رام الله ــ الأخبار
جدّية الدعوة إلى انتخابات مبكرة ورفض الحوار بدت واضحة منذ اليوم الأول لدعوة الرئيس الفلسطيني، بغض النظر عن أي مساع للتقريب بين طرفي الصراع، التي يبدو أن منظمة التحرير لا تريدها

كشفت مصادر فلسطينية، لـ«الأخبار» أمس، تفاصيل اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أول من أمس، في أعقاب خطاب الرئيس محمود عباس (أبو مازن) ودعوته إلى انتخابات مبكرة. وأظهرت النقاشات داخل اللجنة الاتجاه المتشدد من أعضائها لرفض أي حوار مع حركة «حماس»، وحتى تجديد وساطة الأمين العام للمبادرة الوطنية مصطفى البرغوثي، مع بدء الإعداد جدياً للانتخابات المبكرة، والحديث عن تحالف يضم أطراف المنظمة كافة.
وتحدث أبو مازن، في بداية الاجتماع الذي عقد في رام الله، موضحاً ما تناوله في خطابه. قال «تناولت في الخطاب أمرين أساسيين: الأول، استعراض ما جرى منذ انتخابات الرئاسة وما تلا انتخابات التشريعي وتأليف الحكومة والحوار حول تشكيل حكومة وحدة وطنية قادرة على فك الحصار والإقلاع سياسياً، والثاني الدعوة الى انتخابات مبكرة رئاسية وتشريعية».
وأضاف عباس «لم أعلن أنني سأواصل الحوار أو أشارك فيه، ولكن الباب بقي مفتوحاً أمام فرص التوافق على حكومة وحدة وطنية، ويبقى الأساس في الموقف الذهاب إلى انتخابات مبكرة رئاسية وتشريعية».
وذكرت المصادر لـ«الأخبار» أن عباس أعلن عملياً خلال الاجتماع التحضير للانتخابات قائلاً «اذا وجدنا أنفسنا أمام خيار وحيد هو الانتخابات المبكرة فأرى من الضروري أن نتفق سواء في القائمة أو الدوائر على ائتلاف منظمة التحرير الفلسطينية يخوض الانتخابات موحداً».
وأوضح عباس للجنة ملابسات عودة رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية إلى قطاع غزة، والأموال التي كان يحملها. وقال «لا اعتراض عندي على إدخال الأموال لحل مشاكلنا وتوفير الاحتياجات. الاعتراض يأتي من إسرائيل ومن الأوروبيين وحتى المصريين».
وقالت المصادر إن أبو مازن تشكّك في إعلان «حماس» ترك الأموال، التي كان يحملها هنية (35 مليون دولار) في مصر، وقال «معلوماتي غير المؤكدة تشير إلى أن إسماعيل هنية أدخل أمولاً من خلال المرافقين. كان معه 35 مرافقاً».
وأشارت المصادر إلى أن عباس تحدث عن جهود وساطة جديدة بقيادة علي الجرباوي (الرئيس السابق للجنة الانتخابات) وممدوح العكر (المفوض العام للهيئة الفلسطينية لحقوق المواطن)، إلا أنهما اشترطا استبعاد مصطفى البرغوثي من هذه الوساطة، وهو ما وافقهم عليه أبو مازن. لكن الرئيس الفلسطيني أبلغ المجتمعين أنه رفض السماح للمتحدث الرئاسي نبيل أبو ردينة الإدلاء بتصريح عن استبعاد البرغوثي. وقال عباس «لا نريد أن يجري من خلال خبر كهذا تلميع إضافي لمصطفى. الأفضل تجاهل موضوعه، وإذا صدر عن مصطفى ما يوحي أنه مكلف من الرئيس يرد عليه أحمد عبد الرحمن بالنفي».
وأوضح عباس ملابسات الخبر الذي أورته وكالة «سبأ» اليمنية عن لقاء قريب يجمعه برئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، خالد مشعل. وأشار أبو مازن إلى أنه تلقى اتصالاً هاتفياً من الرئيس اليمني علي عبد الله صالح اقترح فيه استضافة حوار ثنائي بين «فتح» و«حماس»، بمشاركة أبو مازن ومشعل.
وقالت المصادر إن مبادرة صالح جاءت بناءً على طلب من خالد مشعل، الذي أبلغ الرئيس اليمني أنه يوافق على حكومة كفاءات أو تكنوقراط، وهو ما اعتبرته المصادر «استدراجاً لأبو مازن»، الذي أبلغ الرئيس اليمني اعتذاره وأكد أنه «إذا كانت هناك فرصة للحوار، فيجب أن يجري في الداخل وشرطه طلب مباشر من حماس». كما أن عباس استبعد نفسه من أي حوار مقبل، مشيراً إلى أنه «دعا إلى انتخابات مبكرة وهو جاد في ذلك مئة في المئة».
وشهد الاجتماع مداخلات متشددة، تناوب عليها أعضاء اللجنة التنفيذية ياسر عبد ربه، وصالح رأفت، وصائب عريقات، وسمير غوشه.
ورأى رأفت أن العودة إلى الحوار من جديد أثمن هدية نقدمها إلى حركة «حماس»، فيما رأى غوشة أن ما حصل في دمشق، في إشارة إلى اجتماع الفصائل العشرة السبت الماضي، «بداية لتأليف منظمة تحرير موازية وقيادة بديلة».
ودفع عبد ربه باتجاه بدء الخطوات الفعلية، معتبراً أنه «في المعارك السياسية الكبرى، التردد يلحق الضرر ويفقد القيادة صدقيتها».
إلا أن أصواتاً أخرى في اللجنة كانت تدعو إلى التهدئة، وعبّر عنها غسان الشكعة، وأحمد قريع، وتيسير خالد. وقالت المصادر إن الأخيرين شددوا على دعم «التنفيذية لخطاب الرئيس، مع الإبقاء على أبواب الحوار مفتوحة لتأليف حكومة وحدة وطنية، من دون أن ينشأ التباس بأننا ذاهبون الى انتخابات مبكرة اذا فشلت جهود تأليف حكومة وحدة وطنية».
ودعوا إلى «عدم المبالغة في الاجتهاد في شأن ما جرى في دمشق»، مشيرين إلى أن «الوضع الامني خطير، وخصوصاً في غزة، والتنفيذية يجب أن تقدم نفسها كقيادة مسؤولة بموقف مسؤول، عبر إدانة الممارسات الخارجة على النظام العام والقانون، ورفض الاقتتال الداخلي، سحب المسلحين، واعتماد القوى الأمنية الرسمية لفرض النظام والقانون».
وطالب قريع والشكعة وخالد بعدم الوقوع في الخطأ من جديد «بشأن الحوار الوطني لتأليف حكومة وحدة»، مشيرين إلى أنه «أولاً، لا حوار ثنائياً بين حماس وفتح، ثانياً الرئيس لا يدخل طرفاً في حوار، ثالثاً الحوار بين القوى من خلال لجنة المتابعة في غزه ولجنة القوى في رام الله، رابعاً الاتفاق أولاً على الأساس السياسي في برنامج الحكومة».
ودعا المسؤولون الثلاثة إلى «المضي في تفعيل مؤسسات منظمة التحرير وفق قرارات الاجتماع الأخير، بالتحضير لاجتماع ناجح للمجلس المركزي مطلع العام المقبل، لتفعيل لجنة الحوار برئاسة قريع، والتحضر لزيارة دمشق واجتماع اللجنة الوطنية العليا في القاهرة ولحل المشكلة مع فاروق القدومي».