لم يكن كثير من الفلسطينيين يعتقدون أن العنف في غزة قد يكون أسوأ من ذلك. ثم قتل مسلحون ثلاثة أبناء صغار لمسؤول في المخابرات الفلسطينية موال للرئيس محمود عباس عند مدرسة للبنين. وبعد يومين سحب مسلحون قاضياً من حركة المقاومة الإسلامية “حماس” المنافسة من سيارة أجرة وقتلوه بالرصاص.ويخشى كثير من الفلسطينيين من أن تخرج الأحداث عن نطاق السيطرة. وحوّلت أجهزة الأمن الفلسطينية أسلحتها بعضها ضد بعض، وقد يدعو عباس في خطاب يلقيه اليوم السبت إلى انتخابات جديدة، وهي خطوة من شأنها أن تزيد حدة التوترات مع حركة “حماس”.
وقال خليل أبو شمالة، من مؤسسة “الضمير لحقوق الإنسان” في غزة، إن “الموقف يسير نحو الانهيار التام”. وأضاف “أشعر كما لو أن الموت يطوف في كل شارع وكل حي. مجتمعنا بأسره مهدد”.
ومن المتوقع أن يحدد عباس الخطوط العامة للبدائل المتاحة أمامه بعد أشهر من المحادثات المتعثرة مع “حماس” لتأليف حكومة وحدة وطنية.
وكان الفلسطينيون يأملون أن تساعد حكومة وحدة، كان يجري العمل على تأليفها، على رفع العقوبات الغربية المفروضة على الحكومة. ويقول بعض مساعدي عباس إنه قد يعلن أن لا خيار أمامه سوى الدعوة إلى إجراء استفتاء على إجراء انتخابات، رغم أنه قد يتجنب تحديد مواعيد ويترك الباب مفتوحاً لمحادثات جديدة.
والأمان هو آخر شيء يمكن أن يشعر به أبناء غزة، رغم أن هناك أكثر من 50 ألفاً من قوات الشرطة في قطاع يبلغ عدد سكانه 1.4 مليون نسمة.
وقال عامل البناء محمد أبو الحسن (60 عاماً)، بينما كان يحملق في أفراد قوة للشرطة تابعة لـ “حماس” وأفراد أمن موالين لعباس ولا يفصل بينهم سوى أمتار قليلة، “إنهم هنا لاستعراض قوتهم بعضهم أمام بعض”.
وطبقاً لتقديرات جماعات حقوق الإنسان ومسؤولي الحكومة، أدى العنف الداخلي بين الفصائل والعشائر إلى مقتل أكثر من 200 من أبناء غزة منذ مطلع العام الجاري، بينما أدى قطع المعونات الغربية، الذي أصاب السلطة الفلسطينية بالشلل، إلى تعميق الفقر. وارتفع معدل الجريمة بمعدلات صاروخية.
كما أثار ظهور جماعة إسلامية متشددة جديدة، أعلنت مسؤوليتها عن العديد من الهجمات بالقنابل على مقاهي الانترنت ومحلات الفيديو، قلق الكثيرين في غزة. وتقول جماعة تطلق على نفسها اسم “سيوف الحق الإسلامية” إنها شنت الهجمات لأن أصحاب المحلات ينتهكون القيم الدينية والأخلاقية للإسلام.
ولا يستهدف القائمون بأعمال الخطف الآن عمال المعونة والصحافيين الأجانب فقط، بل يخطفون بشكل متزايد مواطنين عاديين من سكان غزة لتسوية خلافات بين الفصائل أو خلافات تجارية أو عشائرية.
وقالت سميرة (35 عاماً)، وهي مدرّسة وأم لطفلين، “لا نشعر بأمان”. وتابعت “نشعر بأننا سجناء في بيوتنا، لأن هناك خطورة بالغة في التجول”.
قال أبو شمالة “لم يعد في وسعنا القول إن بعض الجرائم غريبة عن تقاليدنا. الجريمة أصبحت جزءاً من الثقافة”. وأضاف “إننا ننتظر الأسوأ”.
(رويترز)