غزة ــ رائد لافيالقاهرة ــ خالد محمود رمضان

لا تزال الساحة العربية والدولية بحاجة إلى المزيد من دماء الفلسطينيين لبدء التحرك الفعلي لوقف العدوان على قطاع غزة والضفة الغربية. فالبيانات الدولية، وبعض العربية منها، أقل من تنديد، وتحمل شبهة الدعم للعدوان

لم توقف سلطات الاحتلال مسلسل الإجرام اليومي في قطاع غزة، ولا سيما في بيت حانون، خلال الساعات الـ 48 الماضية، حيث استشهد 10 فلسطينيين، إضافة إلى قيادي في حركة الجهاد الإسلامي في الضفة الغربية، وسط بيانات “أسف” وإدانة عربية ودولية، دفعت على ما يبدو السلطة الفلسطينية إلى الإعلان عن نيتها التوجه إلى مجلس الأمن لوقف العدوان، الذي بدأت الجامعة العربية استعدادات لعرضه على اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب.
وارتفعت حصيلة عدوان “غيوم الخريف”، المستمر لليوم الخامس على التوالي، في بلدة بيت حانون وحدها إلى 49 شهيداً وأكثر من 250 جريحاً، إضافة إلى دمار كبير طاول عشرات المنازل، وجرف مساحات واسعة من الأراضي الزراعية.
واستشهد أمس ثلاثة فلسطينيين، وأصيب أكثر من عشرين آخرين بجروح متفاوتة. وقالت مصادر طبية فلسطينية إن الشاب مهدي محمد الحمدين (23 عاماً)، استشهد جراء إصابته بعيارات نارية في صدره. كما استشهد الشاب حسام عبيد (24 عاماً)، أحد أفراد الأمن الوطني، بنيران الاحتلال غربي بلدة بيت لاهيا، المجاورة لبيت حانون.
واستشهد عاطف الكحلوت، نائب مدير شرطة المخدرات في مخيم جباليا شمال القطاع، خلال مشاركته في عمليات التصدي لقوات الاحتلال.
وكان ثلاثة فلسطينيين آخرين، بينهم فتاة في الثالثة عشرة من عمرها، قد استشهدوا خلال ساعات ليل السبت ــ الأحد. وقال مدير عام الإسعاف والطوارئ في وزارة الصحة الطبيب معاوية حسنين: إن الشهداء هم إسراء طلال ناصر (13 عاماً)، والشاب زاهر شبات (24 عاماً)، وعمار عمر (22 عاماً).
وكانت غارة إسرائيلية أول من أمس على سيارة في مدينة غزة، قد أدت إلى استشهاد لؤي البورنو (26 عاماً)، مسؤول وحدة التصنيع في كتائب “الشهيد عز الدين القسام”، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
كما أعلنت مصادر طبية أن مروان ابو حربيد (46 عاماً) استشهد بقصف مدفعي على منزله في بيت حانون. وأضافت أن عضواً في “حماس” يدعى إبراهيم البسيوني (18 عاماً) استشهد في بيت حانون أيضاً برصاص جنود إسرائيليين. كما استشهد رائد صيام (30 عاماً) متأثراً بجروح أُصيب بها أول من أمس.
وفي الضفة الغربية، أعلن مصدر أمني فلسطيني استشهاد ثائر حسن (24 عاماً)، المسؤول المحلي في حركة الجهاد الإسلامي في بيت لحم.
في هذا الوقت، أمهلت ثلاث فصائل فلسطينية مسلحة إسرائيل 48 ساعة لوقف العمليات في بيت حانون، مهددة باستئناف العمليات الاستشهادية داخل إسرائيل.
وقال المتحدث باسم لجان المقاومة الشعبية، أبو عبير، خلال مؤتمر صحافي عقدته الفصائل في مدينة غزة، متحدثاً باسم المجموعات الفلسطينية الثلاث، التي تبنت أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، إن هذه المجموعات لا تنوي قتله، لكن الغارات الجوية الإسرائيلية على قطاع غزة قد تعرض حياته للخطر.
وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية الفلسطيني محمود الزهار إن القصف الإسرائيلي لقطاع غزة قد يؤدي إلى مقتل شاليط، لأنه قد يستهدف موقعاً يوجد فيه الجندي.
وحذّر الزهار، في مقابلة مع وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية، من أنه “إذا حصلت إسرائيل على معلومات استخبارية عن مكان وجود شاليط وحاولت اقتحامه، فقد يؤدي ذلك إلى مقتل شاليط وجنود إسرائيليين آخرين، وسنحصل بذلك على أسرى جدد”.
وفي ردود الفعل العربية على العدوان، من المقرر أن يلتئم مجلس الجامعة العربية اليوم على مستوى المندوبين الدائمين في اجتماع طارئ بناء على اتفاق بين الأمين العام للجامعة عمرو موسى والرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وقال المتحدث باسم موسى، هشام يوسف، إن الاجتماع يعد خطوة في سلسلة خطوات يتضمنها تحرك عربي سياسي عاجل للتعامل مع العدوان الإسرائيلي المتواصل والمتجدد على الأراضي الفلسطينية.
وسيناقش الاجتماع عدداً من المقترحات، منها دعم طلب فلسطين عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولي لمناقشة العدوان الإسرائيلي، وإمكان الدعوة إلى عقد اجتماع عاجل لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب للنظر في تداعيات الموقف وكيفية مساندة الموقف الفلسطيني.
وقالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان أول من أمس، إن وزير الخارجية أحمد أبو الغيط «عبّر عن استياء مصر البالغ من العملية... مندداً بالاستخدام المفرط للقوة وعدم مراعاة المدنيين، وهو الأمر الذي يؤدي إلى تولد المزيد من اليأس لدى الفلسطينيين ويزيد تعقيد الموقف، كما يعرقل أي جهود في اتجاه التهدئة والبحث عن حلول سياسية».
كما دعا أبو الغيط الجماعات الفلسطينية إلى وقف إطلاق الصواريخ «للحيلولة دون استفزاز رد فعل».
ودان المغرب، في بيان لوزارة الخارجية، العدوان الإسرائيلي وطالب بالعودة إلى طاولة المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين بلا شروط. وحذر من التصعيد في الأراضي الفلسطينية.
وفي عمّان، نظّمت قوى المعارضة الأردنية اعتصاماً أمام مبنى مجمع النقابات المهنية احتجاجاً على العدوان. وندد المشاركون «بالصمت الرسمي العربي» إزاء ما يجري في الأراضي الفلسطينية، داعين إلى وقف التعامل مع إسرائيل وطرد سفرائها في العواصم العربية.
دولياً، حضّت روسيا، في بيان للمكتب الصحافي التابع لوزارة الخارجية الروسية، إسرائيل والفلسطينيين على وقف إطلاق النار في أسرع وقت ممكن.
وأعرب الاتحاد الأوروبي، في بيان من فنلندا التي ترأس الاتحاد الأوروبي حالياً، عن قلقه إزاء العملية الإسرائيلية الجارية حالياً في شمال قطاع غزة، وقال إنه أصيب بالذعر بشأن استخدام القوة وارتفاع أعداد الضحايا من المدنيين.