strong>مخاوف من حرب عصابات طويلة تغرق الصومال في بحر من الدماء
يبدو أنّ التصعيد الميداني الإثيوبي وجموحه نحو الحسم السّريع، وبـ«الوسائل كافّة»، أجدى نفعاً؛ فمع دخول الاقتتال في الصومال أسبوعه الثاني، بعد استئنافه في 20 الشهر الجاري، يظهر تفوّق طائرات الـ«ميغ» الإثيوبيّة على الزّحف الميليشياوي للمحاكم الإسلامية. بصيغة أخرى، الطيف الإسلامي الذي امتدّ سيطرةً على معظم الأراضي الصّوماليّة ليهدّد آخر معاقل الحكومة في بيداوة، تحوّل في وقت قصير، إلى تقهقر متصاعد. فالانسحاب التكتيكي، الذي صوّره رؤساء ميليشيات المحاكم منفذاً إعلاميّاً ونوعاً من التضليل العسكري، والـ«الجحيم المضاد» المنوي إطلاقه لمواجهة مهاجمي مقديشو، معقل الإسلاميّين، لم يظهر من طرفهما التطبيقي شيئاً.
وتوصيف الحال عسكريّاً الآن يبدو بكل بساطة على هذا الشّكل: القوّات الحكوميّة الصوماليّة، مدعومة بالقوات الإثيوبيّة، على بعد 60 كيلومتراً من مقديشو، والتّراجع الإسلامي مستمرّ، والحسم بالفعل قريب.
وتقدّمت القوات المدعومة من اثيوبيا باتجاه العاصمة الصومالية أمس وانتزعت بلدة جوهر الاستراتيجية، التي تبعد 90 كيلومترا جنوبي مقديشو من القوات الإسلامية في أقرب معركة حتى الآن من معقل «المحاكم».
وقال رئيس الوزراء الاثيوبي، مليس زيناوي، «لدينا مهمة نقوم بها. أكملنا بالفعل نصف مهمتنا وبمجرد الانتهاء من النصف الآخر، ولن يستغرق ذلك وقتاً طويلاً، ستغادر قواتنا الصومال حتى لا يكون لديهم هدف يقاتلون ضده».
وفي إطار الصراع الإريتري ـــ الإثيوبي، علّقت أسمرة، على تطوّر الأحداث، على لسان وزير الاعلام علي عبده، فرأت ان قرار الامم المتحدة الأخير لنشر قوات أفريقية في الصومال «أعطى ضوءاً أخضر للإثيوبيين لغزوه».
وأعلنت الحكومة الصومالية أمس، على لسان المتحدث الرسمي باسمها عبد الرحمن ديناري، أن قوّاتها على وشك السيطرة على مدينة بلد، التي لا تبعد سوى 60 كيلومترا من مقديشو، مؤكدة أن الإسلاميين فروا منها. وقال ديناري «هذه هي المرحلة الأولى من النصر... عندما ينتهي هذا كله سندخل مقديشو بسلام».
وحذّر سفير الصومال لدى إثيوبيا، عبد الكريم فرح، من أن قوات حكومته المدعومة من إثيوبيا ستحاصر مقديشو إلى أن تستسلم قوات الإسلاميين. وقال كريم، في تصريحات صحافية من أديس أبابا، «لن نقاتل من أجل السيطرة على مقديشو لتفادي سقوط ضحايا مدنيين، قواتنا ستحاصر مقديشو إلى أن يستسلموا». وأضاف إنّ قوات الحكومة الانتقالية الصومالية والقوات الاثيوبية تنوي السيطرة على العاصمة الصومالية «بشكل سلمي. لأن الاسلاميين يفرّون من المدينة».
ويصرّ الإسلاميون على أن تراجعهم «خطوة تكتيكية»، فيما يتوعدون بـ«حرب طويلة».
وقال المتحدّت باسمهم، عبد الكافي، «سنقاتل حتى آخر رجل حتى نتأكد من أنه لم تعد هناك قوات إثيوبية في بلادنا».
ويخشى محللون من أن يؤدي تراجع «المحاكم» إلى توغل الجنود الاثيوبيين في مقديشو، وبدء حرب عصابات مطولة على الأرض التي يسيطر عليها الإسلاميون.
دولياً، طالب رئيس الاتحاد الأفريقي، ألفا عمر كوناري، القوات الإثيوبية في الصومال بمغادرة البلاد فوراً. وقال، في بيان له، «ندعو إلى انسحاب القوات الإثيوبية من دون تأخير.. نناشد تقديم دعم عاجل إلى الحكومة المؤقتة وانسحاب جميع القوات والعناصر الأجنبية من الصومال».
ولم يتمكن مجلس الامن الدولي، الذي عقد مساء الثلاثاء جلسة طارئة للبحث في الوضع في الصومال، من الاتفاق على بيان يطلب انسحاب القوات الاجنبية من هذا البلد.
وتعثرت المحادثات بعدما أصرّت قطر على ضرورة أن يطالب البيان بالانسحاب الفوري للقوات الاثيوبية وكل القوات الأجنبية الأخرى من الصومال.
وأصدر المجلس بياناً يدعو قوات الحكومة الانتقالية الصومالية والقوات الاسلامية الى «وقف المعارك فوراً واستئناف محادثات السلام»، على أساس الاتفاقات التي تم التوصل اليها في الآونة الأخيرة في الخرطوم.
وأعرب مجلس مندوبي الجامعة العربية، في ختام أعماله أمس في القاهرة، عن بالغ قلقه من استمرار المواجهات المسلحة في الصومال وما خلفته من ضحايا وتشريد مئات الآلاف من أبناء الشعب الصومالي.
وجدّدت واشنطن دعمها للقوّات الإثيوبيّة في حربها الصّوماليّة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية جونزو جاليجوس، في مؤتمر صحافي في واشنطن، إن «لدى إثيوبيا بواعث قلق أمنية حقيقية بشأن التطورات داخل الصومال، وقدّمت الدعم بطلب من السلطة الحاكمة المشروعة».
(أ ب، أ ف ب، رويترز، إي بي أي، الأخبار)