القاهرة ــ خالد محمود رمضان
الوضع الأفريقي المعقّد، يحتاج إلى «مركز إنذار مبكّر» من النزاعات، تحضّر منظمة «الإيغاد» لإنشائه، على أمل تجنيب القرن الأفريقي خصوصاً مخاطر الحروب التي تلوح في أفقه

رأى الأمين العام لمنظمة التنمية في شرق أفريقيا (الإيغاد)، عطا الله حمد بشير، أن سبب غياب المنظمة عن الجهود المبذولة لإيجاد حل لأزمة إقليم دارفور غرب السودان هو رغبتها في تفادي ازدواجية المبادرات مع الاتحاد الأفريقي، الذي يتبنى هذه الجهود.
وقال بشير، في حوار لـ«الأخبار» عبر الهاتف من مقر المنظمة في العاصمة الجيبوتية، إن المنظمة، التي أنشئت عام 1996، لن ترسل أي قوات لمساعدة الحكومة الانتقالية الصومالية على استعادة الأمن والسلام المفقودين منذ سقوط نظام حكم الرئيس الصومالي السابق محمد سياد بري عام 1991.
وأوضح بشير أن هناك حساسيات لكون الدول الأعضاء في المنظمة دولاً مجاورة للصومال فضلاً عن التكاليف المالية الباهظة، التي لا تستطيع المنظمة الفقيرة تحمّلها، لكنه في المقابل أشار إلى تدريب كوادر للشرطة الصومالية في بعض دول المنظمة. وأعرب عن أمله بتعزيز التعاون مع العالم العربي في مختلف المجالات، مشيراً إلى اعتزام المنظمة إنشاء مركز إنذار مبكر للنزاعات في منطقة القرن الأفريقي ووضع استراتيجية محددة للأمن الغذائي وللتعامل مع الكوارث الطبيعية والمناخية.
وعن جهود المنظمة في الصومال منذ بداية الأزمة، قال بشير إن «المنظمة حققت السلام بعد حرب أهلية وفوضى واضطراب دامت عقداً من الزمان، وبعد أكثر من 14 محاولة ومبادرة للسلام منذ سقوط نظام سياد بري عام 1991، منها المبادرة الأميركية والفشل الدرامي الشهير ثم مبادرة الأمم المتحدة ومبادرات أثيوبيا وكينيا وليبيا ومصر وأخيراً مبادرة جيبوتي».
ورأى أن «تأمين عودة الحكومة والبرلمان إلى العاصمة مقديشو يأتي في أولويات الإيغاد ومن ثم تبذل المنظمة جهوداً لتدريب كوادر الشرطة في دول الإيغاد لتأمين البلاد، وفي جهود موازية اتفقت الإيغاد مع الاتحاد الأفريقي لتوفير قوات أمن رمزية من قوات الأمن الأفريقية لحالات الطوارئ».
وأشار بشير إلى أن «دول الإيغاد لا ترغب في إرسال قوات حفظ سلام إلى الصومال لحساسية الأمر، ولكونها من الدول المجاورة للصومال، فضلاً عن التكاليف الباهظة لتلك القوات على دول المنظمة الفقيرة أصلاً باستثناء أوغندا التي عرضت 2000 جندي تحت مظلة الإيغاد».
وأضاف بشير أن «الإيغاد قامت بالتنسيق والتفاهم مع منظمة الاتحاد الأفريقي لتوفير القوات اللازمة حسب ظروف وتطورات الأوضاع على أرض الواقع في الصومال».
أما عن دور المنظمة في عملية السلام في السودان، فأوضح بشير «يحمد لمنظمة الإيغاد نجاحها في تحقيق السلام في السودان، بعدما أخفقت مبادرات عديدة منها محاولات أثيوبيا عام 1989 ثم محاولات الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر في بداية التسعينيات وتبعتها محاولات أبوجا النيجيرية الأولى والثانية وأخيراً المبادرة المصرية الليبية المشتركة عام 1999»، وأضاف «ما كان لمبادرة الإيغاد أن تنجح لولا منهجيتها في مؤسسية المبادرة التي تميزت بالاستمرارية والوساطة المشتركة لدول الإيغاد وأسس المفاوضات، التي اعتمدت على إعلان المبادئ أساساً لمداولات ومنهجية أسلوب الخبراء المستقلين الإقليميين والدوليين، الذين كانوا يقدمون دراسات وتوصيات محددة في كل موضوع وقضية في المبادئ المعلنة تلك، ثم يدرسها الطرفان ويتفقان عليها».
