عاد التفاؤل ليخيّم على أجواء المفاوضات الأوروبية حول المديونية اليونانية، حيث أدلى طرفا المفاوضات مساء أول من أمس الأحد بتصريحات إيجابية بشأن سير المفاوضات التي تقرر تمديدها الى ما بعد نهاية الاسبوع في "جولة ثانية"، على حدّ تعبير الحكومة اليونانية.منذ يوم الخميس الماضي، تحاول "مجموعة بروكسل" التي تضم ممثلين عن كل من اليونان والمفوضية الاوروبية والبنك المركزي الاوروبي والية الاستقرار (المالي والنقدي) الاوروبية وصندوق النقد الدولي، التوصل الى اتفاق يتيح لأثينا الحصول على 7.2 مليارات دولار من الاتحاد الاوروبي، كدفعة من قرض مشروط بإقرار اليونان حزمة «إصلاحات» ترضي دائنيها (المصارف الألمانية أساساً).

وبدا مساء الاحد أن المفاوضات بين اليونان ودائنيها قد حققت انفراجاً مفاجئاً. ويأتي هذا التطور عقب تعيين نائب وزير الخارجية المكلف بالشؤون الاقتصادية، اقليدس تساكالوتوس، منسّقاً لفريق المفاوضين اليونانيين، بدلاً من وزير المالية يانيس فاروفاكيس. في هذا الاطار، قال مصدر أوروبي إن تمديد المفاوضات "مؤشر جيد"، واصفاً المباحثات بـ«البناءة والمشجعة»، ومضيفاً أن "هدف الاطراف جميعاً هو التوصل الى اتفاق على مستوى مجموعة بروكسل في أيار".
وتعزو وسائل إعلام أوروبية الانفراج الحاصل في الاجواء التفاوضية، في جزء كبير منه، الى التغييرات التي أدخلها رئيس الوزراء اليوناني اليكسيس تسيبراس هذا الاسبوع على فريق مفاوضيه، لا سيما تعيينه تساكالوتوس منسقاً للفريق. وقال المصدر الأوروبي نفسه إن "المفاوضات التي يجريها الفريق اليوناني الجديد حسنت الامور بشكل واضح، مع جدول زمني واضح للمفاوضات ومزيد من الخبراء والتفاصيل". ورغم إزاحة فاروفاكيس، الذي لا يشكك أحد في مؤهلاته كخبير اقتصادي، من واجهة المفاوضات مع دائني بلاده، إلا أنه ما زال مشاركاً في المفاوضات، بدليل مشاركته في الاجتماع الذي جرى مساء الاحد برئاسة تسيبراس.
ويشارك الجانب اليوناني مفاوضيه الأوروبيين تفاؤلهم، إذ قال مصدر حكومي، في ختام اجتماع فريق المفاوضين اليونانيين مع رئيس وزرائهم تسيبراس، إن "خطوات بالغة الاهمية تحققت في مجموعة بروكسل، من شأنها تقريب التوصل الى اتفاق"، وبالتالي الافراج عن دفعة القرض. غير أن ذلك لا يعني تسوية كل الامور الخلافية بين اليونان ودائنيها، حيث قال مصدر أوروبي آخر إنه "يجب القيام بالمزيد" (من جانب أثينا) في بعض النقاط، مشدداً على تعثر المفاوضات عند "الخطوط الحمر" التي حددتها حكومة تسيبراس. وبحسب متحدث باسم تسيبراس، فمن بين أبرز نقاط الخلاف العالقة رفض الدائنين قانوناً يونانياً يعيد العمل بعقود العمل الجماعية، وتمسكهم بمطلب "التحرير الكامل لتسريح العمال، وذلك خلافاً للإطار المؤسسي المعمول به في كل أنحاء أوروبا"! كذلك يضغط الدائنون لإجبار اليونان على "خفض جديد للمعاشات التقاعدية، ولكن الحكومة تعتقد أن الوضع الراهن كاف"، بحسب المتحدث الذي أكد أن "الحكومة اليونانية أظهرت قدراً كبيراً من الليونة، ونحن بحاجة الى أن يفعل الدائنون الامر نفسه". ولفت المتحدث إلى أنه في حين يجب على الحكومة اليونانية سداد قرض لدائنيها بقيمة مليار يورو الشهر الحالي، فإن مالية الدولة هي راهناً في وضع حرج للغاية.
وفي السياق نفسه، تجدر الإشارة إلى أن اليونان تطالب ألمانيا منذ عام 1980 بدفع مبالغ تقدر بـ190 مليار يورو، كتعويض عن الأضرار التي ألحقتها بها خلال الحرب العالمية الثانية، فضلاً عن إعادة الآثار التاريخية التي سرقتها خلال الحرب. وكانت ألمانيا قد أعلنت أنها أنهت مسألة التعويضات عقب انتهاء الحرب، من خلال اتفاقيات وقّعتها مع الدول المتضررة. وأوضح الرئيس الألماني، يواخيم غاوك، أنه سيكون من الصواب أن تقوم دولة "تتمتع بوعي تاريخي" كبلاده، بدراسة إمكانية تلافي الأضرار التي خلفتها النازية، في معرض تعليقه على مطالبة أثينا بتعويضات حرب من برلين، وذلك في تصريح للصحافة الألمانية قال فيه، "لا أستطيع قول شيء جديد بخصوص التعويضات، فموقف ألمانيا واضح"، لافتاً إلى أنه يشاطر الحكومة موقفها القانوني. وبدوره، أكد جوهانيس سينغهامر، نائب رئيس المجلس الفيدرالي الألماني (مجلس النواب) وممثل حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي، الشريك الأصغر في الحكومة، أن الحكومة تتصرف «بشكل معقول» في هذا الخصوص، وترفض طلب اليونان دفع ألمانيا تعويضات، بالاستناد إلى القانوني الدولي.

(أ ف ب، الأناضول)