strong>غزة ــ رائد لافي
العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لا يوحي بنهاية
قريبة، فالمجازر أصبحت متواصلة، والبحث عن خيارات لا يزال عاجزاً عن الوصول إلى حلول، ما يشير إلى أن القطاع سيبقى فترة طويلة تحت نيران الاحتلال


لم تكتف قوات الاحتلال الإسرائيلية بالدماء التي أسالتها في بيت حانون أول من أمس، فواصلت أمس ارتكاب المجزرة باغتيال خمسة فلسطينيين جدد، ما يرفع عدد ضحاياها إلى 15 شهيداً، من دون أن تنجح آلة الحرب الإسرائيلية، وبإقرار إسرائيل نفسها، في وقف سقوط الصواريخ الفلسطينية على المستوطنات في الأراضي المحتلة عام 1948.
في هذا الوقت، اعتبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن وجود “حماس” في الحكومة لا يخدم الشعب الفلسطيني، وسط جهود متواصلة للخروج من الأزمة الداخلية، التي لا تزال تراوح مكانها.
واستشهد خمسة فلسطينيين وأصيب نحو 30 آخرين برصاص القوات الإسرائيلية في بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة. وقالت مصادر طبية فلسطينية إن الشهداء هم: بسام الجمال (24 سنة)، وهو مرافق رئيس الوزراء إسماعيل هنية، وعصام أبو عودة (30 سنة)، ويوسف عقل (22 سنة)، وهو أحد عناصر ألوية الناصر صلاح الدين الذراع العسكرية للجان المقاومة الشعبية، والمسنّ أحمد البسيوني (65 سنة)، ومسعدة الحويجي (36 سنة)، وهي ضابط في جهاز الاستخبارات الفلسطينية العامة، استشهدت إثر إصابتها برصاصة أثناء مشاركتها في تظاهرة سلمية بهدف كسر الحصار الاسرائيلي المفروض على مسجد النصر في بيت حانون.
وتحاصر دبابات ومدرعات اسرائيلية المسجد، الذي لجأ إليه قرابة مئة من الرجال والشبان الفلسطينيين في وسط البلدة، بحسب مصدر أمني أوضح ان جيش الاحتلال اعتقل قرابة مئة شخص، بعدما طلب عبر مكبرات الصوت من الذكور الذين تراوح أعمارهم بين 16 و45 سنة الخروج إلى ساحة في وسط البلدة.
وأشار مدير الإسعاف والطوارئ في وزارة الصحة الفلسطينية، الطبيب معاوية حسنين، إلى أن البسيوني استشهد داخل منزله جراء إصابته بعيار ناري أطلقه أحد قناصة الاحتلال، المتمركزين فوق أسطح عدد من المنازل في البلدة المحتلة.
وقال رئيس بلدية بيت حانون، محمد الكفارنة، إن “قوات الاحتلال دمّرت خلال الساعات القليلة الماضية نحو عشرين منزلاً، وألحقت ضرراً كبيراً بالبنية التحتية، وجرفت مساحات من الأراضي الزارعية”. وأضاف أن “قوات الاحتلال عمدت إلى تدمير المنازل وجرف الأراضي لفتح طريق التفافية مغايرة للطريق الرئيسة المعتادة بغية مفاجأة رجال المقاومة الفلسطينية الذين يتصدون للعدوان الإسرائيلي على البلدة، ولتفادي السير على الطرق المعتادة خشية أن يكون المقاومون زرعوها بعبوات ناسفة”.
وعلى رغم العدوان، أعلنت «سرايا القدس»، الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي في فلسطين، مسؤوليتها عن قصف بلدة سديروت بصاروخين من طراز «قدس» المتوسط المدى.
وأكدت «السرايا»، في بيان، «نجاح القوى الفلسطينية في التوحد في خندق المقاومة ونجاح الصواريخ الفلسطينية التي تصيب العمق الصهيوني وتقلق قادته».
