strong>غزة ــ رائد لافي
الذبح اليومي الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية لم يكتف بمجازر بيت حانون، فانتقل إلى مناطق متفرقة في قطاع غزة والضفة الغربية تحت مرأى ومسمع “المجتمع الدولي”، الذي لا يحرّك ساكناً

وسّعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أمس رقعة اعتداءاتها على الأراضي الفلسطينية، ووصلت إلى الضفة الغربية، حيث سقط 3 شهداء بين نابلس وبيت لحم، في وقت لا تزال فيه المجزرة متواصلة في قطاع غزة، حيث استشهد أمس 19 فلسطينياًَ، بينهم امرأتان خلال تظاهرة نجحت في رفع الحصار عن مسجد النصر في بيت حانون، الذي احتمى فيه أكثر من 50 مقاوماً فلسطينياً، خاضوا معارك عنيفة مع القوات الإسرائيلية، التي اعتقلت وزير الأشغال العامة الفلسطيني.
واستشهدت امرأتان، عندما أطلق الجنود الإسرائيليون النار على مسيرة شاركت فيها مئات النساء باتجاه مسجد النصر في بيت حانون. وقال مسؤولون في المستشفى إن أربع نساء أخريات أصبن بجروح، بينهن واحدة في حال خطرة.
وقال أطباء في مستشفى الشهيد كمال عدوان في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة إن رجاء جبر أبو عودة (40 عاما) وانتصار عبد المجيد علي (40 عاما) وصلتا جثتين هامدتين إلى المستشفى بعدما أصيبتا برصاص جنود الاحتلال الاسرائيلي، مشيرين إلى إصابة 10 نساء آخريات بالنيران الإسرائيلية.
وكانت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي قد ذكرت أن نحو 50 مسلحاً فلسطينياً تحصّنوا داخل المسجد لتجنّب الاعتقال. وأضافت إن القوات الإسرائيلية حاصرت المسجد وطالبت المسلحين “لساعات وساعات” بتسليم أنفسهم وقذفت قنابل الدخان والغازات المسيلة للدموع داخل المسجد لترغمهم على الخروج.
وقالت إحدى النساء المصابات في مستشفى العودة في جباليا، لإذاعة محلية، “قمنا بإدخال ملابس نسائية للمقاومين المحاصرين في المسجد، حيث تمكنوا من الخروج، من دون أن يتمكن الجنود من معرفة انسحابهم إلا بعد انتهاء العملية”.
وقال شهود عيان إن أكثر من 1500 فلسطيني اعتقلتهم قوات الجيش الإسرائيلي من داخل بلدة بيت حانون، واقتادتهم إلى جهات مجهولة عبر شاحنات بعدما قام الجيش بتجميعهم في منطقة كلية الزراعة شمالي البلدة.
واستشهد فلسطيني وأصيب 3 آخرون في غارة مساء أمس على مسجد عبد الله عزام في بيت حانون.
وكان ثلاثة فلسطينيين قد استشهدوا في غارة اسرائيلية استهدفت سيارة كانت تقلهم في حي الشجاعية شرقي غزة.
وقالت “كتائب عز الدين القسام”، الجناح العسكري لحركة “حماس”، في بيان لها، إن ثلاثة من عناصرها استشهدوا في الغارة الإسرائيلية وهم، عمار مشتهى (30 عاماً) وهو قائد الوحدة الخاصة لكتائب القسام في غزة، ومحمد فرحات (23 عاماً)، وهو أحد المرافقين لوزير الاتصالات الفلسطيني، وتامر حلس ( 23 عاما)، وهو أحد القادة الميدانيين لكتائب القسام.
وكان عضوان من كتائب القسام قد استشهدا أيضاً في ساعة متقدمة من ليل الخميس الجمعة في غارة استهدفتهما في مخيم جباليا المجاور لبلدة بيت حانون شمال القطاع، وهما شادي الشريف (25 عاماً) وحسن صلاح (22 عاماً).
وفي بيت حانون، استشهد عضو في “حماس” يدعى صهيب عدوان (21 عاما) برصاص جنود إسرائيليين. وكان عدوان مرافقاً شخصياً لوزير شؤون اللاجئين عاطف عدوان.
