حيفا ــ فراس خطيب
شن الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر أمس حملة انتقادات عنيفة على إسرائيل، معتبراً، خلال مقابلة مع صحيفة «معاريف»، أنَّ القمع الذي تمارسه في الأراضي المحتلة «أصعب من الأبرتهايد في جنوب أفريقياً»، ومشيراً إلى أنَّ الولايات المتحدة «بدأت تدفع ثمناً باهظاً نتيجة دعمها لإسرائيل وتجاهلها لمعاناة الفلسطينيين». وتأتي هذه المقابلة في أعقاب صدور كتاب كارتر الجديدقبل أسابيع تحت عنوان «فلسطين، سلام وليس أبرتهايد». وكتب كارتر في أحد فصول الكتاب أنَّ «إسرائيل تقود سياسة أبرتهايد في المناطق المحتلة: يعيش شعبان مختلفان على رقعة الأرض نفسها، لكنهما مفصولان عن بعضهما تماماً بحيث تسيطر إسرائيل عن طريق القمع العنيف لحقوق الشعب الفلسطيني»، مضيفاً أنّ «إسرائيل هي العائق الأساسي لتحقيق السلام في الأرض المقدسة».
ويقول كارتر لـ «معاريف»، إنَّ «الكتاب لا يتناول إسرائيل بل الفلسطينيين، ويصف الاحداث في المناطق المحتلة»، مشيراً إلى أنَّ هذا الرصد يستعرض «استغلال أرض الفلسطينيين على أيدي المستوطنين اليهود، وطرد الفلسطينيين من بيوتهم، والصعوبة اليومية في حياة الفلسطينيين، والشوارع الخاصة التي تشقها اسرائيل والتي يستعملها المستوطنون فقط»، مستنتجاً أنَّ «القمع الذي يعيشه الفلسطينيون في المناطق المحتلة أصعب بكثير من الوضع في جنوب أفريقيا في سنوات الأبرتهايد».
وانتقد كارتر جدار الفصل العنصري، ورأى فيه «سوراً لا حاجزاً» كما تدّعي اسرائيل، مضيفًا أن «الجدار لا يحمي اسرائيل، بل يمنع الفلسطينيين من لقاء بعضهم بعضاً ويحبسهم داخل صناديق».
ولم ينتقد كارتر حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، مشدداً على أنها «لم تقم بأي عملية تفجيرية داخل إسرائيل منذ عامين». وتوقع أنَّ «تبارك حماس كل اتفاق مع اسرائيل».
ورأى كارتر أنَّ تصوير الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات على أنه «عائق أمام السلام ليس صحيحاً»، مشيراً إلى أن « تعيين عرفات لمحمود عباس (أبو مازن) رئيساً للوزراء على مدار ثلاث سنوات كان بمثابة عنوان واضح لاستعداد الفلسطينيين للمفاوضات». ورأى كارتر أن ابو مازن «رجل سلام يطمح لبدء مفاوضات، لكنَّه يواجه معارضة من الولايات المتحدة واسرائيل»، معتبراً أن «الولايات المتحدة تحت حكم بوش لا ترى نفسها ملتزمة السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين». ولم ير كارتر أنَّ «خطاب أولمرت» الاخير «يبعث على الأمل»، مضيفاً أنَّ ما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي «لا يحمل جديداً لكونه يتحدث عن انسحاب جزئي من الضفة الغربية والجدار سيبقى مكانه». وأيّد كارتر استخلاصات التقرير الذي أعدّته مجموعة جيمس بيكر ولي هاملتون، والذي يوصي بمفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين، متمنياً ان يكون كتابه «أساساً لهذه المفاوضات».
وأيّد كارتر مباشرة المفاوضات مع سوريا وايران، مشيراً إلى ضرورة عقد «مؤتمر سلام يضم السعودية والاردن والفلسطينيين وسوريا وايران وفرنسا وروسيا»، ومشدداً على أنَّ تطبيق قراري مجلس الأمن 242 و 338 هو الأساس.
وفي تطرقه للعدوان على لبنان، رأى كارتر أن الرد الاسرائيلي على عملية حزب الله «كان مبالغاً فيه وأصاب أبرياء وأنا لا أقبل هذا».
وجيمي كارتر اليوم في الـ 82 من عمره، استطاع في عام 1976 أن يتغلب على منافسه جيرالد فورد وأن يفوز برئاسة الولايات المتحدة. وهو من «مصممي» السلام بين اسرائيل ومصر. وخسر الانتخابات في عام 1980 أمام رونالد ريغن.
ويُذكر أن كارتر من أكبر المعارضين للحرب الأميركية على العراق. وقد افتتح مركزاً سماه باسمه لـ «تعزيز الديموقراطية في الشرق الاوسط». وكتاب كارتر الجديد أظهر ردود فعل متباينة في صفوف الأميركيين. وقد عبرَّت اوساط من الحزب الديموقراطي عن «خشيتها من خسارة دعم اللوبي اليهودي للحزب» نتيجة الكتاب.