غزة ــ رائد لافي
الأزمة الداخلية الفلسطينية في طريقها إلى “الشارع”، هذا ما اتضح من التظاهرة، التي نظمتها “حماس” أمس، استباقاً لتظاهرة منتسبي الأمن اليوم، في إشارة إلى خطورة الوضع الداخلي، واقترابه من “الفوضى”

حسمت حركة “حماس” أمرها، وقررت مواجهة “الخيارات الفتحاوية” باستنفار جماهيرها، الذين انتظموا في مسيرات حاشدة في قطاع غزة، لمبايعة رئيس الوزراء إسماعيل هنية مجدداً للبقاء في منصبه.
هذا القرار تطور لافت في مواقف حركة “حماس”، التي وافقت، خلال المشاورات في شأن تأليف حكومة الوحدة الوطنية، على التخلي عن رئاسة الوزراء لمصلحة شخصية مستقلة، ما يعني أن الأمور تتجه نحو التصعيد.
واستبقت “حماس” تحرّك عناصر الأجهزة الأمنية من “الفتحاويين” اليوم السبت، بتنظيم مسيرات جماهيرية للآلاف من عناصرها في القطاع، وسط هتافات تندد بـ “التآمر الداخلي على الحكومة”.
واتهم المتحدث باسم “حماس”، إسماعيل رضوان، حركة “فتح” بالسعي للانقلاب على الشرعية الفلسطينية، محذراً من خطورة الاستمرار في هذه المحاولات.
وقال رضوان، في كلمة أمام المتظاهرين في باحة المجلس التشريعي في مدينة غزة بعد صلاة الجمعة: “شعرنا بأن هناك تياراً انقلابياً داخل حركة فتح يريد الانقلاب على الشرعية الفلسطينية، ونحن نحذر من محاولة الانقلاب على الشرعية”.
ودعا رضوان القيادة السياسية لحركة «حماس» إلى الإصرار على بقاء هنية في منصبه، والتمسك به رئيساً للوزراء في أي حكومة مقبلة، ووجه حديثه لهنية قائلاً: إننا «نتمسك بأن تكون رئيس الوزراء ولن نتخلى عن وزارتك ورئاستك للوزراء ونحن معك يا أبا العبد».
ورأى رضوان أن حركة «حماس» قدّمت المرونة اللازمة من أجل تأليف حكومة الوحدة وتنازلت عن رمزية رئاسة الوزراء، وعدم إشراك رموزها في التشكيلة الحكومية، وقبلت بـ 9 وزارات بدلاً من 14 وزارة وفقاً لتمثيلها في المجلس التشريعي، وكل ذلك من أجل رفع الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني.
وشدد رضوان على تمسّك الحكومة بخيار الجهاد والمقاومة ورفضها الخضوع لشروط اللجنة الرباعية الدولية والإدارة الأميركية، مجدداً «رفض الحكومة الاعتراف بإسرائيل، ومواصلة حمل البندقية والمقاومة ورعاية المجاهدين كخيار استراتيجي». كما شدد على أن أي خيار خارج سياق تأليف حكومة وحدة لن يحل الأزمة الراهنة وسيكون مصيره الفشل.
وفي رد فعل أولي على التحرك “الحمساوي”، وصف المتحدث باسم حركة “فتح”، توفيق أبو خوصة، تصريحات رضوان بـ“الوهم الذي يحاول قادة حماس تسويقه للجمهور الفلسطيني”. وقال إن “الحديث عن وجود تيار انقلابي هو وهم يحاول القادة السياسيون في حماس تسويقه للجمهور الفلسطيني، فتح هي من أسس التجربة الديموقراطية التي جاءت بحماس إلى السلطة”.
من جهة ثانية، ردّت “حماس” على اتهامات حركة “فتح” للحكومة بالفساد، بأنها ستكشف “في الوقت المناسب عن حجم الأموال التي دخلت جيوب البعض وتقدر بعشرات الملايين ودخلت في وقت يفرض على شعبنا الفلسطيني حصار دولي ظالم”.
وتساءل رئيس كتلة “حماس” البرلمانية الدكتور خليل الحية عن الأموال الموجودة لدى بعض المسؤولون الفلسطينيين، وقال: “أين أموال الصندوق القومي الفلسطيني التي كانت بالمليارات، وصندوق الاستثمار الفلسطيني، والأموال التي تأتي من هناك وهناك؟”.
وفي إشارة صريحة إلى مشاركة “فتح” في الحصار، قال الحية: “لم يكن الحصار على شعبنا خارجياً فقط؛ بل جزء منه داخلي”. وأضاف: “لماذا لا يوجد تصريح صحافي واحد لقادة فتح يشكرون قطر على مكرمتها؟”. وتابع: “لم نر ارتياحاً فتحاوياً لذلك؛ لأنهم يراهنون على بقاء الحصار وينقلب الناس على حماس”، في إشارة إلى التعهد القطري بدفع رواتب الموظفين في قطاعي التعليم والصحة.
ميدانياً، ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي خرقاً جديداً للتهدئة، عندما فتحت النار في حادثين منفصلين شمال القطاع وأصابت شابين بجروح متوسطة، وفقاً لمصادر طبية.
وفي الضفة، أفادت مصادر طبية وأجهزة أمنية فلسطينية بأن فتى فلسطينياً كان يلهو ببندقية بلاستيك أصيب أمس برصاص جنود إسرائيليين في بلدة بيت لحم.
وفي السياق نفسه، قال متحدث عسكري إسرائيلي إن مقاومين فلسطينيين أطلقوا
صاروخاً محلي الصنع على إسرائيل، وسقط في صحراء النقب.