كما أعلنت مصادر أمنية استشهاد 4 فلسطينيين هم: أحمد سحويل وحمزة كرسوع وفادي فوزي أبو عودة (16 عاماً) وأحمد حمادين (24 عاماً) جراء إصابتهم بنيران قوات الاحتلال الإسرائيلي في بلدة بيت حانون، مشيرة إلى أن قوات الاحتلال أطلقت النار عليهم بشكل مباشر.
في جباليا، استشهد محمود صباح (23عاماً) نتيجة إصابته بشظايا صاروخ أطلقته طائرة حربية إسرائيلية على مجموعة من المواطنين في شارع السكة شرقي البلدة.
وأعار الطيران الإسرائيلي ليلا على سيارة في بيت لاهيا شمال قطاع غزة، ما أدى إلى استشهاد 3 فلسطينيين كانوا بداخلها.
واستشهدت الطفلة براء فياض (عامان) متأثرة بجروح أصيبت بها أول من أمس بشظايا قذيفة مدفعية استهدفت منزلها في بيت حانون. وكان الانفجار قد أدى إلى جرح سبعة آخرين من أفراد عائلتها.
وفي الضفة الغربية، استشهد أحد أعضاء “كتائب شهداء الأقصى”، التابعة لحركة “فتح” برصاص القوات الإسرائيلية، خلال عملية عسكرية في مخيم بلاطة شمالي مدينة نابلس.
وأشارت مصادر طبية إلى أن الشهيد هو ابراهيم سناكره (16 عاماً)، شقيق قائد “كتائب شهداء الأقصى” في نابلس علاء سناكره، الذي أصيب أيضاً في الهجوم.
وقالت قوات الاحتلال إن سناكره كان يعد سيارة مفخخة قام الجنود الإسرائيليون بعد ذلك بتفجيرها تحت السيطرة.
وفي بيت لحم، استشهد الشاب الفلسطيني عبد الكريم عبيات (17 عاما) برصاص الجيش الإسرائيلي الذي توغل في المدينة لاعتقال مطلوب. كما استشهد الفتى عبد خليل صبح (13 عاماً) متأثراً بجراحه.
من جهة ثانية، قالت مصادر رسمية إن وحدة عسكرية إسرائيلية هاجمت مسكن وزير الأشغال العامة الفلسطيني عبد الرحمن زيدان في مدينة رام الله واعتقلته. وباحتجاز زيدان يصل عدد الوزراء الفلسطينيين المحتجزين لدى إسرائيل إلى خمسة.
إلى ذلك، رأى رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية أن إسرائيل حوّلت قطاع غزة إلى حقل تجارب للأسلحة غير التقليدية التي تستخدم للمرة الأولى.
أضاف هنية، في تصريح للصحافيين عقب خروجه من صلاة الجمعة في أحد مساجد مدينة غزة، “من الواضح أن العملية الإسرائيلية تحمل أكثر من بعد، أولها البعد الداخلي وما ترتّب على فشل الجيش الإسرائيلي وهزيمته في حربه الأخيرة ضد لبنان».
واستهجن هنية الموقف “الصامت المتواطئ” تجاه ما يحدث، مطالباً الجميع بتحمل مسؤولياتهم أمام قتل النساء والأطفال والشيوخ. وقال “أطالب من يطالبنا بالتنازل أن يشاهد ما يجري لكي يرى كيف تمارس إسرائيل الذبح اليومي ضد أبناء شعبنا”.
وفي أول رد فعل دولي على المجازر، طالب الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان إسرائيل بـ“ضبط النفس” وحماية المدنيين خلال العدوان على غزة.
ودانت كل من اليمن وإيران العدوان الإسرائيلي. لكن وزيرة الخارجية البريطانية مارغريت بيكيت أبت إلا أن تدافع عن المجازر، وقالت، في بيان لها، “لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، لكن أي عمل يجب أن يكون متوازناً ومتفقاً مع القوانين الإنسانية الدولية”.
ورأت وزارة الخارجية الروسية أن محاولات حل المشكلات بين الفلسطينيين والإسرائيليين بوسائل القوة لن تحقق أي نتيجة، ودعت الطرفين إلى التخلي عن العنف.