محمد بدير
واشنطن تستعد لإدارة حرب أهلية فلسطينية بإغداق الدعم على عباس وحرسه الرئاسي

كثفت إسرائيل قرعها لطبول الحرب على غزة، التي يبدو أن موعدها اقترب، مع زيادة حدة التحريض الذي يمارسه الجيش لشنّها بسرعة، عشية اجتماع حكومي سيُعقد اليوم لبحث «السياسة العسكرية» الإسرائيلية في القطاع، في وقت تستعد فيه الولايات المتحدة لتنظيم حرب أهلية داخلية فلسطينية، تتوقع اندلاعها قريباً مع زيادة الضغوط الدولية على حركة «حماس»، عبر تعزيز الحرس الرئاسي الفسطيني بالمال والعتاد والتدريب.
تزامن ذلك مع وصول حملات التحريض، التي مارسها الجيش أخيراً لتوسيع العدوان على غزة، إلى ذروتها مع التصريحات التي أطلقها قائد المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي محذراً فيها من تعاظم القدرات العسكرية لحماس عديداً وتدريباً وتسليحاً.
فقد قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت، عقد جلسة للمجلس الوزاري الأمني المصغر، اليوم، لبحث «السياسة العسكرية» الإسرائيلية في قطاع غزة، في ضوء استمرار التهديد الذي تفرضه صواريخ القسام التي تُطلق من مناطق فيه، وتواصل عمليات تهريب الأسلحة إليه.
وفيما قدرت مصادر سياسية إسرائيلية أن الاجتماع لن يفضي إلى قرار بالقيام بعملية عسكرية واسعة النطاق في القطاع عشية زيارة أولمرت إلى الولايات المتحدة بعد أسبوعين، أكدت مصادر أمنية إسرائيلية أن أولمرت وكلاً من وزير الدفاع عمير بيرتس، ورئيس أركان الجيش دان حالوتس، صادقوا أول من أمس على سلسلة من العمليات العسكرية الجديدة يتوقع تنفذيها في الأيام المقبلة داخل القطاع. وقدرت المصادر نفسها أن العمليات المصادق عليها لن تخرج عن نطاق العمليات التي جرى تنفيذها سابقاً.
إلا أن صحيفة «يديعوت أحرنوت» نقلت عن مصادر في الجيش حديثها عن خطط تعدها وحداته لتوسيع النشاط العسكري في قطاع غزة في غضون أيام. وبحسب هذه المصادر، فإن العمليات الجديدة ستكون أوسع نطاقاً وانتشاراً من السابق وستعتمد مبدأ الحرب الخاطفة من دون نية لإطالة المكوث في أي منطقة خشية تحول القوات إلى هدف للمقاومين. وأوضح ضابط رفيع المستوى لـ«يديعوت» أن «الجيش سيمتنع عن السيطرة على مناطق في القطاع والبقاء لفترة طويلة فيها. فالعمليات يجب أن تكون مكثفة ضد البنية التحتية للإرهاب، ضد هؤلاء الذين ينشطون اليوم وضد الذين سينشطون في المستقبل».
وقال الضابط الإسرائيلي «يبدو القطاع هادئاً بشكل نسبي باستثناء بعض الصواريخ التي تطلق يومياً، ولكن وراء ذلك، ما زالت إرادة التنظيمات الإرهابية لتنفيذ عمليات عالية جداً. إن التعاظم الذي يتمثل بتهريب كميات كبيرة من السلاح غير ملموس حتى الآن، ولكن من الممكن أن يكون ملموساً في المستقبل، ويجب وقف ذلك». وأضاف «لا شك في أن حرب لبنان أثرت على مجريات الأمور، لا ينبغي أن نبقى لا مبالين أمام ما يجري في القطاع. يجب أن نتحرك، على الأقل حتى نرى تغييراً داخلياً هناك. وفي الفترة الحالية هذا لا يبدو في الأفق».
وأشارت «يديعوت» إلى أن الجيش يتوقع أن تستخدم المقاومة الفلسطينية عتاداً عسكرياً جديداً، لم يُستخدم في القطاع في السابق، وهي أسلحة «تُذكِّر بتلك التي استخدمها مقاتلو حزب الله في لبنان».