أما عن غياب دور المنظمة في إقليم دارفور، فقال الأمين العام للمنظمة «إن أزمة الإقليم ظهرت أثناء انشغال الإيغاد بقضيتي سلام السودان والصومال، وهما من أعقد الحروب الأهلية في القارة الأفريقية، ولا سيما أن منظمة الإيغاد ضعيفة ومحدودة الإمكانيات البشرية والفنية، ومن ثم لم تكن الإيغاد طرفاً في أزمة دارفور التي تضطلع بها منظمة الاتحاد الأفريقي ولا نرغب في تعدد المنابر وازدواجية وتضارب المبادرات ما دامت الغاية هي السلام في البلاد».
وفي ما يتعلق بالتعاون الأفريقي العربي، ولا سيما مع الجامعة العربية، قال بشير «التعاون العربي الأفريقي مفهوم مشترك وبدأ منذ عام 1977 عملاً مؤسسياً مشتركاً، وهناك رابط بين العالمين العربي والأفريقي ومبادئ مشتركة تتمثل في كونهما دولاً نامية ودول عالم ثالث فضلاً عن مواجهتهما للنظام العالمي الجديد وتداعياته، وهناك معالم تاريخية في مسار التعاون العربي الأفريقي مثل قطيعة الدول الإفريقية لإسرائيل عقب حرب 1973 وأخيراً الموقف الأفريقي الجماعي الذي دعم ليبيا عام 1999 ضد المقاطعة الأميركية والأوروبية».
وأضاف «يجتمع العالمان العربي والأفريقي حالياً في القضايا الدولية تحت مظلة دول عدم الانحياز، وآمل أن يستمر التعاون المشترك لمواجهة تداعيات العولمة ومنظمة التجارة العالمية الجديدة، ولا سيما أن العالم أصبح قرية صغيرة تتداخل فيها المصالح المشتركة.
ولدى منظمة الإيغاد تعاون مشترك مع الجامعة العربية وهناك مذكرة تفاهم مشتركة للتعاون في المجالات السياسية والاقتصادية وتبادل المعلومات، علماً بأن هناك دولاً أعضاءً في المنظمتين معاً مثل السودان والصومال وجيبوتي».
ويشرح بشير برنامج المنظمة في المرحلة المقبلة، بالقول «هناك أولويات في برامج المنظمة لهذا العام، أهمها متابعة تنفيذ اتفاقيتي السلام في السودان والصومال بحكم أن هناك تحديات تتمثل في تطبيقهما على أرض الواقع، وذلك من دون تدخل في شؤون الدولتين الداخلية. وثانياً وضع استراتيجية لمشروع الإنذار المبكر للنزاعات في إقليم القرن الأفريقي تفادياً للأزمات، وهو مشروع حديث يهدف إلى استشعار الأحداث المختلفة ودرئها قبل استفحالها، لأننا في العالم الأفريقي دائماً نتعامل برد الفعل بعد حدوث الأزمات. ومشروعنا الجديد يرمى إلى التنبؤ بالأحداث قبل استفحالها. وقد أقمنا مركزاً فرعياً للإيغاد في إثيوبيا لمتابعة الأزمات الكامنة وتلافيها عبر لجان من الخبراء والأكاديميين ومراكز اتخاذ القرار وبمشاركة الحكومات والمنظمات الطوعية».
ويضيف «ثالثاً وضع استراتيجية لكيفية التعامل مع الكوارث الطبيعية المناخية، ولا سيما أن دول الإقليم الأفريقية تعاني كوارث التصحر والفيضانات والجراد والأوبئة وغيرها. يجب تداركها والوقاية منها بإنشاء نقاط مراقبة وتدريب كوادر للحكومات والمنظمات العاملة.
رابعاً وضع استراتيجية للأمن الغذائي في دول الإقليم بالاشتراك مع دول شركاء الإيغاد المانحة للعون المالي والفني، لأن دول الإيغاد دول فقيرة ومهددة بالمجاعات ويتطلب الوضع تأمين الغذاء».