أكد الأمين العام لهيئة علماء المسلمين السنة في العراق، الشيخ حارث الضاري، في لقاء مع «الأخبار» في صنعاء، أن العراق لن يدخل في حرب أهلية، لكنه يعيش وضعاً مأساوياً لم تعرفه من قبل أي من دول المنطقة في العصر الحديث، مشدداً على ان الهيئة تربطها علاقة جيدة بغالبية الشيعة العراقيين.
- الوضع سيئ للغاية بمعنى الكلمة، ومن كافة النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية؛ ففي المجال السياسي، غالبية أبناء الشعب العراقي مقصية عن المشاركة في العمل السياسي في بلدها، وغالبية العراقيين مبعدة عن كل مظاهر الحياة، لأنها لا توافق هوى المهيمنين على السلطة في ظل الاحتلال، والمتفرد بالسلطة هو بالطبع الاحتلال ومن خوّله إدارة الأمور في العراق في هذه المرحلة، فليس ثمّة سياسة، بل حرب وقتل وتدمير للحياة والإنسان ولكل مظهر من مظاهر الحياة في العراق.
- في المجال الاقتصادي، لا زراعة ولا صناعة، والموارد الباقية، التي تأتي من النفط، تُنهب ما بين ولاة الأمور الذين يحكمون العراق وأحزابهم ومحسوبيهم، والشعب العراقي لا يصله من هذا شيء.
- النواحي الحياتية سيئة جدّاً، فأكثر من 75 في المئة من أبناء الشعب العراقي تحت خط الفقر، وهناك ما يزيد على 30 في المئة الى 40 في المئة من العراقيين لا يجدون ما ينفقون به على أنفسهم من أكل وملبس وصحة وما إلى ذلك، لأنه لا عمل لهم ولا رواتب، فالحياة معلقة تماماً في العراق، فالمال بيد الاحتلال وبيد القوى الحاكمة فقط.
- أما من الناحية الأمنية فهي ما بين القتل والاختطاف والتصفيات وتهجير العراقيين من مكان إلى آخر، وهناك أكثر من 4 ملايين عراقي خرجوا من العراق بعد الاحتلال، وأكثر من مليون رحلوا من بيوتهم ومساكنهم التي بنوها بشقائهم وعلى مدى أعمارهم، أُخرجوا منها قهراً وعنوةً، وهي إما اغتصبت من هذا الطرف او ذاك، او أحرقت بما فيها، فلم يجد أهلها مأوى يأوون إليه إلا الخيام او البيوت المهجورة أو دور الحكومة كالمدارس والجامعات التي لا تستعمل، لأن الكثير من المدارس والجامعات تعطلت فيها الدراسة نتيجة الأوضاع الأمنية والمعيشية المأساوية التي لم يشهدها العراق من قبل، بل لم يمر بها أي بلد في المنطقة في العصر الحديث.
- هناك تقارير وهناك مقالات، لكنني لم أتاكد من تلك المعلومات بنفسي، والموضوع إن كان صحيحاً فهو سيظهر في المستقبل، وإن كان غير ذلك فسينتهي، وأتمنى ألّا يكون صحيحاً، وأن يكون الإشكال محصوراً في العراق حتى لا ينسحب على غيره من الدول العربية الشقيقة، وأن تحسم خلافات العراقيين في بلدهم من دون تدخل من أي طرف من الأطراف الخارجية. وإن حدث وكان هناك تنسيق بين شيعة لبنان والعراق، فإن ذلك سيكون مؤسفاً وسيساعد على تعقيد المشكلة في العراق.
- قد يكون هناك تأثير وتأثر بهذا الوضع او ذاك، لكننا نسأل الله تعالى ان تقف الأمور في لبنان عند هذا المستوى، وان يرزق الله القوى السياسية اللبنانية الحكمة، وأن تتدارك الوضع قبل انفجاره لتتفادى ما يمكن ان يسبب مشكلة، ولهم في ما مضى من الحرب الأهلية اللبنانية عبرة، وكذلك في ما يجري في العراق، فعليهم ان يعتبروا، وعليهم ان يحكّموا المصلحة العامة ويحكّموا عقولهم، إذ إن من مصلحة الجميع ان تحلّ المشكلة سياسياً، وهذا ممكن ان لم يتمسك كل طرف برأيه الخاص على حساب المصلحة الوطنية اللبنانية العامة.
- لا تعليق لي وأكتفي بالقول إن مثل هذه الأحاديث والتقارير هي على مسؤولية من يذكرها، وأنا أفضّل ترك الحديث في مثل هذه الموضوعات.
- بالتأكيد إذا كان موجوداً ستكون له تداعيات في العراق وفي إيران وفي لبنان، وهو ليس في مصلحة العرب والمسلمين، لا الآن ولا في المستقبل، لأن أعداء الأمة يتربصون بها، والأمة العربية الآن واهنة سياسياً وعسكرياً أمام أعدائها، ومثل هذه المشاكل ستزيدها وهناً على وهن، وسيكون ذلك مدعاةً لسرور أعداء الأمة كإسرائيل وغيرها.
