خلاف في وجهات النظر بين البيت الأبيض وهيئة الأركان الأميركية على الاستراتيجية الواجب اتباعها في العراق. آراء يقدمها كل طرف ويردفها بمبررات وحجج مضادة، على قاعدة التمهل للوصول إلى الحل الأنسب. كلها إشارات إلى أن واشنطن قررت على ما يبدو الحد من العنف الذي شوه صورتها، لكنها تحرص أيضاً على ألّا تضر بأهدافها الأصلية التي أتت بها إلى هذا البلد، وإلا فستخرج منه خالية الوفاض، إلا من لعنة فييتنامية ثانية
تشهد الإدارة الأميركية انقساماً إزاء فكرة زيادة عدد قوات احتلالها في العراق، التي يروج لتبنيها مسؤولون في البيت الأبيض، بينما تعارضها هيئة الأركان المشتركة للقوات الأميركية، فيما لا يزال هذا البلد يغرق في العنف الذي يحصد آلاف القتلى شهرياً، في انتظار أن تقرر واشنطن استراتيجيتها العتيدة فيهوفي ظل تقرير لوزارة الدفاع أكد على ارتفاع عدد هجمات المقاومة العراقية إلى «مستويات قياسية» وأن جيش المهدي «أكبر خطر» على استقرار العراق، أكد البيت الابيض أمس أن الرئيس الاميركي جورج بوش يفكر في زيادة عديد القوات الاميركية في العراق، في إطار دراسته لانتهاج استراتيجية مختلفة في شأن الحرب.
ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤولين أميركيين مطلعين قولهم إن «إرسال 15 ألفاً إلى 30 ألف جندي إضافي لمهمة محتملة لستة إلى ثمانية أشهر، يُعَد أحد المقترحات المركزية، التي تمت مناقشتها على طاولة مراجعة سياسة البيت الأبيض لاحتواء التدهور المستمر في العراق».
ونقلت الصحيفة عن المسؤولين، الذين طلبوا عدم ذكر هوياتهم، قولهم إن هيئة الأركان المشتركة تجمع على معارضة خطة بوش، مشيرة إلى أن البيت الأبيض لا يملك، بعد أشهر من المحادثات، مهمة محددة ولا يزال متمسكاً بفكرة زيادة القوات جزئياً بسبب قلة البدائل المتاحة أمامه للخروج من مأزق العراق، رغم التحذيرات في شأن سلبيات هذه الفكرة على الجيش الأميركي.
وذكرت المصادر أن رؤساء هيئة الأركان اتخذوا موقفًا صارماً لاعتقادهم أن مراجعة الاستراتيجية ستكون أكثر القرارات أهمية التي ستُتَّخَذ في شأن العراق منذ العدوان الأميركي عليه في آذار 2003.
وحذّر رؤساء هيئة الأركان المشتركة من أن المهمة القصيرة المدى قد تعطي ميزة كبيرة لجميع الجماعات المقاتلة في العراق، ومن بينها «تنظيم القاعدة والتمرد السني والميليشيات الشيعية»، من دون إعطاء تعزيز ثابت للمهمة العسكرية الأميركية أو للجيش العراقي.
وحذرت هيئة الأركان المشتركة للقوات الأميركية من أن الميليشيات الشيعية غير الرسمية المتمتعة بتسليح جيد قد تنصهر في أوساط المجتمع العراقي خلال فترة تعزيز القوات الأميركية وستنتظر حتى تنسحب هذه الأخيرة من العراق لتعود للظهور من جديد وتنتشر في شوارع بغداد وغيرها من المدن العراقية.
وأوضحت هيئة الأركان المشتركة أن الإعلان عن مدى زمني وعن طبيعة المهمة قد يصب في مصلحة الفصائل المسلحة عن طريق إتاحة الفرصة لهم لعرقلة الاستراتيجية الأميركية الجديدة.
وتزامن الكشف عن طبيعة الخلاف بين البيت الأبيض والبنتاغون مع إصدار هذا الأخير تقريره الفصلي الذي أقر بأن الهجمات على قوات الاحتلال وقوات الأمن العراقية الموالية لها، قفزت إلى مستويات قياسية.
وذكر التقرير أن أعمال العنف في العراق سجلت مستوى قياسياً بين منتصف آب ومنتصف تشرين الثاني، متهماً «جيش المهدي» التابع للزعيم الشيعي مقتدى الصدر بأنه «يشكل أكبر خطر على الاستقرار في العراق».
ووفقاً للأرقام التي تضمنها التقرير، فإن متوسط عدد الهجمات التي تتعرض لها قوات الاحتلال والمتعاونون معها في العراق ارتفع في الأسبوع إلى 959 هجوماً، خلال الأشهر الثلاثة من 12 آب إلى 10 تشرين الثاني، أي بزيادة 22 في المئة عن الأشهر الثلاثة السابقة.
من ناحية أخرى، رأت «مجموعة الأزمات الدولية»، في تقرير صدر أمس، أن العراق أصبح على وشك «التفكك الكامل والسقوط في الفوضى»، داعية الولايات المتحدة إلى تغيير جذري لاستراتيجيتها في العراق.
ميدانياً، قتل تسعة أشخاص وأُصيب آخرون في هجمات متفرقة طالت بغداد والكوت وبعقوبة أمس، فيما عثر على 16 جثة في بعقوبة والموصل.
وأعلن الجيش الأميركي أمس مقتل أحد جنوده خلال اشتباكات في محافظة الأنبار أول من أمس.
وأفاد مسؤول في «مكتب الصدر» أمس بأن القوات الأميركية اعتقلت الشيخ غدير كاظم، أحد قياديي «التيار الصدري»، خلال عملية دهم في مدينة الكوت جنوبي شرقي بغداد.
واستولى مسلحون يرتدون زي مغاوير الداخلية أمس على رواتب وزارة الصناعة في منطقة الكرادة وسط بغداد. وقال مصدر في الشرطة إن «المبالغ التي تم الاستيلاء عليها تقدر بمليار و250 مليون دينار(حوالى 900 ألف دولار)».
على صعيد آخر، عرض الادعاء في محاكمة الرئيس العراقي السابق صدام حسين شريطاً مصوراً يظهر قتلى مدنيين أكراداً بينهم أطفال زعم أنهم قتلوا في هجمات كيميائية على قراهم.
كما عرض رئيس هيئة الادعاء منقذ الفرعون مذكرة على هيئة المحكمة تتضمن ثناء على رجل أعمال هولندي أدين في عام 2005 لتزويده بغداد أسلحة كيميائية محظورة استخدمت في الهجوم الذي يقول الادعاء إنه أدى إلى مقتل أكثر من 180 ألف كردي خلال حملة «الأنفال».
إلى ذلك، اتهم الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أمس الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا باحتلال العراق من أجل الهيمنة على نفطه.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (ارنا) عن نجاد قوله، إنه «اتضح بشكل أكبر أن أميركا وبريطانيا احتلتا العراق للهيمنة على موارد النفط والتسلط على رقاب الشعب العراقي». وأضاف ان «هؤلاء جاؤ‌وا للهيمنة على شعوب المنطقة ولدعم الكيان الصهيوني ولإيجاد قاعدة في العراق».
(الأخبار، أ ف ب،
رويترز، يو بي آي، أ ب)