الحكومة العراقية أن تسرّع نقل المسؤولية للأمن العراقي عبر زيادة عدد ألوية الجيش العراقي ونوعيتها. وبينما تأخذ هذه العملية مسارها، على الولايات المتحدة أن تزيد، بشكل كبير، المستخدمين الأميركيين العسكريين، بمن فيهم القوات المقاتلة، والذين يتولون وحدات الجيش العراقي ويدعمونها. وبينما تتقدم هذه العمليات، يمكن القوات الأميركية المقاتلة أن تباشر مغادرة العراق.
ينبغي أن تتطور المهمة الأساسية للقوات الأميركية في العراق إلى مهمة دعم الجيش العراقي، الذي سيتولى مسؤولية أساسية عن العمليات القتالية. بحلول الربع الأول من العام 2008، الخاضع لتطورات غير متوقّعة في الحالة الأمنية على الأرض، يمكن أن تغادر العراق جميع الكتائب القتالية، غير الضرورية للحماية بالقوة.
في هذا الوقت، يمكن استبدال القوات القتالية الأميركية بوحدات مندمجة مع القوات العراقية، ضمن فرق تدخّل سريع وعمليات خاصة، وفي وحدات تدريب وتجهيز وتوجيه وبحث وإنقاذ. ويمكن استمرار الجهود الاستخبارية والدعم.
المهمة الحيوية لقوات التدخل السريع والعمليات الخاصة تكون في تنفيذ هجمات ضد «القاعدة» في العراق.
من الواضح أن الحكومة العراقية ستحتاج إلى مساعدة من الولايات المتحدة لبعض الوقت، وخصوصاً في تحمّل المسؤوليات الأمنية. ورغم ذلك، على الولايات المتحدة الإيضاح للحكومة العراقية أن بإمكانها تطبيق خططها الخاصة، بما في ذلك إعادة الانتشار المدروس، حتى إذا لم تساهم الحكومة العراقية في التغييرات المخطط لها. يجب ألا تقدّم الولايات المتحدة تعهداً غير محدود لإبقاء أعداد كبيرة من القوات الأميركية في العراق.
وفيما تتقدّم عمليات إعادة الانتشار، على القادة العسكريين تكثيف تدريب وتثقيف القوات العائدة إلى الولايات المتحدة، كي تستعيد القوات قدرتها القتالية الكاملة.
وفيما يتم إرجاع المعدات إلى الولايات المتحدة، على الكونغرس تأمين التمويل الكافي، لإعادة تأهيل المعدات خلال خمس سنوات.
على الولايات المتحدة العمل عن قرب مع القادة العراقيين لدعم إنجاز أهداف معينة أو معالم في التوافق الوطني، والأمني والحكومي.
لا يجب توقّع المعجزات، لكن لشعب العراق الحق في توقّع العمل والتقدّم. وعلى الحكومة العراقية أن تظهر لمواطني العراق والولايات المتحدة ودول أخرى أحقيّتها في الاستمرار والدعم.
وضع رئيس الوزراء نوري المالكي، بالتشاور مع الولايات المتحدة، مجموعة من المعالم الحساسة للعراق. ولائحة المالكي بداية جيدة، لكن يجب توسيعها لتتضمّن معالم يمكن أن تقوي الحكومة وتفيد الشعب العراقي. وعلى الرئيس جورج بوش ومجموعة الأمن القومي البقاء على اتصال متكرر وقريب مع القيادة العراقية لإيصال رسالة واضحة: يجب أن يكون هناك فعل واضح من الحكومة العراقية لإحراز تقدّم أساسي في تحقيق هذه المعالم.
إذا أظهرت الحكومة العراقية إرادة سياسية وأحرزت تقدماً ملحوظاً باتجاه تحقيق معالم المصالحة الوطنية والأمن والحكم، فعلى الولايات المتحدة إظهار رغبتها في مواصلة تدريب قوات الأمن العراقية ومساعدتها ودعمها، ومواصلة الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي. وإذا لم تحقق الحكومة العراقية تقدّماً ملحوظاً تجاه تحقيق معالم المصالحة الوطنية والأمن والحكم، فعلى الولايات المتحدة تقليص دعمها السياسي والعسكري والاقتصادي للحكومة العراقية.
يقدّم تقريرنا توصيات عديدة في مجالات أخرى، تتضمّن تحسين النظام القضائي الجنائي العراقي والقطاع النفطي، والجهود الأميركية لإعادة الإعمار في العراق، ومسار التمويل الأميركي وتدريب الموظفين الحكوميين الأميركيين، والقدرات الاستخبارية الأميركية.
خلاصة
تُجمع مجموعة الدراسة حول العراق على أن هذه التوصيات تقدّم طريقاً جديداً إلى الأمام للولايات المتحدة في العراق والمنطقة. إنها شاملة ويجب تطبيقها بطريقة متناسقة. ولا يجب فصلها والتعامل معها بشكل منعزل.
دينامية المنطقة مهمة للعراق بقدر أهمية الأحداث الداخلية فيه. التحديات كبرى. ستكون هناك أيام صعبة في الانتظار، لكن بسلوك هذا الطريق الجديد، بإمكان العراق والمنطقة والولايات المتحدة النهوض بقوة.
(الأخبار)