strong>“الاقتتال الداخلي” بات جملة مشتركة في المواقف العربية من الوضع في لبنان، رغم التأكيدات اللبنانية على استبعاد هذه الفرضية من قاموس التحركات المعارضة
أصداء الأوضاع في لبنان تردّدت في أكثر من عاصمة عربية ودولية، وسط إجماع على التحذير من “المساس بالاستقرار”، وهو ما قاله وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، فيما اتهم الرئيس المصري حسني مبارك “أطرافاً لبنانية” بالسعي إلى «ممارسة دور سياسي مستمدة قوتها من آخرين».
وقال وزير الخارجية السعودي، في افتتاج اجتماع اللجنة الوزارية لمجلس التعاون الخليجي، إن “الظروف الحالية (في لبنان) من شأن استمرارها المساس باستقرار لبنان ووحدته وأمنه واستقلال قراره السياسي”. وأضاف “أؤكد أن يعمل اللبنانيون جميعهم على وحدة الصف اللبناني وتعزيز الأمن والاستقرار وتغليب الشرعية والعقل والحكمة ولغة الحوار لتجاوز الظروف الحالية”.
ورأى الفيصل أن تدهور الأوضاع اللبنانية والفلسطينية “خير دليل على ترابط التحديات وتداخل الأزمات”.
وفي القاهرة، رأى الرئيس المصري أن قرار المعارضة اللبنانية بالتظاهر في الشارع “في شأن قضايا سياسية أو شؤون الحكم هو قرار غير حكيم”. وأعرب، في تصريحات نشرتها صحيفة “الأهرام”، عن “شعوره بالقلق من الوضع في لبنان”.
وحذر مبارك من أن “الخاسر الحقيقي اذا تدهورت الأوضاع هو لبنان وشعبه”. وطالب “مختلف القوى السياسية بمراعاة الوضع الدقيق وبأن تتحلى بشجاعة الحوار والسعي بجد واجتهاد من أجل الوصول الى حل والخروج من الوضع الحالي”.
ونقلت صحيفة “الجمهورية” عن الرئيس المصري قوله إن “بعض القوى السياسية في لبنان تريد ممارسة دور سياسي مستمدة قوتها من آخرين، وهذا سيعيد الأمور إلى مناخ الحرب الأهلية اللبنانية في السبعينيّات”.
وفي موسكو، شدد مصدر دبلوماسي روسي رفيع المستوى أمس على ضرورة أن تبذل القوى السياسية في لبنان أقصى الجهود من أجل منع وقوع مواجهة داخل البلاد.
ونقلت وكالة “نوفوستي” عن المصدر قوله إن “روسيا مقتنعة بأن إعادة الاستقرار والظروف المناسبة لنجاح التنمية الاجتماعية الاقتصادية في لبنان ستكون مرتبطة بالتوصل إلى إجماع داخل المجتمع اللبناني. ولا يمكن التحرك إلى الأمام من دون ذلك”.
وأعرب المصدر الدبلوماسي الروسي عن قلقه من الوضع السياسي الداخلي في لبنان. وذكر أن وزارة الخارجية الروسية تلتزم مبدأ “عدم إلحاق الضرر” في أثناء مناقشة الوضع في لبنان مع البلدان الأخرى. وأشار إلى أن روسيا تدعو جميع الشركاء في الحوار إلى الامتناع عن القيام بأي خطوات من شأنها تقويض الوضع السياسي الداخلي في لبنان.
وقال المصدر إن روسيا تواصل اتصالاتها مع كل من حركة “حماس” الفلسطينية وحزب الله اللبناني. وأضاف “لن نقطع أبداً اتصالاتنا بممثلي تلك الحركات التي انتُخبت سواء في فلسطين أو لبنان”، مشيراً إلى أن طابع تلك الاتصالات قد يكون مختلفاً، وأوضح أنها قد تكون على شكل لقاءات أو رسائل متبادلة. ورأى “أن إقامة دولة فلسطينية تملك جميع حقوق الدولة ذات السيادة، وعليها مجموعة من الالتزامات يمكن أن تكون الحل الأمثل لمشكلة الشرق الأوسط”. وتابع أن مثل هذه الدولة تستطيع في المحصلة النهائية المشاركة في العمليات الدولية كغيرها من الدول.
كما أكد الدبلوماسي الروسي استحالة التوصل إلى تسوية لمشكلة الشرق الأوسط من دون تحقيق تقدم في مفاوضات بين إسرائيل وسوريا وإسرائيل ولبنان. وشدد على أن روسيا تؤكد ضرورة تسوية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس خطة خريطة الطريق.
إلى ذلك، طالبت “جبهة الخلاص الوطني” السورية المعارضة حزب الله أن “لا يكون الأداة لتحويل لبنان إلى عراق آخر، وألا يحرق ماضيه النضالي في محرقة المصالح الإيرانية ومصالح النظام السوري والعصبية المذهبية”، وناشدت جميع الأطراف اللبنانية إدراك خطورة ما يجري في لبنان.
وقالت الجبهة، التي أسّسها نائب الرئيس السوري المنشق عبد الحليم خدام والمراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين علي صدر الدين البيانوني ومعارضون آخرون، “نتوجه إلى أهلنا في سوريا الحبيبة الذين يعانون أشد المعاناة أن يتمعنوا بالأوضاع التي آلت إليها أحوال البلاد في ظل نظام فقد الإحساس بالمسؤولية الوطنية فتخلى عن دور سوريا، وجمد علاقاته العربية وسهّل العزلة الدولية ولعب بنار الفتنة المذهبية في العراق ولبنان، ما يزيد الأوضاع سوءاً في البلاد ويضع سوريا في قلب دائرة الخطر”.
أضافت الجبهة، في بيان لها، “إن (الرئيس) بشار الأسد وضع سوريا بين نار الفتنة المذهبية في العراق ونار التوترات المذهبية في لبنان ونار الحقد والاستبداد التي سلّطها على الشعب السوري”. وقالت “إن سياسة (الرئيس) بشار الأسد وارتباطه باستراتيجية إيران تسببت في إشعال الصراع الدموي في العراق، وفتح المجال أمام السفير الإيراني في دمشق للقيام بنشاطات تسيء إلى الوحدة الوطنية وتتعارض مع واجباته الدبلوماسية، ودفع الوضع في لبنان إلى الانفجار في ظل انقسام وطني واحتقان مذهبي غير مسبوقين في الحياة اللبنانية بهدف تعطيل المحكمة الدولية، وتوفير الفرص لإسرائيل لقطف الثمار على حساب الأراضي العربية والحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وتحويل المنطقة إلى منطقة صراع حول المصالح الدولية والإقليمية يكون فيها العرب الخاسرين في كل الأحوال”.
(أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي، د ب أ)