وقال مصدر عسكري للصحيفة نفسها «استخلصنا العبر اللازمة وصدرت كل التعليمات المتعلقة بذلك للقوات العاملة في الميدان».
وواصل الجيش الإسرائيلي أمس حملة التحريض التي بدا واضحاً أنه يمارسها منذ فترة عبر التصريحات والتسريبات الإعلامية المُغرضة، والتي تهدف إلى التهويل على الرأي العام الإسرائيلي مما يحصل في القطاع، توسلاً للضغط على الحكومة للمصادقة على عدوان بحجم واسع. فقد حذر قائد المنطقة الجنوبية في الجيش، يوآف غالانت، من احتمال تمكن حماس من بناء قوة عسكرية بحجم فرقة نظامية (نحو 15 ألف مقاتل) إذا استمرت في «مسار تعاظمها».
وقال غالانت، أمام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، إن حماس «قد تقوم بتشكيل وحدات كوماندو ووحدات ضد الدروع، وقد تتزوّد بأسلحة متطورة كأجهزة الرؤية الليلية»، مضيفاً أن «هناك مسيرة تعاظم لدى حماس في قطاع غزة، على مستوى التدريبات وصناعة الوسائل القتالية وبناء قواتها».
وأشار غالانت، في ختام عرضه، إلى أن الجيش يمتلك الخطط العملياتية لمنع هذا التعاظم، لكنها «بحاجة إلى مصادقة المستوى السياسي»، مشيراً إلى أن الوقت ما زال سانحاً لذلك، لأن حماس «ليست في مرحلة متقدمة من بناء القوة في الوقت الراهن».
وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة «هآرتس» أمس أن الإدارة الأميركية تعمل على تسليح وتدريب قوات حرس الرئاسة الفلسطينية الموالية لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، «بهدف إعدادهم لمواجهات محتملة مع حماس في قطاع غزة».
وبحسب الصحيفة، فإن المعلومات التي وصلت إلى الحكومة الإسرائيلية تفيد أن الجنرال الأميركي كيت دايتون، شارك في الأسبوع الماضي في جلسة ممثلي اللجنة الرباعية في لندن، وعرض على المشاركين خطة تقضي بتعزيز قوة الحرس الرئاسي الفلسطيني، يتولى بموجبها «مدربون من مصر وبريطانيا وربما من الأردن تدريبها».
كما تنص الخطة على تحويل مليوني دولار من أجل إقامة معسكرات تدريب خاصة بالحرس الرئاسي، وذلك كمقدمة لمبلغ أكبر، 26 مليون دولار، سيعمل على إقناع الدول المانحة بتحويله لاحقاً.
وأشارت «هآرتس» إلى أن الولايات المتحدة تريد زيادة عدد أفراد الحرس الرئاسي من 3500 لـ6000، على أن تتولى هي وحلفاؤها عملية التمويل والتدريب. وبحسب «هآرتس»، فإن «الإدارة الأميركية ترى أن الضغط سيؤدي إلى مواجهات لا مفر منها بين فتح وحماس، وفي هذه الحالة من المفضل تعزيز قوة الأجهزة الموالية لمحمود عباس وتجهيزها للتحديات المتوقعة».
يذكر أن وزارة الخارجية الأميركية كانت قد اعتبرت الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة «دفاعاً عن النفس». وقال المتحدث باسم الوزارة، شون ماكورماك، إن إسرائيل «دولة تتمتع بالسيادة. وهي لا تسعى ولا تحتاج الى اذن الولايات المتحدة للتحرك دفاعاً عن النفس». وأضاف «نحن لا نعطي ضوءاً احمر او برتقالياً او اخضر».

يوآف غالانت: ولد في يافا عام 1958. حاصل على إجازة في التجارة من جامعة حيفا. بدأ سجله العسكري عام 1977 ضابطاً بحرياً، وفي عام 1990 انتقل غالانت إلى القوات البرية، وتولى منصب المستشار العسكري لرئيس الحكومة الإسرائيلية قبل أن يتولى قيادة المنطقة الجنوبية