اعتاد العاملون في المستشفى العسكري الاميركي في بغداد مشاهد الإصابات المروعة، لكن الأمر كان مختلفاً بالنسبة الى جثة مهترئة لطفل عراقي لم يتجاوز الخامسة من العمر اخترقها الرصاص، وُضعت في كيس لجثث الموتى كبير الحجم. وكان وقع الأمر أسوأ بالنسبة إليهم عندما سمعوا أن أميركياً أطلق النار على الطفل.نُقل الطفل على متن طائرة من التاجي إلى بغداد مساء الاثنين الماضي، وحُمل بسرعة إلى غرفة الطوارئ ملفوفاً بملاءة تحوي دميته وهي على شكل دب أزرق.
وأسرع ستة من الأطباء والممرضات إلى نزع الملاءة عن جسده الصغير العاري، ومزقوا فوراً الضمادات، التي وضعت على عجالة، ليَظهر مرفقه الذي تمزق تماماً وجرح في الرأس نفذ إلى المخ وجروح أخرى قالت ممرضات إنها قد تكون ناجمة عن رصاص أو شظايا قنبلة.
وأجرى ممرض تنفساً صناعياً للطفل في محاولة لإنعاشه رغم أن آخرين قالوا له لا نبض في الجسد أو نزيف من الجروح. وقال أحدهم «لا علامات حيوية فيه». وفي وقت لاحق، أعلنت وفاة الطفل.
وقالت ممرضة اسكتلندية من السلاح الجوي الملكي، تركت طفليها وعمرهما ثلاث وست سنوات قبل ثلاثة اشهر لتعمل في بغداد، «كان ذلك رهيباً». وأضافت، بعد دقائق، «تردد لنفسك في ذهنك أنه بمقدروك التعامل مع ما تراه. لكن لا أعرف كيف أتعامل مع هذا. أياً كان الوقت الذي تمضيه في العمل الطبي، فإن الأطفال ينالون منك كل مرة».
وقال كين ماكنزي، وهو ممرض من لوس انجليس، إن كثيراً من الأطفال يجلبون إلى غرفة الطوارئ. وأضاف «إنه جنون. جاء الينا طفل في الثالثة من العمر. تساءلت أولاً: من الذي يطلق النار على هذا الطفل الصغير؟ إنهم (المسلحون العراقيون) أطلقوا النار على عائلته بأسرها».
وبعد فترة قصيرة، ورد تقرير من الميدان يفيد أن الطفل القادم من التاجي لم يطلق مسلّحون عليه النار. وتساءل ماكنزي «إذن نحن أطلقنا النار عليه؟».
الملابسات لا تزال غير واضحة، لكنه بدأ يتضح أن القوات الأميركية أطلقت النار على الصغير عند نقطة تفتيش.
وألمح الضابط بيل هوايت، وهو ممرض آخر، إلى أن المسلحين قد يكونون استخدموه كطعم للاقتراب من المكان. وقال «إنهم يضعون الأطفال عمداً في السيارات لتطلق عليهم النار».
وأفاد ماكنزي، في وقت لاحق، أن ضابطاً أميركياً حضر من التاجي من أجل تسلم الجثة. وقال «الشخص الذي قتل الصغير جاء لتسلم جثته». واستطرد «قال إن السيارة كانت تسير بسرعة 45 ميلاً في الساعة عند نقطة تفتيش. ولم تخفّف من سرعتها. كان هناك رجل كبير في السيارة والطفل يجلس في المقعد الأمامي. أطلقوا طلقات تحذيرية ولم تتوقف...».

(رويترز)