يتجه «التيار الصدري» الى العودة عن قرار تجميد عضويته في البرلمان والحكومة، ليعود الى المشاركة في العملية السياسية، وذلك إثر مباحثات دارت بين أطراف «الائتلاف العراقي الموحد» أمس، في وقت بدا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، بعد مشاورات أجراها مع مساعديه، أنه لم يقو على اتخاذ قرار باستعداء هذا التيار، الى درجة أنه تصدى للأميركيين وظهر بموقف المدافع عنه، عندما رفض مطلب واشنطن بعزله، بالرغم من اشتداد الضغوط على حكومته، حتى من داخل «الائتلاف الموحد»، لعدم المهادنة مع «جيش المهدي»، تحت طائلة انهيار الحكومة نفسها.وأعلن النائب عن حزب «الدعوة» كريم العنزي أمس أن «التيار الصدري» سيعود الى الحكومة والبرلمان خلال يومين»، وذلك إثر اجتماعات مع مساعدي السيد مقتدى الصدر، هدفت الى إعادته الى العملية السياسية، بعدما علقت جماعته مشاركتها، نهاية الشهر الماضي، احتجاجاً على لقاء المالكي بالرئيس الأميركي جورج بوش في عمان.
وقال العنزي إنه جرى الاتفاق على حل المشاكل وتخطي العقبات التي جعلت «التيار الصدري» يقاطع العملية السياسية، مشيراً الى إمكانية لقاء الصدر اليوم أو غداً.
وعقد اجتماع، في بغداد أمس، ضم ممثلين لكل أطراف الائتلاف، ومن بينهم رئيس الكتلة البرلمانية لـ«التيار الصدري» نصار الربيعي.
وأكد النائب عن حزب الدعوة فلاح الفياض أنه التقى أمس بالمرجع آية الله علي السيستاني وتحدث معه «عن الجهد المبذول من قبل الحكومة من أجل عودة الكتلة الصدرية الى الحكومة والبرلمان». وأضاف ان «المرجعية داعمة بالتأكيد لكل عمل يصب في توحيد الجهد السياسي».
إلا أن مصادر في «الائتلاف» كشفت أن أعضاء رفيعي المستوى في الائتلاف يضغطون على المالكي لملاحقة «جيش المهدي» إذا أراد إنقاذ الحكومة من الانهيار.
وقال النائب في «الائتلاف العراقي الموحد» سامي العسكري إن «جهوداً تبذل لإقناع جماعة الصدر بالتوقف عن الأعمال التي يقومون بها»، مضيفاً أن «صبر الدولة ضاق بهذه الأعمال وأنها لا يمكن أن تكون صبورة إلى الأبد».
وأشار عضو في «الائتلاف» الى أن وفداً منه ذهب إلى مدينة النجف أمس، سعياً إلى الاجتماع مع الصدر وزعماء دينيين آخرين. لكنه لم يكشف عن تفاصيل أخرى.
وقال مسؤول شيعي آخر «يحاولون حل ذلك عبر وسائل سياسية، لكنهم يشكّون في أن ذلك سيسفر عن أي شيء. أصبح الوضع لا يحتمل».
ورأى مسؤول شيعي رفيع المستوى، رفض كغيره الكشف عن هويته نظراً للحساسيات داخل الحكومة، أنه «لا بد من أن يتحرك المالكي الآن». وأضاف «المشكلة الرئيسية التي تواجهها الحكومة الآن هي ميليشيا جيش المهدي».
في غضون ذلك، أكد المالكي، خلال لقائه مع وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس في بغداد أمس، أن المصدر الرئيسي للعنف في العراق هو «الصدّاميون والتكفيريون»، نافياً بذلك ضمناً أن يكون «جيش المهدي» سبباً رئيسياً في تأجيج النزاع الطائفي، كما قالت وزارة الدفاع الأميركية في تقريرها الفصلي الذي نشر الاثنين الماضي.
وقال بيان لرئاسة مجلس الوزراء العراقية إن المالكي شدد خلال الاجتماع على أن «غالبية الأعمال الإرهابية التي تحصل في العراق تنطلق من دوافع سياسية»، معتبراً أن «الصداميين وحلفاءهم من التكفيريين يراهنون على عدم الاستقرار الأمني في البلاد، وذلك في محاولة يائسة لإعادة عجلة التاريخ الى الوراء».
وأفاد رئيس الوزراء بأن «القوات العراقية، بالتعاون مع القوات المتعددة الجنسيات، أكملت وضع اللمسات الأخيرة على خطة أمن بغداد، التي سيتم تنفيذها خلال الفترة المقبلة وفق رؤية جديدة».
أما غيتس فقال، من جهته، إنه ناقش مع المالكي كيف «يمكن مساعدة الحكومة العراقية لتحسين الوضع الأمني في بغداد». وأضاف «أستطيع أن أقول إننا لم نبحث في زيادة القوات وفي حجم الزيادة، فقد ناقشنا الأمر بمنظور شامل، وبحثنا إمكان منح بعض المساعدة الإضافية، ولكن لم نتحدث عن الأعداد».
وأكد غيتس، خلال لقاء مع عدد من الجنود الأميركيين، على الأهمية المركزية للعراق، مقرّاً بأن الوضع لا يتحسن.
وأعرب الوزير الأميركي عن قلقه إزاء «الدور السلبي الذي تؤديه سوريا وإيران خصوصاً في العراق»، مشيراً إلى أهمية فهم السياق الإقليمي الذي يجري فيه الصراع في العراق. وأضاف «يجب أن نتأكد تماماً من أن الجيران يفهمون أننا سنبقى هنا طويلاً، وهنا أعني بها الخليج الفارسي»، ليلتحق، بالتالي، وإن بتوضيح أكثر، برئيسه بوش، الذي أكد أنه لا يمكن لأحد أن يخرج الولايات المتحدة من الشرق الأوسط.
على صعيد آخر، أكد سفير الجامعة العربية في بغداد مختار لماني أمس، أن اتصالات تجري لتنظيم لقاء في عمان بين السفير الأميركي في العراق زلماي خليل زاد وأمين عام «هيئة علماء المسلمين» حارث الضاري، مشيراً إلى أنها «تندرج في إطار الجهود التي نقوم بها لتأمين توافق عراقي والتباحث مع كل الأطراف العراقية والإقليمية والدولية لتسهيل كل ما من شأنه أن يخدم التوافق العراقي ويعمل على وقف نزف الدم في العراق».
ميدانياً، قتل 19 شخصاً وأصيب آخرون في هجمات متفرقة أمس، بينهم 13 من المتطوعين للشرطة قضوا عندما فجَّّر انتحاري يرتدي حزاماً ناسفاً نفسه وسطهم عند مدخل أكاديمية الشرطة في بغداد، فيما أعلن الجيش الأميركي عن مقتل ثلاثة من جنوده في هجمات منفصلة في العراق خلال الأيام الأخيرة.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، أ ب)