في ظل تنامي التوتر الداخلي الفلسطيني، وصل رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت بشكل مفاجئ أمس إلى عمان، حيث التقى الملك الأردني عبد الله الثاني. ورغم محاولة عمان التغطية على هذه الزيارة، وإعطاءها صفة “الدعوة” وتغليفها بحديث فضفاض عن عملية السلام والتسوية، إلا أن علامات استفهام كبيرة تحيط بتفاصيلها، ومدى ارتباطها بالوضع الفلسطيني الداخلي، ولا سيما أن الملك الأردني أطلق دعوة إلى استضافة لقاء بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء اسماعيل هنية.
وقال مسؤولون في القصر الملكي الأردني إن أولمرت بحث مع الملك عبد الله أمس سبل إعادة إحياء عملية السلام المتوقفة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وقال مصدر من القصر “تم الاتفاق على مواصلة التنسيق مع السلطة الوطنية الفلسطينية لبحث السبل التي من شأنها تحريك العملية السلمية”. وأضاف ان الزيارة المفاجئة التي قام بها أولمرت جاءت بناءً على دعوة من الملك الأردني لحثّ الإسرائيليين والفلسطينيين على كسر الجمود.
وكان مكتب أولمرت قد قال بداية إن المباحثات كانت بشأن الصراع الفلسطيني على السلطة وقضايا إقليمية أخرى.
وأفاد بيان من الديوان الملكي أن الملك عبد الله شدد في حديثه مع أولمرت “على ضرورة أن يقوم الإسرائيليون بالدخول في مفاوضات مع الفلسطينيين لإيجاد أرضية مشتركة مناسبة لإطلاق عملية السلام مجدداً”.
وحذر الملك عبد الله، في البيان، من أن “إضاعة الوقت في إلقاء اللوم وتبادل الاتهامات بين الفترة والأخرى والتردد في اتخاذ إجراءات تعزز من فرص السلام، سيدخل المنطقة في دوامة من العنف سيدفع ثمنها الجميع”. وقال إن “شعوب المنطقة سئمت الانتظار والانتقال من مؤتمر سلام إلى آخر تحت مختلف التسميات من دون إحراز نتائج على الأرض”، مشيراً في الوقت نفسه الى أن “سياسة الحلول أحادية الجانب وفرض الأمر الواقع على الأرض أثبتت فشلها”.
وشدد الملك عبد الله على أن “حل الدولتين يجب أن يشكل الأساس لأي تحرك مستقبلي لإحياء التفاوض باعتباره الحل المنطقي لتلبية تطلعات الفلسطينيين في إنشاء دولة مستقلة ذات سيادة وتحقيق الأمن والاستقرار للإسرائيليين”.
وقال البيان الأردني إن أولمرت استعرض “الخطوات التي يمكن لإسرائيل القيام بها في المستقبل القريب لإطلاق عملية السلام مجدداً مع الفلسطينيين”، مشيراً إلى أن “الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني بحاجة اليوم لوقوف المجتمع الدولي معهما لتحقيق السلام أكثر من أي وقت مضى”.
وقال مسؤولون من القصر الملكي الأردني إن الملك عبد الله تباحث مع أولمرت حول مبادرة سلام عربية جديدة تسعى للاستفادة من نتائج الحرب التي شنتها إسرائيل على لبنان هذا العام لحث المجتمع الدولي على إعادة رسم عملية السلام في الشرق الأوسط.
ونقل عن الملك الأردني دعوته إسرائيل إلى “النظر بجدية وإيجابية للمبادرة العربية للسلام ....إنها تشكل أرضية مناسبة لحل الصراع العربي ــ الإسرائيلي على مختلف الجبهات”.
وأوضح المصدر نفسه أن ملك الأردن «بيّن أن مفتاح الحل ... لن يكون إلا من خلال ترسيخ القناعة لدى الطرفين بأنهما شريكان في عملية لن تؤتي ثمارها إلا عبر طاولة المفاوضات وتنفيذ الالتزامات الدولية، وصولاً إلى تسوية دائمة ترتضيها الأجيال المقبلة وتدافع عنها».
وفي ما يتعلق بالوضع الداخلي الفلسطيني، قال الملك الأردني، في مكالمة هاتفية مع عباس، إنه مستعد للدعوة إلى لقاء بين أبو مازن وهنيّة لإنهاء الاحتقان السياسي بين حركتي “فتح” و“حماس”.
وحذر عبد الله من أن المنطقة ستشهد المزيد من التطرف إذا لم يتم إيجاد حل للصراع العربي الإسرائيلي، وعبر عن مخاوف من تداعيات العنف التي قد تؤثر على الاستقرار في المنطقة.
وقال بيان الديوان الملكي إن عبد الله الثاني أطلع عباس على “فحوى مباحثاته مع أولمرت”، موضحاً أنه “تم الاتفاق على مواصلة التنسيق مع السلطة الوطنية الفلسطينية لبحث كافة السبل التي من شأنها تحريك العملية السلمية”.
وشدد عبد الله على “حرص الأردن على وقف نزف الدم الفلسطيني وإنهاء الاشتباكات كافة بين القوى الفلسطينية”.
إلى ذلك، كشف مسؤول أردني رفيع المستوى أمس أن بلاده تتجه نحو إطلاق مبادرة لتقريب وجهات النظر بين حركتي “فتح” و“حماس”. وقال المسؤول إن المبادرة الأردنية تستند إلى إيجاد معادلة يقبل بها الطرفان لتأليف حكومة فلسطينية من المستقلين، تحظى بشبكة أمان من الجانبين للمساعدة في استقرار الوضع الداخلي الفلسطيني بما يكفل استئناف عملية السلام ووضع حد لمعاناة الفلسطينيين.
وقال المسؤول الأردني إن بلاده تعتقد أن البيئة الإقليمية والدولية باتت مهيأة أكثر من أي وقت مضى لاستئناف عملية السلام وتحقيق تقدم على مسار الحل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
(أ ب، رويترز، أ ف ب، يو بي آي)