محمد بدير
هل باتت السيادة الجوية اللبنانية سلعة في لعبة المصالح الاقتصادية بين الدول التي تدّعي حرصاً عليها؟ على الأقل، هذا ما تظهره تقارير إسرائيلية يبدو أن الهدف من تسريبها ونشرها يتجاوز الكشف الإعلامي الموضوعي، ويعكس توجيهاً لفضح البواعث الحقيقية لحرص سيادي مزعوم تدّعيه فرنسا على لبنان، ضمن إطار التجاذب مع تل أبيب في شأن موضوع الطلعات الجوية التجسسيةفقد اتهمت مصادر أمنية إسرائيلية فرنسا بأن معارضتها للطلعات التجسسية التي ينفذها سلاح الجو الإسرائيلي فوق لبنان وعرضها، في المقابل، تنفيذ هذه الطلعات بنفسها مردّهما إلى مصالح اقتصادية تتوخاها باريس في هذا الشأن. وعزت هذه المصادر حرص فرنسا على الحلول محلّ الجيش الإسرائيلي في تنفيذ الطلعات التجسسية فوق لبنان، وهو الحرص الذي وصفته المصادر بـ«الحيلة»، إلى اهتمام الفرنسيين بإضفاء الصفة العملانية على طائرات الاستطلاع التي تُصنّعها فرنسا، لكي تصبح أكثر رواجاً في سوق المبيعات التسلحية عبر العالم. وأوضحت صحيفة «معاريف» أن فرنسا تملك إحدى منظومات «طائرات الاستطلاع من دون طيار» الأحدث في أوروبا، إلا أنه لا يُنظر إليها في العالم على أنها صناعة مدعّمة بالتجربة العملانية.
ونقلت «معاريف» عن مصدر عسكري قوله «إن كل جيش أو جهاز أمني يفضل شراء منتج تمت تجربته في شروط ميدانية أو حتى في شروط حرب، وهذا التفضيل هو أحد الميزات الأساسية التي تملكها (الصناعات العسكرية الإسرائيلية) في هذا المجال. وهذا الإثبات العملاني يساعد على إقناع الجيوش الأجنبية بأنها لا تشتري سمكاً في بحر عندما تبتاع من إسرائيل، ولم تنجح فرنسا حتى الآن في إحراز هذا الإثبات».
كما عزت المصادر الإسرائيلية «الاستعداد الفرنسي غير المألوف» لنشر طائرات الاستطلاع الفرنسية في لبنان، إلى مصلحة اقتصادية أخرى تتمثل في إيجاد فرص عمل في الصناعات العسكرية الفرنسية، وهو الأمر الذي يحظى بأهمية حاسمة في الانتخابات الرئاسية المقررة في باريس في نيسان المقبل، بحسب «معاريف»، التي رأت أن «الحماسة المفاجئة» لفرنسا في هذا المجال، وإعلانها الجهوزية الكاملة لدخول حيز التنفيذ، رغم أنه يعني زيادة تورطها العسكري في لبنان، يعود، على ما يبدو، إلى تدشين باريس قبل شهرين لطائرة استطلاع من دون طيار جديدة عملت على تطويرها أقسام كاملة من العمال».
وذكرت مصادر أمنية إسرائيلية أن شركات إسرائيلية كانت شريكة في مشروع تطوير هذه الطائرة التي يبلغ مداها العملياتي 600 كيلومتر، «إلا أن دورها في التطوير قُلص لاحقاً واقتصر على جوانب هامشية».
وتوقفت الصحيفة عند المفارقة التي تجلت في الاستعداد الفرنسي المتدني لإرسال جنود إلى لبنان، مذكِّرة بأن وزيرة الدفاع الفرنسية، ميشال أليو ماري، أعلنت عند نهاية حرب تموز أنها تنوي إرسال مئتي جندي فقط، قبل أن يوافق الرئيس جاك شيراك على إرسال ألفي جندي بعد تعرضه لضغوط سياسية، ورغم ذلك لم ينتشر على الآن سوى 1650 جندياً.
وربطت «معاريف» التزامن المفاجئ في التوقيت بين اقتراح فرنسا نشر طائرات الاستطلاع الخاصة بها في لبنان، وبين تأكيد مصادر في وزارة الخارجية الفرنسية، للمرة الأولى، وجود معلومات تفيد باستمرار نقل السلاح إلى لبنان عبر حدوده مع سوريا. وأشارت «معاريف» إلى ما نقلته صحيفة «لو موند» الفرنسية نهاية الأسبوع الماضي عن «شخصية رفيعة المستوى في الأمم المتحدة» بأن ثمة عملية تسلّح مكثفة ومتواصلة يقوم بها حزب الله.