- علاقتنا جيدة بغالبية علماء الشيعة، وبما يقارب 70 في المئة الى 80 في المئة من الشيعة العراقيين الذين هم معارضون للاحتلال، فالشيعة في أغلبهم معارضون للاحتلال، وكل المعارضين للاحتلال معنا لأن أهدافنا واحدة، وهي حرية العراق ووحدته، والمحافظة على هويته، فهذا هو القاسم المشترك الذي يجمعنا جميعاً، والرافضون للاحتلال اليوم يمثلون الاغلبية من كل اطياف الشعب العراقي ومكوّناته.
- في كل الاحوال هذا شأن يعود إليه، ونحن لا نهتم بمن لم يستنكر. وقلنا سابقاً، من استنكر فنحن نشكره ومن لم يستنكر فنحن نعذره، وذلك لأن مذكرة التوقيف لا تساوي عندنا شيئاً ولم تهز شعرة من شعر بدننا.
- كلا، العراق غير مقدم على حرب اهلية ان شاء الله، وهذه الحرب يبشر بها أعداء العراق الذين يظهرون السوء لأبنائه، ومن لديهم مخططات يريدون تحقيقها من وراء هذه الحرب، لأن الكثير من الجهات المعادية للعراق حاولت أن تشعل فتيل الحرب الاهلية بعد الاحتلال مباشرة، إلا أن الشعب العراقي أبى ولا يزال يأبى، وهو مصرّ على ألا تكون هناك حرب، ونحن مؤمنون كل الايمان بأنه لن تكون هناك حرب أهلية، لأن شعبنا العراقي وعى وعرف من هم اعداؤه ومن هم أصدقاؤه، وعرف ماذا يريد دعاة الحرب الاهلية من وراء هذه الحرب. ففي اعتقاد العراقيين أن هؤلاء يريدون من وراء الحرب تمزيق البلد والقضاء على وحدته ارضاً وإنساناً.
- بالتأكيد نحن في مذكرة التوقيف التي صدرت بحقنا ممنوعون من دخول العراق. لكن هل نحن ملتزمون هذا المنع؟. لم نلتزم هذا المنع وسندخل العراق في الوقت المناسب ان شاء الله.
- المقاومة عليها أن تثبت وأن تستمر، وألّا تهتم بمن يفتري عليها بأنها لا تقاوم الاحتلال بل تقاوم ابناء الشعب العراقي، وأنها تعمل وفق اجندة خارجية، عليها ان تثق بنفسها وأن تثق قبل ذلك بنصر الله لها وتحقيق اهدافها.
- هذا غير صحيح، ليست المقاومة من تقوم بذلك، ولك ان تستشهد بتقرير «بيكر ــ هاملتون»، الذي صدر قبل يومين، والذي يذكر بالحرف الواحد أن السنّة يقاتلون قوات الاحتلال، والسياسيين الشيعة يقتلون السنة من خلال «قوات بدر» و«جيش المهدي».
- طبعاً مستهدفون، هم وغيرهم ممن يرفضون الاحتلال ويرفضون تقسيم العراق.
- نعم، لأن الشيعة في الجنوب مستهدفون كما يستهدف السنة ويقتل منهم الكثير، لكن أكثر القتل متجه إلى السنة لدفعهم إلى القيام برد فعل قد يؤدي الى حرب اهلية، لكن السنة وغيرهم من الرافضين للاحتلال، فوّتوا على هؤلاء الفرص، من خلال ضبط انفسهم ولعلمهم أن رد الفعل العنيف قد يحقق رغبة الأعداء في الوصول الى الحرب الأهلية.
- لا نريد ان نقول هذا، وإن كان هو الظاهر، اما اذا كان هناك (شيء) في الصدور والنيات، فلا أدري.
- لا لم اسمع بهذا، ولم أحضر الى اليمن لذلك بل حضرت لدعوة خاصة وجّهت لي.
ولد الشيخ حارث سليمان الضاري الزهري الشمري في أبو غريب في ضواحي بغداد عام 1941. التحق بالأزهر سنة 1963 وحصل على الماجستير في التفسير عام 1969 ثم شهادة الماجستير في الحديث عام 1971 ثم الدكتوراه في الحديث في 1978. وبعدها عاد إلى العراق وعمل في الأوقاف مفتشاً، ثم بعد ذلك نُقل إلى جامعة بغداد. وعمل مدرساً في جامعة بغداد وجامعة اليرموك في الأردن وجامعة عمان في الإمارات، وكلية الدراسات الإسلامية والعربية في دبي. قضى في التعليم الجامعي أكثر من 32 عاماً. وعاد إلى العراق عام 2003. وهو يشغل الضاري حالياً منصب الأمين العام لـ«هيئة العلماء المسلمين»، التي أُسست في 14 نيسان 2003.