يبدو أن الرئيس الأميركي جورج بوش يفضِّل التمهيد لإعلان التغيير في العراق، عبر التدرج في تبيان المأزق وسبل الخروج منه، قبل الكشف عن الاستراتيجية الجديدة أوائل العام المقبل، من أجل تجنب الضربة المعنوية التي قد يلقاها على أنقاض الاستراتيجية البائدة التي جعلته يقرّ، للمرة الأولى، بأن الولايات المتحدة لا تربح الحرب. لكنه وقع هذه المرة في شرك أقواله عندما شدَّد، في مقابلة صحافية، على أنه لا أحد سيخرج الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، ليستبدل الشك باليقين حول الأهداف الأميركية الحقيقية في المنطقة.وأعلن بوش، في مؤتمر صحافي في البيت الأبيض أمس، أن كل ما يمكن أن يتوقعه للعام 2007 بالنسبة للعراق هو أنه «سيتطلب خيارات صعبة ومزيداً من التضحيات، لأن العدو عنيف وبلا رحمة».
وأقر الرئيس الأميركي بأن النجاح في العراق «ليس بالسرعة» التي كان يتمناها، مشيراً إلى أنه سيستمع إلى الأفكار الجديدة من جميع الأطراف قبل أن يعلن عن الاستراتيجية الجديدة مطلع كانون الثاني.
وقال: «أقطع عليكم الوعد التالي: وهو أن إدارتي ستعمل مع الجمهوريين والديموقراطيين لإطلاق مسار جديد قابل للنجاح في العراق». وأعلن بوش أنه لم يقرر بعد إذا كان سيزيد قريباً عدد الجنود الأميركيين في العراق. وقال: «لن أقوم بافتراضات بصوت عال عمّا ما سأقوله للبلاد بشأن طريقة تحركنا قبل أن نكون جاهزين».
وأشار الرئيس الأميركي إلى أنه طلب من وزير دفاعه الجديد روبرت غيتس دراسة الوضع على الأرض، قائلاً إن «رأي الضباط العسكريين مهم جداً، فهم أشخاص أذكياء وأكفاء يهمني رأيهم جداً». وذكر بوش أن «معظم العنف في العراق يتركز على مسافة 48 كيلومتراً حول بغداد وفي محافظة الأنبار»، فيما حيا انفتاح رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي على الجنرالات العراقيين السابقين، واصفاً ذلك بأنه «هام وخطوة رئيسية على طريق المصالحة الوطنية» في العراق. وأضاف: «علينا مساعدة حكومة المالكي لوقف العنف وقمعه.
ووصف الرئيس الأميركي «الحرب على الإرهاب» بأنها «مهنة جديدة بالنسبة لجيل كامل»، معلناً أنه سيزيد حجم القوات العسكرية الأميركية.
لكن بوش رفض الدعوات إلى إجراء مفاوضات معمقة مع سوريا وإيران في شان مستقبل العراق، محذراً طهران في شأن برنامجها النووي ودمشق من زعزعة الوضع في لبنان.
وذكر الرئيس الأميركي أنه فوجئ بالمؤتمر الصحافي الأخير للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، الذي نفى فيه «الهولوكوست»، واصفاً المؤتمر بأنه «نظرة رجعية إلى تاريخ العالم». وقال إن واشنطن «تعمل جاهدة» للتوصل إلى قرار في مجلس الأمن الدولي يفرض عقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي.
من ناحية أخرى، قال بوش، في مقابلة نشرتها صحيفة «واشنطن بوست» أمس: «أجد أن الطريقة التي يلخص فيها (رئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية) الجنرال (بيتر) بيس الأمور مثيرة للاهتمام: نحن لا نكسب، ولا نخسر». وأضاف: «أريد أن يفهم العدو أن هذه المهمة صعبة، لكنهم لا يستطيعون إخراجنا من الشرق الأوسط ولا يمكنهم ترهيب أميركا».
في هذا الوقت، باشر وزير الدفاع الأميركي الجديد أعماله بزيارة مفاجئة قام بها إلى العراق أمس، حيث التقى كبار الجنرالات في بغداد ليناقش معهم إذا ما كان يتعين زيادة عدد القوات الأميركية في العراق أو لا.
(أ ف ب، رويترز، يو بي أي، أ ب)