بول أشقر
18 قتيلاً و20 جريحاً هي حصيلة الليلة الأولى من «الحرب» التي شنتها منظمة مجرمة تحمل اسم «كومندو فرميليو»، أي «القيادة الحمراء»، على مراكز الشرطة البرازيلية في أحياء عديدة من مدينة ريو دي جانيرو وضواحيها.
وتوزعت العمليات، التي ارتفع عددها إلى 12 عملية، بين إطلاق نار على مخافر الشرطة وأفرادها، وبين حرق 7 حافلات، بعد سرق الركاب.
وأسفرت إحدى الهجمات على الحافلات عن مقتل سبعة ركاب، بحسب تقارير الإعلام المحلية، التي ذكرت أنَّ أفراد العصابة فتحوا نيران رشاشاتهم على خمسة من مراكز الشرطة في المدينة، ما أدى الى مقتل اثنين من رجال الشرطة على الأقل.
ووقعت الهجمات في وقت مبكر من صباح الخميس، عندما ذكرت محطة «أو غلوبو» التلفزيونية أن حوالى 30 رجلاً هاجموا محطة قطارات، وأضرموا النار في إحدى المقطورات، ما أدى إلى وفاة ستة أشخاص حرقاً.
وسُجل وقوع بقية القتلى في أربع محطات للشرطة في ريو دي جانيرو، التي تعرضت لهجمات بالقنابل والأسلحة الأوتوماتيكية.
ورجحت المحطة التلفزيونية أن تكون هذه الهجمات محاولات لإطلاق سراح عدد من رؤساء العصابات، الذين أُلقي القبض عليهم في وقت سابق.
وتعيد هذه الحوادث الى الأذهان أحداث شهر أيار الماضي في مدينة ساو باولو حيث سقط ما يقارب 200 قتيل في أكثر من 400 عملية. وفي الوقت نفسه، اندلعت عشرات من الانتفاضات المنسّقة في السجون.
ونسب مسؤولو الأمن في ريو دي جانيرو ما يحدث إلى أسباب مختلفة؛ فقال البعض إنها محاولة لابتزاز الحكومة الجديدة التي ستتسلم مهماتها الأسبوع المقبل، فيما رآها البعض الآخر ردة فعل على سياسة إنشاء ميليشيات خاصة داخل الأحياء الفقيرة لطرد المهرّبين.
وتأتي هذه الهجمات قبل أيام قليلة من رأس السنة، إذ تجري احتفالات يشارك فيها نصف مليون سائح، وقبل أيام على تسلم الحاكم الجديد للولاية منصبه.
وقد أعلن الحاكم الجديد، في أول تصريح له، أنه لن يخضع «لأي نوع من الابتزاز»، وأنه على «أتم الاستعداد للاستنجاد بالقوات المسلحة المركزية إذا لزم الأمر».
وعلى اثر الأحداث الأخيرة، بادرت الشرطة الى محاصرة أحياء البؤس الفقيرة المعروفة باسم «الفافيلا»، والتي تُشرف على الأحياء الغنية.
وتشكل العملية برمّتها تحدياً صارخاً للأمن الذي تعود مسؤوليته إلى شرطة الولاية، لا إلى الحكومة المركزية. وهنا تبرز مشكلة اختراق الشرطة من قبل العصابات.
وفي هذا السياق، شنّت الشرطة عملية كبيرة في 15 من الشهر الجاري، واعتقلت أكثر من 80 من أفرادها لتورطهم في أعمال غير قانونية.
وفي مراجعة شاملة لنوع كهذا من العمليات الجديدة، التي بدأت قبل ثلاث سنوات، يمكن القول إنها تعتمد على مهاجمة كل رموز الشرطة، مستفيدة في الأيام الأولى من عامل المفاجأة، إضافة إلى حرق الحافلات لإرهاب السكان وتعطيل عملية النقل، والاعتماد على التهويل عبر نشر الإشاعات.
ويطلق على قادة هذه العصابات اسم «القيادة الحمراء»، وهي نشأت في السبعينيات عندما بدأت الدكتاتورية العسكرية تسجن المناضلين اليساريين مع المجرمين بغية إهانتهم.
وفي عام 1981، نظّم الخارجون عن القانون صفوفهم وقاموا بأول عملية تحت اسم «الكتيبة الحمراء».
ومع مرور الأيام، أصبح لهم سلطة داخل السجون حيث يديرون أعمالهم، الى درجة أن السلطات عجزت عن تقييد أنشطتهم.
وبعدها، انتقلت «القيادة الحمراء» للسيطرة على «الفافيلات»، التي تحولت إلى ساحات لمعارك طاحنة بين العصابات نفسها وفي مواجهة الشرطة.
وفي مطلع التسعينيات، نشأت منظمة شبيهة تحمل اسم «قيادة العاصمة الأولى»، وتطورت إلى نموذج أعلى على صعيد التنفيذ والتنظيم.