وفي هذا السياق، انتقد أعضاء المجلس الوزاري الاسرائيلي المصغر كلاً من وزير الدفاع عمير بيرتس وقيادة الجيش على خلفية عدم بلورة أي خيار عسكري ملائم لمواجهة مشكلة الصواريخ.
وكان المجلس قد عقد جلسة له قبل ثلاثة أيام، للمرة الأولى بمشاركة الوزير الجديد لشؤون التهديدات الاستراتيجية أفيغدور ليبرمان، وذلك لبحث «البدائل المحتملة لمواجهة مشكلة الصواريخ من غزة».
واستمع الوزراء إلى عرض أمني شامل قدّمه رئيس الأركان دان حالوتس، لم يُرفق باقتراح تنفيذ عملية عسكرية.
ووفق أحد الوزراء المشاركين في المجلس، قد «شرحوا لنا مدى ساعة كل الوضع في قطاع غزة، وهي أمور نقرأها على أي حال كل يوم في الصحف، وفي الختام لم يضعوا على الطاولة أي بديل عسكري ممكن»، فيما اعتبر وزير آخر أنه اكتُشف في هذه الجلسة انه «ليس لدى المنظومة الأمنية أي بشرى».
إلى ذلك، دعا الرئيس الفلسطيني، خلال لقائه مساعد وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد ولش ومساعد رئيس مجلس الأمن القومي إليوت أبرامز في مكتبه في رام الله، الإدارة الأميركية الى التدخل لوقف «العدوان» الاسرائيلي على قطاع غزة.
وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، للصحافيين، إن «اللقاء كان معمّقاً وصريحاً وجدياً»، موضحاً ان عباس «أثار عدداً من النقاط، وخصوصاً التصعيد العسكري الاسرائيلي الخطير في غزة وسقوط عشرات الشهداء والجرحى».
وفي الشأن الداخلي الفلسطيني، نقلت أسبوعية «الأهرام ويكلي» عن عباس قوله إن وجود حركة «حماس» في الحكومة لا يخدم الشعب الفلسطيني، وأن الفلسطينيين متذمّرون من الحركة.
وأضاف عباس أن «المشكلة ليست في حماس، ولكن في الأفكار التي لا تزال تحملها»، داعياً إياها إلى القبول بفكرته الداعية إلى تأليف حكومة من التكنوقراط، قائلاً إنها ستساعد على فك الحصار عن الأراضي الفلسطينية وتمهّد لعودة مفاوضات السلام.
في المقابل، ردّ إسماعيل هنية، في تصريح إلى الصحيفة نفسها، بأن أية محاولات لحل الحكومة ستكون قفزة في المجهول. وقال ان حكومة «حماس» ستبقى في السلطة حتى لو حلّها عباس.
إلى ذلك، شدد رئيس الوزراء الفلسطيني أمس على أن المناقشات المتعلقة بتأليف حكومة الوحدة الوطنية لا تزال مستمرة. وأضاف “هناك بعض المسائل التي تخص الشعب الفلسطيني يجب الاطمئنان عليها في شكل لا لبس فيه ولا غموض”.
وأكد هنية أن حكومته “مع حماية المصالح العليا للشعب الفلسطيني ومع تعزيز الوحدة وتخفيف المعاناة وحماية المشروع الوطني الفلسطيني وإنهاء حالة الفلتان الداخلية، وفي مقدمة كل هذه الأمور رفع الحصار”.
من جهته، اعتبر عضو المجلس التشريعي الفلسطيني مصطفى البرغوثي أن المفاوضات الجارية في شأن تأليف حكومة وحدة فلسطينية “وصلت إلى نقطة حاسمة”.
ودعا البرغوثي، الذي عقد في وقت لاحق أمس لقاء مع هنية وعدد من قادة حركة “حماس” في إطار وساطته لتأليف حكومة ائتلاف وطني، جميع الأطراف إلى وقف التصريحات الصحافية بمضمون الاتفاق إلى حين إعلانه. ورأى أن العملية العسكرية الاسرائيلية الحالية في قطاع غزة تستهدف ضرب الجهود المبذولة لإنجاز حكومة الوحدة الوطنية.