أدى إلى «اصطفافات مذهبية وقومية» وتزايد الدعوات إلى إعادة النظر بـ«السياسات كلها»
بغداد ــ الأخبار
شهد الخامس عشر من كانون الأول عام 2005 إجراء أول انتخابات لـ«برلمان دائم» بعد سقوط النظام السابق في العراق، وبالتالي، مضى عام على انتخاب مجلس النواب الحالي، الذي انبثقت منه حكومة نوري المالكي الحالية، بكل ما تضمنته تشكيلتها من مفارقات، وما دار خلال فترتها من أحداث مؤلمة تعد الأسوأ في تاريخ العراق كله، فيما بقيت إنجازات المجلس الجديد خجولة في ظل ملف أمني يفوق حله الإمكانات، فضلاً عن تسجيل معدلات غياب قياسية لعديد من النوابوشكلَّت الانتخابات العام الماضي مرحلة مهمة لكونها أنتجت مجلس نواب وحكومة دائمة، بعد ثلاث سنوات من مرحلة انتقالية، عاشها العراق منذ غزو القوات الأميركية للعراق وسقوط نظام الرئيس صدام حسين.
وكان العراقيون يأملون من هذه الانتخابات أن تعيد التوازن السياسي الذي كان مفقوداً في الجمعية الوطنية التي انتخبت قبل عام منها، التي كانت أحزاب وهيئات من العرب السنة قد قاطعتها، قبل أن تدخل انتخابات العام الماضي بكثافة.
وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أعلنت أن عدد الكيانات والائتلافات المشاركة في الانتخابات بلغ 228 كياناً وائتلافاً، منها خمسة ائتلافات حصلت على أعلى المقاعد في مجلس النواب في ما بعد، وهي «الائتلاف العراقي الموحد» و«التحالف الكردستاني» و«القائمة العراقية الوطنية» و«جبهة التوافق العراقية» و«الجبهة العراقية للحوار الوطني»، إضافة إلى «الاتحاد الإسلامي الكردستاني» وكتلة «المصالحة والتحرير». كما شارك أكثر من 15 مليون عراقي في الإدلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع لاختيار 275 نائباً من بين 7655 مرشحاً.
وبعد شهرين من إجراء تلك الانتخابات، أعلنت المفوضية العليا المستقلة النتائج النهائية المصدقة، التي أشارت إلى حصول «الائتلاف العراقي الموحد» على 128 مقعداً، وقائمة «التحالف الكردستاني» على 53 مقعداً، وقائمة «التوافق العراقية» على 44 مقعداً، والقائمة العراقية الوطنية على 25 مقعداً، و»الجبهة العراقية للحوار الوطني» على 11 مقعداً، و«الاتحاد الإسلامي الكردستاني» على 5 مقاعد، وكتلة «المصالحة والتحرير» على 3 مقاعد، وقائمة «الرساليون» على مقعدين، وحصلت كل من «الجبهة التركمانية العراقية» وقائمة «الرافدين» وقائمة مثال الألوسي للأمة العراقية و«الحركة اليزيدية من أجل الإصلاح والتقدم» على مقعد واحد.
وبعد مرور عام على إجراء الانتخابات، رأى عدد من أعضاء مجلس النواب أنها «لم تحقق طموحات الشعب العراقي ولم تسهم في تحقيق الأمن والاستقرار والبناء الاقتصادي، بل افرزت نتائج سلبية على الواقع العراقي».
وقال المتحث الرسمي باسم «جبهة التوافق العراقية»، النائب سليم عبد الله، إن «نتائج الانتخابات خلفت اصطفافات مذهبية وقومية بدت آثارها واضحة في الساحة العراقية وكانت نتائجها سلبية».
وأوضح عبد الله أن «كل هذا يجعلنا نعمل على إعادة النظر في جميع السياسات التي خلفتها الانتخابات، من قانون الانتخابات وتشكيل الحكومة وطريقة اختيار الأعضاء في مجلس النواب وصلاحيات السلطتين التنفيذية والتشريعية». وأضاف أن «الغاية الأساسية من الانتخابات كانت إيجاد صف وطني قادر على تحقيق ما يطلبه الشارع، إلا أن هناك عجزاً واضحاً في تحقيق ذلك».
ورأى النائب عن «التحالف الكردستاني»، فرياد راوندوزي، أنه «رغم مما حققته الانتخابات، التي جرت العام الماضي، من منجزات، إلا أن العملية السياسية لا تزال تعاني التعسر». وأضاف: «للأسف إن القوى السياسية لم تتمكن من ردم الهوة في ما بينها والاتفاق على منهاج خاص لإنهاء العنف الطائفي الذي أدى إلى تدهور الوضع الأمني».
وقال راوندوزي: «إننا، مع احتفالنا بالذكرى الأولى للانتخابات، نرى البلاد، ولا سيما بعض المحافظات، وقعت تحت طائلة الحرب والقتل والتفجيرات»، مشيراً الى «أن الذين يقومون بتلك الأعمال يريدون إفشال العملية السياسية وتخريب نتائج الانتخابات».
وأشار النائب عن «الائتلاف العراقي الموحد» سامي العسكري إلى أن «مجلس النواب يمثل السلطة التشريعية والرقابية في البلاد منذ انتخابه، وقد شرع مجموعة من القوانين خلال هذه المدة». ورأى العسكري أن «قانوني الاستثمار والأقاليم أهم ما أنجزه مجلس النواب العراقي منذ انتخابه وبدء أعماله». وأوضح أن «قانون الاستثمار يشكل تغييراً نوعياً في الاستثمار العراقي منذ الخمسينيات، إذ كان العراق يعتمد على اقتصاد الدولة»، مشيراً إلى ان هذا القانون «فتح الآفاق لكل المستثمرين للاستثمار في العراق وحماية الثروة الوطنية».
وقال العسكري إن «الإنجاز الثاني الذي حققه المجلس هو تشريع قانون الأقاليم والمحافظات الذي غير مسار الدولة، التي كانت تعتمد منذ تأسيسها ولغاية سقوط النظام السابق على النظام المركزي والهيمنة على إدارة البلاد». وأوضح أن «هذا القانون فتح الباب لإقامة نظام فيدرالي اتحادي للمحافظات».
ومع ذلك ، بعد مرور عام على المجلس المنتخب، يتفق السياسيون على أن البلد يمر بأزمة حقيقية، وأن مجلس النواب مختزل بقيادات الكتل البرلمانية، ما جعل الأعضاء المنتخبين لا يكترثون لحضور الجلسات.
وضعت هذه الحالة القيادات على المحك، ولا سيما في الأزمة الأمنية المتفاقمة، التي تفاوتت آراء النواب في شأن كيفية الخروج منها، فمنهم من رأى أن الحل يكمن في خروج قوات الاحتلال من بغداد، بينما رأى بعضهم الآخر وجوب أن تبدأ المصالحة الوطنية من القواعد وأن تذهب وفود إلى المناطق الساخنة لعقد ميثاق شرف بين وجهاء المناطق، ورأى آخرون وجوب أن تقوم الحكومة بمراجعة حساباتها، وخاصة في ما يتعلق بالوزراء الأمنيين والخطط الامنية.